حفر حسن شحاتة، مدرب منتخب مصر ولاعب الزمالك الأسبق، المُلقب بـ"المعلم"، اسمه في تاريخ الكرة المصرية بأحرف من ذهب، بعد إنجازاته غير المسبوقة مع "الفراعنة"، ومسيرته كلاعب سواء في بلاده أو في رحلة احترافه.
وُلد حسن شحاتة يوم 19 يونيو/حزيران عام 1947، وخطا أولى خطواته مع كرة القدم في عمر مبكر مع نادي كفر الدوار، المنافس في الدرجة الثانية وقتها، قبل أن ينتقل إلى صفوف الزمالك بعمر العاشرة.
قصة حياة "المعلم" حسن شحاتة
في عمر العشرين ارتقى شحاتة إلى الفريق الأول بـ"أبناء ميت عقبة"، قضى معهم ثلاثة مواسم، ليقرر السفر إلى الكويت واللعب في صفوف نادي كاظمة يوم 1 يوليو/تموز 1969، بعد توقف الدوري المصري على خلفية اندلاع حرب 1967.
دافع شحاتة عن ألوان الفريق لموسمين، حصد خلالهما جائزة أفضل لاعب في آسيا عام 1970، قبل أن يعود إلى الزمالك مرة أخرى عام 1971.
ومنذ ذلك العام، بقي شحاتة وفياً لنادي الزمالك ولم يبدل الألوان لمدة 12 عاماً، حتى قرر الاعتزال يوم 1 يوليو/تموز 1983.
وحسب وسائل إعلام مصرية، فإن شحاتة سجل 102 هدف بقميص الزمالك، منها 77 هدفاً في مسابقة الدوري المصري، و10 بكأس مصر، و6 في البطولات الإفريقية، و9 أهداف في بطولة "كأس أكتوبر".
بفضل هذه الأهداف ظل حسن شحاتة هو الهداف التاريخي لنادي الزمالك لسنوات عديدة، حتى تمكن اللاعب عبد الحليم علي من تخطيه. كما سجل "المعلم" أول أهداف "القلعة البيضاء" في المسابقات الإفريقية، وهو صاحب أول ثنائية إفريقية سجلها في شباك الأهلي طرابلس الليبي.
وحصد شحاتة جائزة أفضل لاعب في كأس الأمم الإفريقية عام 1974، وبفضلها أصبح اللاعب الوحيد في تاريخ الكرة المصرية، الذي يحقق جائزة الأفضل في قارتي آسيا وإفريقيا.
وتُوِّج شحاتة مع الزمالك بلقب الدوري المصري مرتين، وفي المناسبتين كان "المعلم" هدافاً للمسابقة.
وحقق شحاتة لقب موسم 1976-1977 وحينها سجَّل 17 هدفاً، ولقب دوري موسم 1979-1980 ووقتها سجل 14 هدفاً.
ومن ضمن إنجازاته الفردية، فاز شحاتة بجائزة لاعب العام في مصر وذلك في عام 1976، كما اقتحم قائمة المرشحين للفوز بجائزة "فرانس فوتبول" للأفضل في إفريقيا عام 1974.
قصة هدف حسن شحاتة الملغى في الأهلي
وكان شحاتة بطل واقعة تاريخية، ما زالت تثير الجدل حتى يومنا هذا، بعدما ألغى له الحكم الراحل محمد حسام، هدفاً أحرزه وقتها في شباك الغريم الأهلي يوم 14 مايو/أيار 1982.
ورفع المساعد عبد الرؤوف عبد العزيز رايته، معلناً وجود شحاتة في موقف تسلل، لكن الإعادة التلفزيونية أثبتت عدم صحة قرار الحكم.
وتسبب إلغاء هذا الهدف في تحويل لقب الدوري من الزمالك إلى غريمه الأهلي، بعد انتهاء تلك المباراة بالتعادل الإيجابي بهدف لكل منهما.
ووفق موقع "اليوم السابع" المصري، فإن شحاتة استبعد فرضية المؤامرة أو وجود ترصُّد ضد فريقه أو محاباة للأهلي، وقال: "عندما أشار الحكم بوجود تسلل سيطرت عليّ الدهشة لدقائق، لكنني تعاملت مع القرار بأعصاب هادئة".
وأضاف: "لم أتحدث مع الحكم محمد حسام رحمه الله أو مع عبد الرؤوف عبد العزيز، ما حدث لم يعكر صفو العلاقة الجيدة بين إدارتَي ولاعبِي الفريقين".
وبعد اعتزاله عام 1983 اقتحم شحاتة سلك التدريب، وخاض تجارب عديدة في الملاعب العربية، مع أندية الوصل الإماراتي والمريخ السوداني والشرطة العُماني وأهلي بني غازي الليبي.
بعد ذلك عاد شحاتة إلى مصر، وتولى مسؤولية تدريب بلدية المحلة يوم 1 يوليو/تموز 1996، قبل أن ينجح في قيادة أندية المنيا والشرقية ومنتخب السويس للصعود من الدرجة الثانية إلى الدوري الممتاز في الفترة بين أعوام 1996 و2000.
كما خاض تجارب أخرى مع ناديي الشمس ومزارع دينا، قبل تسلُّمه مهمة تدريب منتخب مصر تحت 23 عاماً، وقاده للفوز ببطولة كأس الأمم الإفريقية للشباب عام 2003 في بوركينا فاسو، ومن ثم التأهل إلى كأس العالم للشباب.
