تتجه الأنظار صوب الفرنسي كريستوف غالتيير، مدرب باريس سان جيرمان الجديد الذي خلف الأرجنتيني ماريسيو بوكيتينو.
وعلى الرغم من أن غالتيير لا يملك سيرة ذاتية جبارة، فإنه واحد من المدربين الذين يتمتعون بشخصية قوية، وهوية معروفة في كرة القدم.
من هو كريستوف غالتيير مدرب باريس سان جيرمان الجديد؟
ويُعرف عن غالتيير عشقه للتحديات وخوض تجارب جديدة، ولعل تجربته مع فريق العاصمة الفرنسية ستكون الأصعب فيما لو تم الاتفاق، خاصة أن سان جيرمان متعطش للفوز بدوري أبطال أوروبا، بالإضافة إلى وجود كوكبة من النجوم داخل الفريق مثل ليونيل ميسي، ونيمار، وكيليان مبابي، ليس من السهل التعامل معهم أو السيطرة عليهم.
ولم يُنكر ناصر الخليفي، رئيس باريس سان جيرمان، تفاوض ناديه للحصول على خدمات غالتيير، حيث قال في مؤتمر صحفي: "لدينا قائمة مختصرة من المدربين، ونُجري محادثات مع نادي نيس، وهذا ليس سراً".
وحسب تقارير فرنسية، فلم يتبق سوى القليل من التفاصيل من أجل الإعلان رسمياً عن تعيين غالتيير مدرباً لـPSG، الذي اتفق مع نيس على دفع مبلغ تعويضي يقارب 10 ملايين يورو مقابل آخر عامين في عقد المدرب الفرنسي.
وفي هذه السطور نسلط الضوء على مسيرة غالتيير، الذي وُلد يوم 26 أغسطس/آب 1966، في إقليم بوش دو رون، الواقع في منطقة بروفنس ألب كوت دازور في مارسيليا.
وضع قدمه الأولى في الدوري الفرنسي لاعباً مع نادي مارسيليا موسم 1985-1986، حين تم ترفيعه من شباب مارسيليا إلى الفريق الأول يوم 1 يوليو/تموز 1985.
واستمر غالتيير في الملاعب الفرنسية لمدة اثني عشر عاماً، قضاها متنقلاً بين أندية مارسيليا وليل وتولوز وأنجيه وأولمبيك نيم، كان أفضل إنجازاته فيها حلوله وصيفاً مع مارسيليا لبطولة كأس فرنسا.
وخسر فريق الجنوب الفرنسي تلك المباراة، التي أقيمت على ملعب بارك دو برانس في العاصمة باريس، يوم 10 يونيو/حزيران 1987، أمام غيروندان دي بوردو بهدفين نظيفين.
ورحل غالتيير عن فرنسا وسافر إلى إيطاليا ليلعب موسماً واحداً فقط مع إي سي مونزا، قبل أن يحزم أمتعته صوب الصين، ليدافع عن ألوان نادي إف سي لياونينغ لموسم ونصف، قبل أن يعلن اعتزاله في ديسمبر/كانون الأول من عام 1999.
وما يثير الغرابة في مسيرة غالتيير أن جميع تنقلاته بين الأندية التي لعب لها، سواء في فرنسا، أو إيطاليا، أو الصين، كانت في صفقة انتقال حر، وفق موقع transfermarkt الشهير.
أول مهمة تدريبية لكريستوف غالتيير
وبعد اعتزاله مباشرة وضع غالتيير قدمه الأولى في عالم التدريب، وأصبح مساعداً لبرنارد كاسوني على رأس الإدارة الفنية لمارسيليا.
كما عمل غالتيير مساعداً لمواطنه ألين بيرين، مع نادي العين الإماراتي، في الفترة ما بين 13 يوليو/تموز 2004 حتى 24 أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه.
كما شغل المنصب نفسه مع أندية أريس سالونيك اليوناني، وباستيا، وسوشو، وأولمبيك ليون، وسانت إيتيان في فرنسا، وبورتسموث في إنجلترا.
وبعد 10 سنوات من عمله مساعد مدرب، جاء الوقت كي يتحمل غالتيير المسؤولية وحده، وجاءته هذه الفرصة من بوابة سانت إيتيان يوم 15 ديسمبر/كانون الأول 2009.
استلم غالتيير المهمة وسانت إيتيان يتخبط في مشاكله، والفريق يعاني من الهبوط، ونجح أولاً في إبقائه بين الكبار.
وبعد 4 سنوات من ذلك، قاد غالتيير سانت إيتيان لتحقيق لقبه الأول منذ 32 عاماً، حين حصد معه لقب كأس الرابطة الفرنسية.
وفاز سانت إيتيان بقيادة غالتيير على رين في المباراة النهائية التي أقيمت على ملعب فرنسا الدولي، يوم 20 أبريل/نيسان 2013، بهدف دون رد.
وعاش غالتيير تجربة مماثلة، حين استلم مهامه كمدرب لفريق ليل يوم 29 ديسمبر/كانون الأول 2017، ويومها كان النادي في المركز الثامن عشر ويعاني من دوامة الهبوط.
