تابعت الجماهير المغربية، مباراة المغرب وجنوب إفريقيا بمشاعر متناقضة، انشطرت بين الرغبة في الفوز، ورغبتهم في الهزيمة لتسريع وتيرة رحيل المدرب الفرنسي وحيد خليلوزيتش.
ومباشرة بعد نهاية مباراة جنوب إفريقيا، التي جرت على ملعب المجمع الرياضي الأمير مولاي عبد الله بالرباط، واجهت الجماهير الحاضرة المدرب الفرنسي بصافرات الاستهجان، رغم الفوز.
وعلى غير عادته، رد خليلوزيتش بالتصفيق على هذه الاحتجاجات، بعدما بات الرجل مقتنعاً أنه كسب عداء الجمهور والإعلام وحتى معظم مسؤولي الاتحاد المغربي لكرة القدم.
وخلال الأيام القليلة الماضية، أبعد فوزي لقجع، رئيس الاتحاد المغربي، فرداً من الطاقم الفني للمنتخب المغربي بتهمة "زرع الفتنة" داخل المنتخب وفي محيطه.
وحسب مصادر "عربي بوست" فإن الأمر يتعلق بالمسؤول الإعلامي عن المنتخب الوطني المغربي أمين مازين بسبب اتهامه بإحداث مجموعة من الخلافات بمحيط "أسود الأطلس"، سواء بين بعض اللاعبين والمدرب خليلوزيتش، أو بين الأخير وبعض أفراد طاقمه الفني.
وأوضحت المصادر أن "استبعاد المسؤول المذكور عن المنتخب الوطني المغربي، يعود إلى اكتشاف تسببه في العديد من المشاكل، خاصة في ترجمة بعض المعطيات للمدرب".
ومن أبرز المشاكل التي أثارها المكلف بالتواصل، الذي كان ضمن مهامه الإشراف على بعض حسابات خليلوزيتش في مواقع التواصل الاجتماعي، أن بعض تدويناته أثارت مشاكل بين المدير الفني خليلوزيتش وبين مساعديه، وبعض اللاعبين، كما أنه لم يكن ينقل بعض المحادثات والمعطيات حرفياً، ما أفرز سوء فهم بعضها.
ويرتقب أن يعين الاتحاد المغربي مسؤولاً جديداً داخل المنتخب الوطني في الفترة المقبلة، لحل مشكل التواصل، الذي بات يؤرق فوزي لقجع في الآونة الأخيرة.
وتعد هذه المرة الثالثة التي يتغير فيها المسؤول الإعلامي عن المنتخب الوطني في عهد فوزي لقجع، بعد أن استُبعدت في وقت سابق دنيا الأحرش، التي رافقت المنتخب الوطني إلى مونديال روسيا صيف عام 2018.
ويرغب الاتحاد المغربي في قطع الطريق أمام نشر بعض المعطيات غير الدقيقة، في الوقت الذي يحتاج فيه المنتخب الوطني إلى الاستقرار، والكثير من المؤازرة، في ظل انشغاله بالاستعداد لنهائيات كأس العالم لنقل صورة إيجابية للعالم عن الكرة المغربية.
أزمة صامتة
لم يعقد وحيد خليلوزيتش، مدرب المنتخب الوطني المغربي، مؤتمراً صحفياً، كما جرت العادة بذلك، قبل مباراة جنوب إفريقيا، كما لم ينظم الاتحاد المغربي، حصة إعدادية مفتوحة لوسائل الإعلام، التي عادة ما تسبق المباراة الرسمية.
وعزت مصادر "عربي بوست" قرار المدرب إلى علاقة الأخير، المتشنجة مع وسائل الإعلام المغربية، والتي زادت من حدتها السقطة المدوية أمام الولايات المتحدة الأمريكية.
واكتفى خليلوزيتش بتسجيل جزء من إحدى الحصص الإعدادية الأخيرة، وبثه على الموقع الرسمي للاتحاد المغربي على الإنترنت، ضارباً عرض الحائط، بالإجراءات المعمول بها في مثل هذه المناسبات، في جميع المنتخبات الوطنية عبر العالم، في جميع المسابقات، حيث تفتح الحصة الإعدادية الأخيرة لوسائل الإعلام، ويعقد مؤتمر صحفي قبل المباريات.
واعتبرت المصادر أن إلغاء المؤتمر الصحفي والحصة الإعدادية المفتوحة، كشف وجود أزمة صامتة داخل المنتخب الوطني، قد يكون سببها علاقة خليلوزيتش ببعض اللاعبين، الذين لم يعودوا يطيقون طريقته في التدريب.
