فرض زين الدين زيدان، لاعب يوفنتوس وريال مدريد الأسبق، والمدرب الأسطوري للنادي "الملكي"، نفسه بقوة في مجال كرة القدم، بفضل إنجازاته وبطولاته كلاعب ومدرب.
وُلد زيدان يوم 23 يونيو/حزيران 1972، في حي لا كاستيلان بمدينة مارسيليا جنوب فرنسا، لعائلة منتمية لمنطقة أقمون الجزائرية.
هاجرت عائلته إلى فرنسا قبل بدء الحرب الجزائرية، واستقرت في مارسيليا، حيث عمل والده حارساً ليلياً في المستودعات، لكن الوضع المادي كان صعباً لدرجة أن أسرته لم تكن تتناول الطعام معاً لضيق الشقة التي كانوا يعيشون فيها.
قصة حياة زيدان
وعن تلك الأيام، قال زيدان: "كان حلمي شراء حذاء، ولم يكن والدي قادراً على تحمُّل ثمنه، لكن عندما رأيت شخصاً بقدم مقطوعة، عرفت قيمة ما أملك".
في سن 17 عاماً فقط، تعرّف زيدان على فيرونيك فيرنانديز، وهي فرنسية من أصول إسبانية، وسرعان ما تزوّجا عام 1994، وأنجبا أربعة أبناء هم: إنزو (مواليد 24 مارس/آذار 1995)، ولوكا (13 مايو/أيار 1998)، وثيو (18 مايو/أيار 2002)، وإلياس (26 ديسمبر/كانون الأول 2005).
بحسب صحيفة dailystar البريطانية، درست فيرونيك للحصول على درجة علمية في علم الأحياء، لكنها تركت الدراسة لمتابعة شغفها بالرقص، حيث انضمت إلى مدرسة Rosella Hightower Dance School في مدينة كان.
بدأ زيدان مسيرته مع كرة القدم في فريق من ناشئي لا كاستيلان، مروراً بفريق الشباب بنادي كان الفرنسي، حتى صعد إلى الفريق الأول في صيف عام 1990.
خلال فترة شبابه، أُعجب زيدان بالأداء الأسطوري الذي قدمه الراحل دييغو أرماندو مارادونا مع الأرجنتين في نهائيات كأس العالم 1986، وحينها قال عنه: "لقد كان في مستوى آخر عن البقية".
وبعد موسمين مع كان، انتقل زيدان إلى بوردو، ليدافع عن ألوان النادي لمدة 4 مواسم، خاض بعدها أولى تجاربه الاحترافية خارج فرنسا.
مسيرة زيدان مع يوفنتوس
ففي يوليو/تموز من عام 1996، وقّع "زيزو" على عقود انتقاله إلى نادي يوفنتوس، وهو أمر لم تستوعبه الصحافة الفرنسية التي عنونت وكتبت: "زيدان لا يستطيع اللعب لفريق كبير!"، ولقبته بـ"القطة السوداء".
لكن زيدان أثبت قصور نظر الصحافة الفرنسية، وحقق لقب الدوري الإيطالي مرتين مع "السيدة العجوز"، وكأس السوبر الأوروبية مرة واحدة، ومثلها في كأس السوبر الإيطالية، ولقب الإنتركونتيننتال.
دافع "زيزو" عن قميص يوفنتوس في 211 مباراة بجميع البطولات، أحرز خلالها 31 هدفاً وقدم 50 تمريرة حاسمة.
قبل التوقيع مع يوفنتوس، رفض نيوكاسل التعاقد مع زيدان في عام 1996 مقابل مليون ونصف المليون يورو فقط؛ لكون إمكاناته لا تتناسب مع الكرة التي تُلعب في الدوري الإنجليزي، وفقاً لرؤية مسؤولي "الماكبايس" وقتها.
بطل كأس العالم 1998
قاد زيدان منتخب فرنسا، للتتويج بكأس العالم للمرة الأولى في تاريخها، عقب الفوز على البرازيل في نهائي مونديال 1998 بثلاثة أهداف نظيفة، أحرز منها "زيزو" الهدفين الأول والثاني.
وبعدها بعامين، كان زيدان مع كتيبة "الديوك" التي عادت بلقب كأس الأمم الأوروبية (يورو 2000)، بعد الفوز على إيطاليا في النهائي بهدفين لواحد.
لفت زيدان أنظار إدارة ريال مدريد، التي قاتلت من أجل الحصول على خدماته، لكن يوفنتوس أراد وضع شروط تعجيزية من وجهة نظر إدارته، كي لا تتم الصفقة، لتطالب "الميرنغي" بدفع 65 مليون يورو مقابل التخلي عنه.
لكن فلورنتينو بيريز، رئيس ريال مدريد، وضع المبلغ كاملاً على طاولة يوفنتوس وعاد إلى مدريد وزيدان في يده يوم 9 يوليو/تموز 2001.
إنجازات زيدان مع ريال مدريد
ومنذ ذلك التاريخ، فتح زيدان صفحة جديدة من الإنجازات مع الفريق الملكي، وقاده للتتويج بلقب دوري أبطال أوروبا عام 2002 على حساب باير ليفركوزن الألماني بهدفين لواحد، وكان صاحب هدف الفوز الشهير من تسديدة رائعة على الطائر.