في ذلك الموسم، نجح غالتيير في إبقاء الفريق في الدوري الفرنسي، لتتحسن النتائج في الموسم الثاني 2018-2019، لينهي "الليغ ون" في المركز الثاني، ليتراجع في الموسم التالي إلى المركز الرابع.
كريستوف غالتيير يقود ليل للفوز بالدوري الفرنسي
لكن غاتيير صنع "المعجزة" مع ليل، وقاد الفريق إلى التتويج بلقب الدوري الفرنسي في موسم 2020-2021، بعدما جميع 83 نقطة، متفوقاً على باريس سان جيرمان بنقطة وحيدة.
لكن المفاجئ أن غالتيير قدَّم استقالته من تدريب ليل يوم 25 مايو/أيار 2021، وذلك بعد يومين فقط من هذا اللقب.
وقال المدرب الفرنسي حينها: "لقد اتخذت قراري وأبلغت به رئيس النادي أوليفييه ليتانغ، برأيي أن 4 سنوات كافية لتواجدي مع ليل".
وأضاف: "كنت سأرحل مع نهاية الموسم مهما كانت النتائج، حتى لو حققت المركز الرابع أو السابع".
وبعدها انتقل غالتيير لتدريب نيس يوم 1 يوليو/تموز 2021، ونجح في إنهاء موسم 2021-2022 في المركز الخامس، بعد أن احتل الفريق المركز التاسع في الموسم الذي سبقه.
ووفق موقع eurosport فإن غالتيير بات يحظى باحترام جميع مكونات اللعبة في فرنسا، حيث نجح في تطوير وتحسين جميع الفرق التي عمل معها.
ويبدو أن غالتيير يتمتع بثقة عالية في نفسه، وقال ذات يوم إنه ليس مدرباً عادياً، بل هو فريد من نوعه، ومختلف عن نظرائه، في إدارته للمشاريع الرياضية التي يعمل بها.
وعن تركه لبطل فرنسا والانتقال لتدريب نيس، علق غالتيير حينها: "من الواضح أن هذا تحدٍّ جديد، لكني أعرف ما أريد، وأعرف إلى أين أريد أن أذهب، وأنا مقتنع تماماً بأني في المشروع الصحيح".
ولا يترك غالتيير صغيرة أو كبيرة، فيما يتعلق بمهام اللاعبين على أرض الملعب، إلا ويتدخل بها، وينظر إلى المدافعين والمهاجمين على حد سواء.
وقال عنه الغابوني بيير إيمريك أوباميانغ، حين لعب تحت إمرته في سانت إيتيان: "لقد وثق بي غالتيير في وقت كان كثيرون سيديرون ظهورهم لي، لقد منحني القوة للاستمرار في تسجيل الأهداف".
كريستوف غالتيير ينال إشادة أنشيلوتي ومورينيو
كذلك أشاد جوزي فونتي، مدافع ليل، بغالتيير وقال: "طلب مني أن أشارك في بناء الهجمة، وهذا الأمر هزني في البداية، إنه يعرف ما يريده من كل لاعب".
وخلال السنوات الأربع التي قضاها مع ليل، أتيحت لغالتيير فرصة المشاركة في مسابقة دوري أبطال أوروبا، واللعب ضد أندية ومدربين كبار.
ولعب غالتيير ضد توماس توخيل، حين كان مدرباً لباريس سان جيرمان، وعاد لمواجهته مرة أخرى في دوري أبطال أوروبا عندما أصبح الألماني مدرباً لتشيلسي.
وقال توخيل عنه: "لديَّ احترام كبير لغالتيير، هو مدرب قوي".
وبعد مواجهة تشيلسي وليل في دوري الأبطال في موسم 2021-2022، كان غالتيير مع نيس، لكن بصمته كانت حاضرة، حيث صرح توخيل: "كان لديهم مدرب رائع للغاية، وكانوا منافسين أقوياء، كان من الصعب للغاية اللعب ضدهم، حيث كانت جودة اللاعبين استثنائية بفضل غالتيير".
ولا يُعتبر توخيل هو الوحيد الذي أشاد بعمل غالتيير، حيث انضم البرتغالي جوزيه مورينيو لقائمة المعجبين بعمل المدرب الفرنسي.
وقال "السبيشل ون": "ربما يكون الآخرون أفضل، لكني أعتقد أنه (كريستوف غالتيير) هو مدرب العام، لقد تأهل بالفريق إلى دوري أبطال أوروبا، وطور أداءهم وطوّر اللاعبين الشباب، أعتقد أن المُلّاك سعداء لأن لديهم لاعبين بهذه الكفاءة".
ورصدت العين الخبيرة للإيطالي كارلو أنشيلوتي عمل غالتيير، حين كان الأول مدرباً لباريس سان جيرمان في موسم 2012-2013.
وصرح أنشيلوتي حينها: "لقد قضى (غالتيير) فترة رائعة في سانت إيتيان، حيث تميز فريقه دائماً لتقديم أداء ذي جودة عالية، أتمنى لصديقي كريستوف كل النجاح في المستقبل".