ويواجه خليلوزيتش سخطاً كبيراً من قبل الجمهور المغربي، ومسؤولين بالاتحاد المغربي لكرة القدم، بعد الهزيمة الثقيلة أمام الولايات المتحدة الأمريكية، والطريقة التي لعب بها، وتوظيفه السيئ للاعبين، ما كشف وجود اختلال كبير في دفاع المنتخب.
جدير بالذكر أن الاتحاد المغربي، خرج قبل ساعات عن انطلاق مباراة جنوب إفريقيا ببيان، يوضح فيه سبب عدم عقد المؤتمر الصحفي، ومنع ممثلي وسائل الإعلام من حضور حصة إعدادية مفتوحة.
وذكر البيان أن الأمر يتعلق بـ"إجراء احترازي استثنائي بعد إصابة عدد من أفراد الجهاز الطبي والفني للمنتخب الوطني بفيروس كورونا عقب إجراء المباراة الودية الأخيرة أمام منتخب الولايات المتحدة الأمريكية".
الركراكي وعموتة على دكة البدلاء
في لقطة غريبة، تفاعل الجمهور المغربي في المقاهي داخل المدن المغربية، مع الهدف الأول، الذي سجله المهاجم الجنوب إفريقيا فوستير في مرمى حارس المنتخب المغربي ياسين بونو.
وأطلق مرتادو المقاهي "صرخة فرح"، ظن معها من كان لا يشاهد المباراة أن منتخب المغرب هو من سجل الهدف، حيث "استبشر" الجمهور بهزيمة قد تطيح بوحيد خليلوزيتش، قبل المونديال.
ويتخوَّف الجميع من "فضيحة" على الملاعب القطرية أمام منتخبات من حجم بلجيكا وكرواتيا وأيضاً كندا، في ظل المستوى المتذبذب والدفاع المتراخي الذي يميز "أسود الأطلس" مع وحيد خليلوزيتش.
زاد تفاقم المشاكل بين الأخير وبين لاعبين جدد في حدة هذا التخوف، على رأسهم أشرف حكيمي الذي دخل في مشادات كلامية مع مدرب المنتخب المغربي بعد مباراة الولايات المتحدة، وقائد الفريق غانم سايس، الذي لم يُخفِ عدم رضاه في عدة تصريحات عن المستوى الذي يلعب به المنتخب الوطني.
وانتشرت في الساعات الأخيرة أنباء، رشحت الثنائي الحسين عموتة، المدرب الحالي للمنتخب المغربي للاعبين المحليين، ووليد الركراكي الذي قاد أخيراً الوداد الرياضي للفوز بدوري أبطال إفريقيا، لتولي قيادة المنتخب المغربي خلفاً لوحيد.
غير أن مسؤولاً بارزاً داخل الاتحاد المغربي نفى الموضوع، وقال إن "خليلوزيتش هو المدرب الحالي للمنتخب الوطني، وحقق المطلوب بانتزاعه فوزاً مهماً أمام جنوب إفريقيا، ولا يمكن تغيير مدرب يفوز في المباريات الرسمية".
غير أنه لم ينفِ في المقابل أن الاتحاد المغربي كان قريباً من إقالة خليلوزيتش، بعد "كان الكاميرون" الأخير، لولا أن المدرب الفرنسي رضخ لشروط الاتحاد المغربي، وصالح بعض اللاعبين كمزراوي وحاريت، وحاول الاتصال بزياش، لكن الأخير تشبث بموقفه.
وسيكون الأسبوع المقبل حسب مصدر "عربي بوست" حاسماً في مصير المدير الفني مع المنتخب المغربي، بعد إسدال الستار على مباراة ليبيريا، المقررة الإثنين المقبل بالدار البيضاء لحساب تصفيات أمم إفريقيا، إذ سيكون أمام الاتحاد المغربي متسع من الوقت للفصل في الموضوع بشكل نهائي.
“لماذا المصادر مجهولة في هذه القصة؟
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة فقط للمعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر والتي تأكدنا من مصداقيتها، لكننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى.
نحن ندرك أن العديد من القراء يشككون في مصداقية ودوافع المصادر التي لم يتم الكشف عن أسمائها، لكن لدينا قواعد وإجراءات لمعالجة هذه المخاوف، منها أنه يجب أن يعرف محرر واحد على الأقل هوية المصدر، ويجب أخذ موافقة مسؤول القسم قبل استخدام المصادر المجهولة في أية قصة. نحن نتفهم حذر القراء، لكن يجب تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو علاقاتها التجارية، وسلامتها.”