ارتفعت أسهم الفرنسي باتريس بوميل، لتسلم مهمة تدريب منتخب مصر، خلفاً للمدرب الوطني إيهاب جلال، الذي أُقيل من المنصب بعد مرور نحو شهرين فقط، خاض خلالهما المنتخب تحت إمرته 3 مباريات فقط.
ولا يملك بوميل أي سيرة حقيقة كلاعب، لكنه يتمتع بخبرة واسعة مع كرة القدم الإفريقية، خلال عمله مع بعض منتخبات القارة السمراء، في السنوات العشر الأخيرة.
من هو باتريس بوميل المرشح لقيادة منتخب مصر؟
وُلد بوميل يوم 24 أبريل/نيسان 1978 في مدينة أرل، الواقعة بإقليم بوش دو رون بجنوب فرنسا، لوالد كان لاعباً مغموراً.
عُرف عن بوميل ميله إلى التدريب منذ طفولته، ليتولى أولى مهامه التدريبية مع فريق أشبال نيم أولمبيك وهو في السابعة عشرة من عمره.
كانت هذه الخطوة بعد مسيرة قصيرة كلاعب، حين لعب بصفوف الفريق نفسه مع الناشئين ثم الرديف، لم يقدم معه ما يشفع له بإكمال مسيرته في الملاعب.
وأثناء حياته الجامعية، درّب بوميل فريق غراو دو رواع عام 2005، إلا أنه أنهى دراسته وحصل على شهادة في التربية الرياضية.
تغيرت حياة بوميل بعدما قابل مواطنه هيرفي رينارد من قبيل الصدفة، في مقر الاتحاد الفرنسي، إذ انصهر معه فكرياً وفلسفياً في كرة القدم، ليتفق الرجلان على العمل معاً، وقبل بارتريس العمل مساعداً للمدرب.
قبلها عمل بوميل مساعداً للبرتغالي مانويل جوزيه مع منتخب أنغولا عام 2010، ثم مساعداً للمدرب في فريق اتحاد العاصمة الجزائري عام 2011.
شراكة طويلة مع رينارد
بدأ بعدها بوميل مسيرة مهنية مع رينارد امتدت قرابة 10 أعوام، وبالتحديد مع منتخب زامبيا يوم 1 يناير/كانون الثاني 2012.
ذُهل بوميل مما رآه بأم عينيه في زامبيا فيما يتعلق بكرة القدم، وقال: "تُلعب المباريات هناك في الصباح الباكر أينما ذهبت في البلد كله، كرة القدم تُلعب في زامبيا صباحاً وظهراً ومساء، إنه أمر لا يصدق!".
وفي كأس الأمم الإفريقية عام 2012 التي أقيمت في الغابون وغينيا الاستوائية، منح بوميل ورينارد منتخب زامبيا اللقب الأغلى في القارة السمراء، وذلك للمرة الأولى والأخيرة حتى هذه اللحظة.
انتهت مسيرة الرجلين في يوليو/تموز 2014، وبعد أقل من شهر تسلم بوميل رفقة رينارد أيضاً تدريب منتخب ساحل العاج.
وكما فعلا مع زامبيا، أعاد الرجلان المنتخب الإيفواري إلى منصات التتويج وللمرة الثانية، وحققا لقب كأس أمم إفريقيا 2015 على حساب غانا.
بعد الرحلة الإيفوارية الرائعة، وصل رينارد وبوميل إلى الشمال الإفريقي، وتسلما تدريب المنتخب المغربي يوم 16 فبراير/شباط 2016، وأعادا "أسود الأطلس" للمشاركة في كأس العالم 2018 في روسيا، لأول مرة بعد غياب استمر 20 عاماً.
كانت التجربة المغربية هي الشراكة الأخيرة بين الرجلين، اللذين انفصلا لاحقاً، وتحديداً عندما توجه رينارد لاستلام تدريب المنتخب السعودي.
ويومها قال رينارد لبوميل: "سأذهب وحدي إلى السعودية، جاء الوقت لتجد طريقك".
كانت هذه الكلمات بمثابة إعلان واضح عن انتهاء حقبة مميزة، وبداية أخرى تحيط بها الكثير من التحديات، خاصةً أن بوميل لم يدرب أي فريق وحده، باستثناء فترة قصيرة للغاية مع زامبيا 2014، قبل أن يعود مجدداً ظِل رينارد.
بعد سفر رينارد إلى السعودية، استلم بوميل تدريب منتخب المغرب الأولمبي يوم 1 أغسطس/آب 2019، مقابل راتب ضخم، لكنه فشل في التأهل إلى دورة الألعاب الأولمبية الصيفية طوكيو 2020.
تعرض بوميل لحملة انتقادات عنيفة من الصحافة المغربية، التي وصفته بأنه "أغنى عاطل عن العمل في العالم"، الأمر الذي أحرج الاتحاد المغربي.
وأهدى بوميل فرصة رائعة لاتحاد اللعبة في المغرب من أجل التخلص منه، بعدما نجح أحد المحامين، في يناير/كانون الثاني 2020، في إثبات عدم حضور المدرب الفرنسي لمزاولة عمله، وهو ما يخل ببنود العقد، وبالتالي تم فسخه من طرف واحد.
أول مهمة كبيرة
عاد بوميل مرة أخرى إلى ساحل العاج يوم 4 مارس/آذار 2020، ولكن هذه المرة من باب المدير الفني وليس مساعداً لأحد.
قاد بوميل المنتخب الإيفواري في 20 مباراة، فاز في نصفها، بينما تعادل في خمس وخسر مثلها، قبل أن يترك وظيفته يوم 6 أبريل/نيسان 2022، بعد انتهاء عقده.
ويومها فضّل اتحاد اللعبة في ساحل العاج عدم تمديد عقد المدرب الفرنسي، خاصةً أنه فشل في التأهل للدور الحاسم من التصفيات الإفريقية المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم 2022.
وبعد خسارته أمام الكاميرون في الجولة الأخيرة من الدور الثاني المؤهل لكأس العالم، فتح بوميل النار على الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، بسبب الحصة الممنوحة للقارة الإفريقية في كأس العالم، والمتمثلة في تأهل 5 منتخبات فقط من أصل 54 دولة.
وقال بوميل: "من العار أن منتخبات قوية مثل ساحل العاج لن تشارك في المونديال، أنا موجود في إفريقيا منذ 2008، وأريد القول إنّ تأهل 5 منتخبات فقط لكأس العالم كارثة".
وقاد بوميل منتخب "الأفيال" في 4 مباريات بكأس الأمم الإفريقية الأخيرة التي استضافتها الكاميرون، فاز في اثنتين وتعادل مثلهما.
فاز في الافتتاح على غينيا الاستوائية بهدف نظيف، ثم تعادل مع الغابون بهدفين لمثلهما، قبل أن يحقق فوزاً كبيراً على منتخب الجزائر (حامل لقب 2019) بثلاثة أهداف لواحد، ويقصيه من البطولة.
وتوقفت مسيرة "الأفيال" في البطولة عند حدود الدور ثمن النهائي، بعدما اصطدموا بمنتخب مصر، وخسروا بركلات الترجيح بنتيجة 4-5، عقب انتهاء الأشواط الأربعة في تلك المباراة بالتعادل السلبي.
ودائماً ما يرتدي بوميل القمصان ذات اللون الأبيض، أسوة بمعلمه هيرفي رينارد، كما أنه يفضل العيش في البلاد التي يعمل مدرباً لمنتخباتها، عكس غالبية المدربين الأجانب.