كما توّج بلقب الدوري الإسباني مرة واحدة، واثنتين في كأس السوبر الإسبانية، وواحدة في كأس السوبر الأوروبية ومثلها في لقب الإنتركونتيننتال، إلى أن اعتزل يوم 10 يوليو/تموز 2006.
وفي المجمل لعب زيدان 226 مباراة بقميص ريال مدريد، أحرز خلالها 49 هدفاً وقدم 67 تمريرة حاسمة.
وبفضل أسلوب لعبه الذي أبهر المتابعين، خصص المخرجان فيليب بارينو ودوغلاس غوردن 17 كاميرا لمراقبته على المستطيل الأخضر وتحليل تحركاته، من أجل إنتاج فيلم وثائقي سُمي "زيدان لوحة القرن الـ21".
وبالعودة إلى مشوار زيدان دولياً مع منتخب فرنسا، كان "زيزو" مشاركاً في مونديال 2002 الذي أُقصي منه "الديوك" من دور المجموعات.
وعاد "زيزو" بقوة في مونديال 2006، ووصل إلى المباراة النهائية التي خسرها أمام إيطاليا بركلات الترجيح، وشهدت طرده بالبطاقة الحمراء، عقب نطحته الشهيرة للمدافع الإيطالي ماركو ماتيرازي.
وعلق زيدان على هذه اللقطة مؤخراً بالقول: "لست فخوراً بما فعلته، لكنه جزء من مشواري، فالإنسان لا يكون مثالياً على الدوام، أعتقد أن ليزارازو (زميله في منتخب فرنسا) هو الوحيد الذي كان بإمكانه منعي مما فعلته".
ولم يبتعد زيدان عن كرة القدم بعد الاعتزال، وعمل في الإدارة الرياضية لنادي ريال مدريد، بالتوازي مع ذلك انخرط في تلقي دورات في مجال التدريب.
مسيرة زيدان التدريبية
بدأ عمله التدريبي كمساعد للإيطالي كارلو أنشيلوتي في ريال مدريد عام 2013، وساهم من مكانه في تتويج "الميرنغي" بلقب دوري الأبطال للمرة العاشرة في تاريخه.
ثم تولى زيدان تدريب فريق الشباب في ريال مدريد يوم 26 أغسطس/آب 2014، واستمر في منصبه حتى يوم 4 يناير/كانون الثاني 2016.
في ذلك اليوم تسلم زيدان مهمة تدريب الفريق الأول في فترته الأولى، ونجح في قيادة ريال مدريد للتتويج بلقب دوري أبطال أوروبا.
وفي مجمل تلك الفترة، أضاف زيدان لقبين آخرين في دوري الأبطال، ليصبح أول مدرب في تاريخ أوروبا يفوز بالبطولة لثلاث مرات متتالية.
وإلى جانب ذلك، حقق زيدان لقب كأس العالم للأندية مرتين، ومثلهما في كأس السوبر الأوروبي، والدوري الإسباني مرة واحدة، ومثله في السوبر الإسباني.
وبعد ثلاثة مواسم قرر زيدان الرحيل عن ريال مدريد، وذلك يوم 31 مايو/أيار 2018، بعد أيام قليلة من التتويج بدوري الأبطال على حساب ليفربول.
وبعد حقبة زيدان الأولى، تراجعت نتائج ريال مدريد بطريقة كبيرة في موسم 2018-2019، لتستنجد الإدارة بخدماته مجدداً، ليعود مرة أخرى لتدريب الفريق بعد أشهر من رحيله، وبالتحديد يوم 11 مارس/آذار 2019.
في الحقبة الثانية، اكتفى "زيزو" بلقب وحيد في الدوري الإسباني، ومثله في السوبر الإسباني أيضاً، قبل أن يرحل مجدداً نهاية موسم 2020-2021 بعد موسم صفري.
واستقال زيدان من تدريب "الميرنغي" يوم 30 يونيو/حزيران 2021، بعد إخفاقه في التتويج بأي لقب خلال موسم 2020-2021، وعلى الرغم من بقاء موسم ثالث في عقده.
زيدان يحلم بتدريب منتخب فرنسا
ومنذ ذلك التاريخ يقضي زيدان وقته بعيداً عن كرة القدم، ورفض قيادة أكثر من فريق أوروبي كبير، وحسب تقارير أوروبية مختلفة، فإن زيدان يضع عينه على تدريب المنتخب الفرنسي بعد انتهاء مشاركته في كأس العالم 2022 التي تقام في قطر، خلفاً للمدرب ديديه ديشامب.
وكسر زيدان صمته مؤخراً فيما يتعلق بمستقبله التدريبي، وأقر بحماسته من أجل العودة إلى الملاعب بعد حصوله على الراحة.
وقال زيدان في تصريحات تلفزيونية: "بكل تأكيد أريد مواصلة مشواري مع التدريب، ما زلت أملك الحماسة والشغف، كرة القدم هي مصدر شغفي".
وأضاف وفقاً لصحيفة MARCA: "حالياً لا أحلم بشيء، فأنا حققت الكثير في مسيرتي كلاعب وكمدرب، عمري 50 عاماً وأنا راضٍ بما أنجزته، وهذا هو الأهم".
وأجاب زيدان ضاحكاً على سؤال حول ما إذا كان لا يزال يملك شيئاً ليقدمه مع كرة القدم، فقال: "نعم لدي الكثير أو على الأقل شيء ما، أريد أن أكمل هذه المسيرة".