ولمع اسم حسن شحاتة في سماء التدريب بالكرة المصرية، عندما تسلم قيادة الإدارة الفنية لفريق المقاولون العرب يوم 1 يناير/كانون الثاني 2004.
في تلك الفترة تحدى شحاتة كبار الأندية المصرية، ونجح في التتويج بكأس مصر بعد الفوز على الإسماعيلي في نصف النهائي، وعلى الأهلي في المباراة النهائية يوم 2 يوليو/تموز 2004 بهدفين لواحد.
مسيرة شحاتة مع "المقاولون" لم تقف عند هذا الحد، بل واصل تألقه ليحصد بطولة كأس السوبر المصرية على حساب الزمالك بالذات، بعد الفوز عليه بأربعة أهداف لواحد يوم 10 سبتمبر/أيلول 2004.
إنجازات حسن شحاتة مع منتخب مصر
وبعد هذه النتائج المدوية بأقل من شهرين، أعلن الاتحاد المصري لكرة القدم تعيين شحاته مدرباً لمنتخب "الفراعنة" وبالتحديد يوم 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2004، خلفاً للإيطالي ماركو تارديلي.
ومنذ ذلك التاريخ، بدأت رحلة احتكار الكرة المصرية لبطولة كأس الأمم الإفريقية، التي تُوج بها "الفراعنة" تحت قيادة "المعلم" ثلاث مرات متتالية أعوام 2006 و2008 و2010.
وفي نسخة 2006، تصدَّر المنتخب المصري المجموعة الأولى بفوزين وتعادل، قبل أن يواصل طريقه نحو اللقب بفوزه على جمهورية الكونغو والسنغال وساحل العاج على التوالي.
أما في نسخة 2008، فأنهى "الفراعنة" دور المجموعات في صدارة المجموعة الثالثة بفوزين وتعادل أيضاً، قبل أن يطيحوا بأنغولا وساحل العاج بالأدوار الإقصائية، ثم الكاميرون في النهائي بهدف محمد أبو تريكة.
واستمر شحاتة على رأس الإدارة الفنية "للفراعنة" في نسخة 2010، وفيها تجاوز المصريون دور المجموعات بالعلامة الكاملة بعد الفوز على نيجيريا وبنين وموزمبيق في المجموعة الثالثة.
وفي مباريات خروج المغلوب فازت مصر على الكاميرون 3-1 في ربع النهائي، وحققت انتصاراً عريضاً على الجزائر 4-0 في نصف النهائي، قبل أن يسجل محمد ناجي جدو هدف الفوز بالبطولة في شباك غانا بالنهائي، ليصبح المدربَ الوحيد في إفريقيا الذي حقق هذا الإنجاز على التوالي.
ولعب شحاتة مباريات أسطورية مع منتخب مصر في كأس القارات عام 2009، وخسر بصعوبة بالغة من البرازيل 3-4، ثم فاز على إيطاليا بطلة مونديال 2006 بهدف محمد حمص، قبل الخسارة الصادمة من أمريكا بثلاثية نظيفة.
ولم يُكتب النجاح لشحاتة في قيادة مصر للتأهل إلى نهائيات كأس العالم بألمانيا 2006، بعد الخسارة من الجزائر في المباراة الفاصلة التي أقيمت في أم درمان بالسودان يوم 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2009، بهدف وحيد نظيف سجله عنتر يحيى.
وحينها وقعت مصر مع الجزائر في المجموعة الثالثة ضمن التصفيات الإفريقية المؤهلة لكأس العالم، ونجح كل منهما في حصد 13 نقطة، وتبادلا نتيجة الفوز.
وفاز محاربو الصحراء في الجولة الثانية يوم 7 يونيو/حزيران 2009 بثلاثة أهداف لواحد، بينما رد المصريون اعتبارهم في الجولة السادسة يوم 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2009 بهدفين نظيفين.
وكانت الصدمة في مسيرة شحاتة التدريبية مع منتخب مصر حين فشل في بلوغ نهائيات أمم إفريقيا 2012 في غينيا الاستوائية والغابون، ليودع الفريق من التصفيات.
استقالة حسن شحاتة من تدريب منتخب مصر
وعلى أثر ذلك، اجتمع شحاتة مع رئيس "الجبلاية" حينها سمير زاهر، ليقدم بعده استقالته رفقة جهازه المعاون، من تدريب المنتخب المصري يوم 6 يونيو/حزيران 2011.
وكان بيتروجيت هو آخر فريق يتولى شحاتة تدريبه عام 2016، ومنذ ذلك الحين ابتعد "المعلم" عن عالم كرة القدم.
وفي يوم 11 أبريل/نيسان 2022 علق شحاتة على احتمالية عودته لتدريب المنتخب المصري خلفاً للبرتغالي كارلوس كيروش، وقال: "وارد جداً أن أعود للتدريب مرة أخرى، ولا مشكلة عندي في ذلك".
واستدرك شحاتة: "لكن لا أحد يريد عودتي، يجب أن نبتعد عن المجاملات والنفاق من أجل تحقيق النجاح، ولو عملنا دون نفاق أو مجاملة فسننجح".