على عكس الأندية الرياضية، فإن قمصان منتخبات كرة القدم تخلو من الإعلانات التجارية، وتظهر بدون أي شعارات أو أسماء لرعاة، فما هو السبب وراء ذلك؟
حجزت الشركات وعلاماتها التجارية مكاناً لها في عالم الرياضة بشكل عام، وفي كرة القدم بشكل خاص، وأصبحت أحد مصادر الدخل التي لا غنى عنها بالنسبة للأندية والمنتخبات على حد سواء.
وفي العادة، يتم الاتفاق بين الشركة والنادي على تخصيص مبلغ يتجاوز العشرات أو ربما الملايين من الدولارات، مقابل كتابة أسماء وشعارات الشركات على القمصان أو السراويل أو حتى الجوارب، الأمر الذي يساهم في انتشار أوسع للمنتجات التي تقدمها تلك الجهة.
قمصان منتخبات كرة القدم لا تحمل أي إعلانات
بدأت فكرة رعاية القمصان في عالم كرة القدم عام 1973، عن طريق شخص يُدعى جينتر ماست، الذي كان مديراً تنفيذياً لشركة ألمانية متخصصة في مشروبات الطاقة.
قام جينتر، الذي لا تربطه أي علاقة بكرة القدم، بتنظيم حفل عشاء في منزله لكبار التجار والمستثمرين، من أجل الترويج لأحد مشاريعه، لكن سرعان ما انتهى حفله بسبب مباراة.
تزامن العشاء مع مباراة ألمانيا الغربية مع إنجلترا في كأس العالم 1972، وما إن بدأت حتى انسحب المدعوون من أجل متابعتها ليظل جينتر وحيداً.
لم يستسلم جينتر لهذا الموقف المحرج، بل استثمره على أحسن وجه، وقرر استغلال كرة القدم التي اعتبرها بمثابة الدجاجة التي ستبيض له ذهباً، ليفتح مجال رعاية قميص فريق آينتراخت براونشفايغ، المنافس حالياً في دوري الدرجة الثالثة الألماني.
اصطدمت الفكرة حينها بمعارضة شديدة من الاتحاد الألماني لكرة القدم، لكن سرعان ما أصبحت هذه الفكرة أمراً أساسياً في عالم كرة القدم.
قبل أيام منحت الجمعية العمومية لنادي برشلونة الإسباني الضوء الأخضر للإدارة، يوم 3 أبريل/نيسان 2022، لإبرام اتفاقية رعاية مع شركة Spotify السويدية، الرائدة في مجال الموسيقى.
ويشمل الاتفاق الأول كتابة اسم الشركة على قميص الفريق الأول لرجال وسيدات برشلونة لمدة 4 سنوات مقابل أكثر من 400 مليون يورو، وهو مبلغ ضخم يثبت ما يمكن أن تجنيه الأندية من وضع الإعلانات التجارية على قمصان فرقها.
"فيفا" يحظر وضع أسماء الرعاة على قمصان المنتخبات
لكن الحال يختلف كلياً مع المنتخبات الوطنية المشاركة في المسابقات الدولية، وخاصة تلك التي تُقام تحت راية الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا".
"فيفا" لا يمنع المنتخبات من تكوين شراكات تجارية أو إبرام عقود رعاية، فـمعظمها يملك اتفاقيات مثل إنجلترا وأسكتلندا وويلز وإيرلندا الشمالية، التي اتفقت مع شركة "فوكسهول موتورز" للسيارات، منذ عام 2011.
لكن أسماء الرعاة لا تظهر في الجهة الأمامية من القميص أثناء المباريات الدولية، لأن ذلك محظور وفق لوائح فيفا، التي تفرض على المنتخبات المشاركة في بطولاتها وخاصة كأس العالم، الالتزام بها.
وتنص اللوائح: "يحظر الإعلان من قبل الرعاة عن أي عنصر من ملابس المباريات المستخدمة أو المقدمة في الملعب خلال المباريات الرسمية".
ويعد ما يُسمى "حماية نزاهة المنافسة" هو أحد أسباب حظر أسماء الرعاة عن الجهة الأمامية للقميص، لأنه يقع على عاتق "فيفا" واجب حماية الحقوق الحصرية للرعاة الرسميين المتفقة معهم.
ولا يقف الأمر عند منافسات كأس العالم فقط، بل تمتد أيضاً لتطال التصفيات المؤهلة للمونديال، كون تلك المباريات جزءاً أساسياً من البطولة، وبالتالي فهي خاضعة كلياً للوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم.
وتحصل الشركة المصنعة للقميص على استثناء من حظر الرعاية، ويحق لها عرض علامتها التجارية في الجزء الأمامي من القميص في المباريات الدولية.
هناك سبب آخر لعدم وجود أسماء الرعاة على القمصان، وهو أن الكثير من الدول التي لا تملك رعاة تجاريين، تُمول من خلال وزارة الرياضة في بلدها، وعليه فإنها تكون تابعة للحكومة.
ومع تغلغل لغة المال في عالم كرة القدم قد لا يصمد توجّه فيفا بحظر وضع الإعلانات التجارية على قمصان المنتخبات.
التغيير قد يأتي قريباً
في عام 2015، اقترح المرشح لرئاسة "فيفا"، الجنوب إفريقي طوكيو سيكسويل، وضع أسماء وشعارات الرعاة على قمصان المنتخبات.
وأوضح سيكسويل "يمكن أن ندرس بشكل جاد إمكانية وضع شعار الراعي الرئيسي للمنتخب على القميص كما يحدث في العلامات التجارية الرياضية".
وأضاف: "هناك مساحة على القميص تساوي ملايين الدولارات وستكون مخصصة لتغطية نفقات الاتحادات الوطنية لكرة القدم".
لكن سيكسويل لم يتمكن من الوصول إلى رئاسة "فيفا"، وانتُخب السويسري جياني إنفانتينو، الذي يملك بدوره أفكاراً لجني المزيد من الأموال عبر كرة القدم، وربما يقتنع يوماً بفكرة منافسه السابق، وقد لا يكون ذلك اليوم بعيداً.