قالت الأسترالية أمبِر بورك والتي حققت رقماً قياسياً عالمياً في "الغوص الحر" للسيدات، إن صدفة دفعتها لتجربة هذه الرياضة، وذاك خلال زيارتها لقرية صغيرة في شبه جزيرة سيناء حينما كانت في العشرينيات من عمرها.
وكشفت بورك لصحيفة The Guardian البريطانية الأحد 6 فبراير/شباط 2022، أنها لم تكن تعلم أن هذا الشيء ممكن بشرياً حينما حبست نَفَسها لمدة أربع دقائق وغاصت في المياه إلى عمق 18 متراً لأول مرة في حياتها، وأمبر الآن بطلة الغوص الحر للسيدات في أستراليا.
يشار إلى أن "الغوص الحر" من أشد الرياضات صعوبة، حيث يغطس الغواص عمودياً في المياه العميقة بنَفَس واحد، ويعتمد في غوصه على قوة عضلاته فقط. ومع كل متر يغوصه، يزداد الضغط على الجسم، ويتقلص حجم الهواء في الرئتين. وعلى عمق 30 متراً، وهو أقصى عمق كان علماء الفسيولوجيا يعتقدون في الأيام الأولى لهذه الرياضة أن بإمكان الإنسان الوصول إليه، يكون الضغط على الجسم أعلى من الضغط على السطح بأربع مرات ويتقلص حجم الهواء داخل الجسم إلى الربع. وفور الوصول إلى مرحلة الطفو السلبي، يبدأ الغواص في السقوط الحر.
أمبر وصلت إلى عمق 73 متراً، وهو رقم قياسي عالمي، لكن فقدانها لوعيها لجزء من الثانية بعد عودتها للسطح لم يؤهلها للفوز باللقب.
تقول أمبر: "إذا بقيت تحت الماء لفترة طويلة، فالاحتمال قائم دوماً بأن ينخفض الأوكسجين إلى مستوى يقرر فيه عقلك إيقاف عمله لحماية نفسه من تلف الدماغ. وهذا أمر إيجابي إلى حد ما.. ولكنه محبط في نهاية غوص طويل".
والرقم القياسي العالمي للرجال في الغطس الحر ذي"الوزن الثابت بدون زعانف" هو 102 متر، خلال أربع دقائق و14 ثانية. وبالزعانف، يرتفع الرقم إلى 131 متراً. وفي "انقطاع النفس الساكن"، أي حين لا يغوص المتسابق ولكن يغمر نفسه تحت الماء، بلغت أطول فترة حبس للنفس 11 دقيقة و54 ثانية. وعند استنشاق الأوكسجين بنسبة 100% قبل الغوص، كان الرقم القياسي 24 دقيقة و37 ثانية.
التكيف والصمود تحت الماء
من جانبه، توصل الدكتور أنتوني باين، عالم فسيولوجيا الأوعية الدموية من جامعة وندسور في كندا، إلى أن حجم الرئتين لدى العديد من محترفي الغوص الحر أكبر من الشخص العادي.
لكن القدرة على الغوص وحبس النفس لفترة طويلة تحت المياه مهارة مكتسبة في المقام الأول. فوفقاً لباين، تشير الدراسات إلى أن محترفي الغوص الحر "عززوا" هذه الاستجابات الفسيولوجية التي تعزز البقاء على قيد الحياة، مثل إبطاء معدل ضربات القلب والتمثيل الغذائي، وإعادة توجيه الدم إلى الأعضاء الحيوية، مثل الرئتين لحمايتهما من الضغط.
فيما تقول أمبر إنها تعلمت بعد عشر سنوات من المران كيف تستغل مساحة رئتيها بشكل أفضل. وحتى على عمق 70 متراً، لا يزال بإمكانها "استنشاق" المزيد من الهواء من رئتيها.
تشير أمبر كذلك إلى أنها تدخل في "حالة تأمل" وتتنفس ببطء قبل دخول الماء، كما يجب "أن تحافظ على حالة الاسترخاء تلك، وهذا بالنسبة لي يعني عيش اللحظة وعدم التفكير كثيراً في المستقبل، لأنك إذا فكرت في المدة التي ستقضيها تحت المياه والعمق الذي ستغوص إليه، فستشعر بالارتباك والذعر سريعاً".
وفي الوقت الذي عطّلت فيه الجائحة معظم المنافسات الدولية، لا تزال أمبر تتدرب، وستعود لمطاردة الأرقام القياسية العالمية بعد استئناف المنافسات.
تقول: "حين بدأت الغوص الحر للمرة الأولى لم أكن أعلم أن هذا ممكن بشرياً، لكن ما بإمكان البشر فعله مذهل".