يحل المنتخب الجزائري لكرة القدم، يوم الثلاثاء 7 سبتمبر/أيلول 2021، ضيفاً على منتخب بوركينا فاسو بمدينة مراكش المغربية، لإجراء مباراة الجولة الثانية من دور المجموعات للتصفيات الإفريقية لمونديال قطر 2022.
وبغض النظر عن أهمية المباراة من الناحية الرياضية، أي نتيجتها النهائية في تحديد مستقبل المنتخبين في مشوارهما في تصفيات المونديال، فإنّ الظرف السياسي الذي ستُقام فيه المواجهة جعل منها مادة دسمة للنقاشات وفتح الباب واسعاً للبعض للتخوف من احتمال وقوع مكروه للبعثة الجزائرية بمراكش وتأثير ذلك على طموحات منتخب "محاربي الصحراء" في بلوغ نهائيات كأس العالم لكرة القدم، المقررة بدولة قطر، في أواخر السنة القادمة.
من المؤكد، عزيزي القارئ، أنك قد فهمت قصدي من عبارة "الظرف السياسي"، فالمباراة سيحتضنها ملعب "مراكش الكبير" بالمغرب، أي بالجارة الغربية للجزائر، في وقت تعرف فيه علاقات البلدين توتراً كبيراً وصلت إلى حد قطع العلاقات الدبلوماسية بينهما.
قطع العلاقات الدبلوماسية لا تمس شعبي البلدين
فقد أعلن وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، يوم 24 أغسطس/آب الماضي، قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، بسبب كما قال :"الأعمال العدائية للمملكة المغربية".
وبدون أن أدخل في تفاصيل "الأعمال العدائية" التي قصدها وزير الخارجية الجزائري، لأنّها ليست موضوع اليوم، فإنّي مُطالب بتوضيح أنّ العلاقات بين البلدين العربيين جد مميزة، حتى لا أقول غريبة، إذ وعلى الرغم من التوتر السياسي بين الدولتين فإنّ العلاقة بين الشعبين تبقى وطيدة، ويحرص نظاما البلدين على الإبقاء على ودية العلاقات بين الشعبين، مهما بلغت حدة الخلافات السياسية.
وقد لمح الوزير لعمامرة إلى هذه العلاقة المميزة حين قال: "قطع العلاقات الدبلوماسية لا يعني أن يتضرر المواطنون الجزائريون والمغاربة. القنصليات ستباشر عملها بصفة طبيعية".
وأضاف:" نطمئن المواطنين الجزائريين في المغرب والمغاربة في الجزائر أن الوضع لن يؤثر عليهم. قطع العلاقات يعني أنّ هناك خلافات عميقة بين البلدين لكنها لا تمس الشعوب".
وقد تأكد كلام لعمامرة على أرض الواقع، بعد أيام قليلة فقط من الإدلاء به، وخاصة في المجال الرياضي، بحيث، على سبيل المثال لا الحصر، تعاقد نادي مولودية وجدة المغربي مع المدرب الجزائري نبيل نغيز ومع اللاعب الجزائري بدر الدين سويداد، وقد تنقل الرجلان إلى المغرب بدون تأشيرة، على الرغم من قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
استقبال حار لمناجير المنتخب الجزائري
والسبب الثاني الذي يجعلني أتفاءل بعدم حدوث أي مكروه، هو تصريح المناجير العام للمنتخب الجزائري، أمين العبدي، يوم الثلاثاء الماضي، حول الاستقبال الجيد الذي وجده من طرف مسؤولي اتحاد الكرة المغربي لما ذهب الأسبوع ما قبل الماضي إلى مراكش لتحضير إقامة بعثة المنتخب.
وأوضح العبدي في تصريح متلفز لموقع الاتحاد الجزائري لكرة القدم: "لقد واجهتنا بعض الصعوبات خلال تنقلنا الأخير إلى المغرب والتي كانت ناتجة فقط عن الوضعية الصحية لكوفيد-19. بعدها، قام الاتحاد المغربي لكرة القدم بتسهيل كل الأمور وخصص لنا استقبالاً حاراً".
وما قاله العبدي ليس غريباً عن "الأشقاء المغاربة" تجاه "إخوانهم" الجزائريين، ويقودني ذلك للحديث عن السبب الثالث، وهو تاريخي، بحيث سبق لمنتخب الجزائر لكرة القدم اللعب في المغرب، في عام 1979 لحساب تصفيات أولمبياد موسكو 1980، وفي سنة 1984 في نهائيات كأس أمم إفريقيا لكرة القدم، ووجد خلالها بلومي وزملاؤه كل الترحاب وحتى التشجيع والمؤازرة من طرف الجمهور المغربي خلال مبارياتهم في "كان 1984".
ويجب التنويه بأنه في سنتي 1979 و1984، كانت العلاقات السياسية بين الجزائر والمغرب أكثر تأزماً مما عليه الآن، ولم تكن هنالك أي ممثلية دبلوماسية أو قنصلية لبلد في بلد الآخر، إلى غاية استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين يوم 16 مايو/أيار 1987، ثم فتح الحدود بينهما يوم 5 يونيو/حزيران من نفس العام.
منتخب بوركينا فاسو هو المستضيف وليس المغرب
والسبب الرابع الذي يستبعد حدوث مشاكل لمنتخب الجزائر بالمغرب، وهو أنّ مباراة يوم السابع سبتمبر/أيلول الجاري ستقام تحت مسؤولية الاتحاد الدولي لكرة القدم، وأنّ منتخب بوركينا فاسو هو من يتحمل مسؤولية السهر على حسن استقبال منافسه الجزائري، باعتباره المنتخب المستضيف وهو الذي اختار مواجهة "الخضر" بملعب مراكش بسبب عدم اعتماد أي ملعب من ملاعب بلاده من طرف اتحاديي الكرة الدولي والإفريقي.
بقي أن أشير إلى أنّ بعثة المنتخب الجزائري ستتنقل إلى مراكش يوم السادس من سبتمبر/أيلول، وستخوض مراناً واحداً فقط بعين المكان، عشية المواجهة الكروية، وستعود إلى الجزائر في اليوم الموالي للمباراة، ما يقلص من نسبة إمكانية حدوث مكروه للبعثة الرياضية الجزائرية.. وأتمنى ألا أكون قد بالغت في تفاؤلي، وإن شاء الله لن يحدث أي مكروه.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.