نفّذ المتمردون تهديداتهم في اليوم الرابع من بطولة كأس الأمم الإفريقية، التي تُذاع من الكاميرون إلى 150 دولة خلال الشهر الجاري، حيث أطلق نحو عشرة رجال نيران رشاشات الكلاشينكوف في الهواء على بُعد أقل من 400 متر من مقر تدريب منتخب مالي، الأربعاء 12 يناير/كانون الثاني 2022، ليُثيروا ذعر اللاعبين الذين خرجوا من الملعب، وردت قوات الأمن بتبادلٍ لإطلاق النار راح ضحيته سائق وراكب سيارة أجرة.
حسب تقرير لصحيفة Washington Post الأمريكية، السبت 15 يناير/كانون الثاني، فإنه في اليوم نفسه، وبمدينة بويا الجنوبية الغربية، ألقى أحدهم قنبلةً منزلية الصنع من نافذة سيارة أجرة، ليجرح ثلاثة ضباط شرطة، مما أثار ذعر اللاعبين في حافلة منتخب غامبيا التي عادت سريعاً للفندق.
الانفصاليون يتوعدون البطولة
فقد نجحت جهود الجماعات الانفصالية، التي وعدت بتعطيل كأس الأمم الإفريقية، لفترة وجيزة. حيث إنّ هدفهم المعلن هو: تذكير العالم بمظالمهم على يد حكومة الكاميرون.
لكن بعد ساعات من هدوء الأوضاع، تحرك منتخب مالي لخوض لقاء تونس وفاز بهدفٍ دون رد، ليتحوّل الانتباه عن نزاعهم المستمر منذ خمس سنوات- والذي عادةً ما يُوصف بالنزاع "المنسي أو المُهمل"، وهذا رغم تعهّد المتمردين بشن المزيد من الهجمات.
إذ قال المتحدث باسم الانفصاليين، كابو دانيال، في فيديو على يوتيوب يوم الخميس 13 يناير/كانون الثاني أعلن خلاله مسؤوليتهم عن الرصاص والقنابل: "سنواصل تنفيذ العمليات المناهضة لكأس الأمم الإفريقية. وسوف نحافظ على كرامتنا".
من المتوقع أن يشاهد مباريات البطولة نحو مليار مشاهد، حيث تستمر المباريات حتى فبراير/شباط.
من جانبها، دعت جماعات حقوق الإنسان إلى "وقف إطلاق نار كروي"، أملاً في الاستفادة من الأضواء المسلطة على البطولة.
حياة الجمهور مهددة كذلك
حيث كتبت مجموعة الأزمات الدولية إنّ "هدنةً من هذا النوع قد تكون بمثابة خطوةٍ أولى لإعادة بناء الثقة والمضي قدماً في المحادثات بي نالسلطات وبين قادة الانفصاليين، بعد سنواتٍ من سفك الدماء".
إذ يتنافس 24 فريقاً في البطولة، التي تقام كل عامين، وذلك على ستة ملاعب في جميع أنحاء الكاميرون، وتتواجد بعض الملاعب في مدن مثل بويا وليمبي- الناطقة باللغة الإنجليزية- حيث يضغط المتمردون من أجل إنشاء دولتهم الخاصة: أمبازونيا.
بينما قال أري إلفيس نتوي، الخبير الكاميروني في مجموعة الأزمات الدولية: "لن تلاحظ روح كرة القدم في هذه الملاعب، فالناس الذين يعيشون هنا- ولا يمكنهم الرحيل- يخشون أن تكون لهم أي علاقة بالكأس، نحن نحب كرة القدم، لكننا نفضل البقاء على قيد الحياة".
إذ قال المتحدث باسم الانفصاليين في تصريحاته: "لا تُعرِّضوا حياة جمهور كرة القدم للخطر، معتقدين أن أكثر نظامٍ فاسد في إفريقيا سيضمن سلامتهم".
بطولة مثيرة للجدل
كان من المفترض أن تستضيف الكاميرون كأس الأمم الإفريقية عام 2019، لكن مسؤولي الكرة الإفريقية رأوا أن الكاميرون لم تكُن جاهزة بسبب الاضطرابات وقلة البنية التحتية. وحينها تدخلت مصر لاستضافة البطولة.
لهذا سارعت حكومة بول بيا لإنهاء الملاعب – لتجذب الانتقادات القائلة إنّ الحكومة كان عليها التركيز أكثر على إنهاء القتال. وبعد عامٍ من التأجيلات بسبب الجائحة، انطلقت البطولة أخيراً في التاسع من يناير/كانون الثاني بالعاصمة ياوندي، وسط إجراءات أمنية مشددة شملت قوات أمن بالآلاف.
بينما حاولت بعض الأندية الأوروبية منع لاعبيها الأفارقة من السفر إلى الكاميرون بحجة المخاوف من العنف وفيروس كورونا، مما أثار جدلاً كبيراً حول المخاطر التي يُواجهها الرياضيون بالفعل داخل أوروبا التي يعصف بها أوميكرون.
مشاعر مختلفة
في يوم الافتتاح بياوندي، التقطت عدسات الكاميرات صور جماهير الكاميرون وهي تهتف وتصفق بألوان بلادها الأخضر والأحمر والأصفر.
حيث قالت ديان أودري نجاكو، إحدى المشجعات في المدرجات: "لقد كان الزخم رائعاً، شعرت بفخرٍ كبير، لقد غنى آلاف الكاميرونيين نشيدنا الوطني".
كما أوضحت ديان (30 عاماً)، الرئيس التنفيذية لوكالةٍ إبداعية، أنّها كانت تفتقد مشاعر الوطنية، وأعربت عن استيائها من الحكومة التي سمحت بتفاقم أزمة الناطقين بالإنجليزية، وتمنت لو لم يكن هناك جنودٌ في جميع أرجاء الملعب.
قبل أن تختتمت حديثها قائلة: "كرة القدم هي أمرٌ يربطنا جميعاً، وهذه لحظةٌ مواتية للحكومة حتى تعترف بما يريده أبناء شعبنا الناطقين بالإنجليزية، وتفهم مدى شعورهم بالاضطهاد في بلادنا، وتُكوّن رابطاً حقيقياً مع كافة أبناء الكاميرون".