على بُعد أكثر من 13 ألف كيلو متر من فلسطين ينشط فريق لكرة القدم يحمل اسم "باليستينو"، وينافس بالدوري التشيلي، محافظاً على الهوية الفلسطينية الكاملة، رغم أن عمره يمتد إلى أكثر من 100 عام.
مبكراً جداً وحتى قبل الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين عام 1948 بنحو 28 عاماً، تأسس نادي باليستينو (فلسطين باللغة الإسبانية)، في العاصمة التشيلية سانتياغو، ليتخذ من فلسطين الهوية والعلم اسماً وشعاراً.
حملت الجالية الفلسطينية المتواجدة في تشيلي، أكثر دول أمريكا الجنوبية احتضاناً للجاليات العربية، والتي تُقدر بنصف مليون شخص، حملت على عاتقها الحفاظ على اسم فلسطين، وقامت بتشكيل العديد من الأندية الاجتماعية والثقافية والرياضية، ومنها بينها نادي باليستينو.
نادي باليستينو تأسس عام 1920
واحتفل النادي الذي يحمل الهوية الفلسطينية قبل عامين بمرور مئة عام على إنشائه، حيث تم الإعلان عن تأسيسه للمرة الأولى يوم 20 أغسطس/آب 1920.
اعتمد باليستينو، الذي تتكون ألوان قميصه من الأحمر والأخضر والأسود، وهي نفس ألوان علم فلسطين، في خطواته الأولى على اللاعبين من أصحاب الأصول العربية، لكنه ضم العديد من اللاعبين الأجانب منذ دخوله عالم الاحتراف.
وعلى الرغم من وجود الفريق في بقعة جغرافية بعيدة تماماً عن فلسطين، فإنه تعرض لمضايقات إسرائيلية، وتحديداً من الجالية اليهودية الموجودة في تشيلي، بعدما كشف باليستينو عن قميص جديد في عام 2014، رُسم على ظهره الرقم واحد على شكل خريطة فلسطين، الأمر الذي اعتبرته الجالية اليهودية إقراراً بعدم الاعتراف بوجودهم في فلسطين.
ولم يقف الاتحاد التشيلي صامتاً تجاه هذه الخطوة، واكتفى بفرض غرامة مالية على باليستينو قدرها 1300 دولار.
باكورة ألقاب باليستينو في الدوري التشيلي
دخل النادي معترك المنافسات المحلية في تشيلي بعد سنة واحدة من تأسيسه، ونجح في الوصول إلى أعلى مسابقة في البلاد في عام 1952، وبعدها بثلاث سنوات فقط حقق بطولة الدوري، وهي باكورة ألقابه الكبرى.
ودخل الفريق التشيلي ذو الصبغة الفلسطينية، تاريخ البلاد من أوسع أبوابه، عقب نجاحه في التتويج بلقب الدوري للمرة الثانية في عام 1978، دون أن يتلقى أي خسارة، وهو إنجاز صامد حتى يومنا هذا.
وأضاف باليستينو لقب الدوري للمرة الثالثة والأخيرة حتى تاريخ كتابة هذه السطور في عام 2014، بينما أنهى المسابقة في المركز الثاني مرتين عامي 1986، و2008.
وحصد باليستينو درع الاتحاد التشيلي مرتين عامي 1952، و1972، فضلاً عن 3 ألقاب في بطولة الكأس أعوام 1975 و1977 و2018، يُضاف إليها أربعة ألقاب ببطولة كامبيوناتوس، أعوام 1955 و1957 و1972 و1977.
وسجل الفريق حضوره الأول في المسابقات القارية عام 1976، بمشاركته في بطولة كأس "ليبارتادوريس"، وهي أقوى وأعرق بطولة في أمريكا الجنوبية وتُعادل دوري الأبطال في أوروبا، وعاد إليها في ثلاث مناسبات لاحقة أعوام 1978، و1979، و2016، وكتب أفضل إنجازاته فيها خلال مشاركته الثالثة بوصوله إلى نصف النهائي.
ويملك النادي ملعباً خاصاً به في وسط العاصمة التشيلية سنتياغو، تأسس في عام 1988 ويتسع لـ12 ألف مشجع، حيث تتميز ألوان مقاعد مدرجاته بألوان العلم الفلسطيني.
جماهيره تتضامن مع فلسطين في كل مباراة
وتستثمر جماهير الفريق كل مباراة لها على أرضها لحمل العلم الفلسطيني، مع ترديد هتافات وشعارات باسم فلسطين أبرزها "الحرية والنصر لفلسطين"، لتتحول مباريات الفريق إلى ما يشبه المظاهرات والفعاليات السياسية أكثر من كونها منافسات كروية.
أثبت باليستينو حضوره على أرض الواقع، وقدّم للمنتخب الفلسطيني لكرة القدم العديد من لاعبيه، مثل روبيرتو بشارة وروبيرتو كاتلون وباترسيو مهنا وإدغاردو عبد الله وجوناثان سوريا وبابلو برافو، كما قاد المدرب نيكولا شهوان "الفدائي" لعدة سنوات.
كذلك احتضن النادي معسكرات تدريبية لمنتخب فلسطين أكثر من مرة، وساعده على جميع المستويات خلال العقود الأخيرة.
زيارة إلى فلسطين ومضايقات إسرائيلية
في عام 2016 زار باليستينو الضفة الغربية، وحظي باستقبال شعبي حافل، وخاض عدة مباريات ودية، لكنه تعرض لمضايقات من جيش الاحتلال الإسرائيلي، أثناء مروره عبر جسر "الكرامة" قادماً من الأردن.
وتأكيداً على مد جسور الروابط بين فلسطين النادي والوطن الأصلي، يستعد "باليستينو" لافتتاح أكاديمية رسمية تحمل اسمه في قطاع غزة، وذلك في النصف الثاني من العام الحالي 2022، حسبما أعلن عبر موقعه الإلكتروني الرسمي.
وكتب باليستينو: "نحن جاهزون في غزة! بصفتنا النادي الرياضي الفلسطيني، فقد أطلقنا بالفعل أكاديمية كرة القدم الأولى لنا في غزة، التي سيتم افتتاحها في النصف الثاني من عام 2022".
وأضاف: "نحن لا ننسى جذورنا، وأفضل طريقة لتذكرها هي أن نكون حاضرين في فلسطين من خلال كرة القدم".
على مدى تاريخه الطويل أشرف على تدريب باليستينو العديد من المدربين الكبار، لعل أبرزهم على الإطلاق التشيلي مانويل بيلغريني، الذي قاد الفريق في ثلاث مناسبات آخرها كانت عام 1998، بعدها بات أحد أشهر المدربين بإشرافه ريفر بليت وفياريال وريال مدريد وملقة ومانشستر سيتي ووست هام وحالياً ريال بيتيس.
كما سبق أن درّبه لاعب منتخب تشيلي السابق، لويس مصري، وهو ينحدر من أصول فلسطينية، وشارك في بطولة كأس العالم عام 1998 في فرنسا.
ويحتل باليستينو المركز السادس في جدول ترتيب الدوري التشيلي لكرة القدم للموسم الحالي 2022، حيث حصد 4 نقاط من أول مباراتين.
وسقط باليستينو في فخ التعادل الإيجابي 1-1 أمام مضيفه يونيون إسبانيولا في الجولة الافتتاحية، قبل أن ينهض في الأسبوع الثاني ويحقق الفوز على ضيفه هيغينز بهدف دون رد.