نشرت صحيفة Der Spiegel الألمانية أجزاء من العقد الذي أبرمته الأندية الـ12 المؤسِّسة لدوري السوبر الأوروبي، معلنةً إطلاق بطولة بديلة لمسابقة دوري أبطال أوروبا، ليثير ضجة واسعة، انتهت بإعلان ثمانية من بين الأندية المؤسِّسة انسحابها من المشروع.
واحتوى العقد الذي نشرته الصحيفة الألمانية، على عدة نقاط مهمة تمنع الأندية من المغادرة، وفي حال غيّر أحد الأندية موقفه خلال الأعوام الـ23 القادمة، سيتعيّن عليه دفع غرامات مالية ضخمة.
الأندية الكبيرة وافقت على اللعب في دوري السوبر الأوروبي لمدة 23 سنة وعلى شروط العقد المتكون من 167 صفحة، بناء على ذلك وافق بنك JP Morgan على تقديم قرض بقيمة 3.525 مليار يورو للأندية المؤسسة.
لكن عند قراءة تسريبات العقد يتضح وجود أكثر من باب لخروج للأندية من المسابقة على فترات زمنية معينة، بعضها سهل التحقيق، في البداية وتزداد صعوبة الخروج بازدياد الفترة الزمنية.
كان من اللافت أيضاً وجود العديد من البنود في العقد، كان من الممكن أن تسهم بقوة في تغيير الرأي العالم السلبي حول فكرة دوري السوبر الأوروبي في حال تم تسريبها أو الحديث عنها في وقت سابق.
بدايةً نصت الفقرة الـ33 من العقد على التالي: "أنفقت الأندية المؤسِّسة جهوداً وموارد كبيرة على التنفيذ الناجح لمشروع دوري السوبر الأوروبي، على أمل أن تشارك جميع الفرق المؤسسة طوال فترة المواسم الـ23".
وأضافت: "الخروج المبكر، من شأنه أن يؤدي إلى أضرار اقتصادية وأضرار على مستوى السمعة والتنظيم لا يمكن إصلاحها، وبالتالي سيواجه المنسحبون غرامات مالية ضخمة".
متى يمكن للأندية الانسحاب من دوري السوبر الأوروبي؟
يوجد العديد من الحالات التي يمكن فيها للأندية الانسحاب من البطولة، في حال تحقق عدد من الشروط، وبغرض تبسيط البنود المعقدة المتعلقة بذلك، سيتم ترتيب الحالات من الأقل ضرراً مادياً إلى أشدها ضرراً.
الانسحاب المبكر أو الطارئ
ينص أحد بنود العقد على أنه في حال لم يتم تسلُّم أية دفعات من بنك JP Morgan ولم يتم الاتفاق النهائي على الوضع القانوني للبطولة، فبإمكان الأندية الراغبة في الانسحاب فعل ذلك دون تبعات قانونية على موقفها، ولكن يجب أن يكون هناك نادٍ آخر معترض (على الأقل) من الأندية الـ12 المؤسِّسة، بمعنى لا يمكن أن ينسحب نادٍ بشكل منفرد في البداية.
حالة الوصول لاتفاق مُرضٍ مع الويفا
حالة إنهاء العقد بلا غرامات تصبح سارية أيضاً في حال اتفقت الأندية المؤسِّسة مع "يويفا" أو "فيفا" على صيغة جديدة للبطولات الأوروبية ترضي هذه الأندية وتلبي تطلعاتهم.
وفي حال أرادت بعض الأندية الانسحاب فيجب أن تكون نسبتها من النسبة الأندية المؤسِّسة لا تقل عن 70% قبل تاريخ 10 يوليو/تموز 2021 (يمكن إضافة 10 أيام لهذا التاريخ في حالة ترتبط بنادي برشلونة)، أما إذا اتفقت 70% من الأندية على الاستمرار فذلك يعد ملزماً لباقي الأندية بالاستمرار وحتى لو كان ذلك عكس رغبتها.
وضع نادي برشلونة
تضمَّن العقد نقطة خاصة تتعلق بنادي برشلونة وتنص على أنه في حالة عدم موافقة أعضاء النادي على فكرة دوري السوبر الأوروبي، والمشاركة فيها فبإمكان برشلونة الانسحاب دون أي عقوبات مالية، وبإمكان من يرغب من الأندية في الانسحاب وقتها أن ينسحب دون أي عقوبات مالية أيضاً.
الغرامات المترتبة على الانسحاب
في حالة المضي قدماً بتأسيس دوري السوبر الأوروبي وأراد أحد الأندية الانسحاب، فلن يكون ذلك ممكناً إلا بعد مضي 3 مواسم، وفاتورة الانفصال ستكون تكلفتها مئات الملايين، وفق التفصيل التالي:
1- النادي المنسحب يجب عليه دفع نصف مدخوله الحاصل عليه من الدروي الماضي للسوبرليغ.
2- إضافة إلى ذلك، 150 مليون يورو ستتم إضافتها للمبلغ في البند (1) بالحد الأدنى.
3- النادي المنسحب يتوجب عليه إعادة جزء من الدفعة المسبقة عن المواسم الـ23 (يقصد هنا حصته من قرض الـ3.525 مليار يورو).
إذا قام النادي بإنهاء التعاقد مع السوبرليغ في الموسم العاشر مثلاً، فعليه دفع 13 حصة من هذا المبلغ (بمعنى يتم تقسيم القرض على 23 سنة وفي حالة الانسحاب يتم دفع حصةٍ كل موسم لم يلعب به النادي في السوبرليغ).
هذه الجزئية على وجه التحديد، هي الأكثر إزعاجاً للأندية الإنجليزية المنسحبة التي تبحث حالياً كيفية الخروج من هذا العقد الملزم، وفي بيان مشابه تقريباً أعلن كل من تشيلسي وتوتنهام ومانشستر سيتي، أنهم بدأوا الإجراءات الرسمية للانفصال عن الـSL.
لذلك كان فلورنتينو بيريز واثقاً جداً بكلامه عندما قال: "لم ينسحب أحد بعد، جميعنا مازال ملتزماً".
وأضاف: "العقد ملزم بمجرد التوقيع عليه".
ماذا عن الأقاويل التي انتشرت منذ البداية بِنيَّة الأندية الانسحاب من دورياتها المحلية والتركيز على السوبرليغ؟ بناءً على المعلومات المسربة من العقد فالأندية المؤسسة لم يكن بِنيَّتها فعل ذلك أبداً، وتم ذكر ذلك صراحة في العقد.
ربما إحدى كبرى النقاط التي كانت تثير مخاوف يويفا هي وجود جزئية في العقد تمنع الأندية المؤسِّسة من المشاركة في أي بطولة أوروبية باستثناء السوبرليغ طوال المواسم الـ23، وبالتالي ستخسر بطولتا دوري الأبطال والدوري الأوروبي اللتان تقوم الويفا بتنظيمهما كثيراً من قيمتهما بغياب الأبطال الاعتياديين والفرق صاحبة الشعبية الجارفة.
كما أكدت هذه الجزئية قانونية مسعى الفرق لتشكيل دوري خاص بها بمعزل عن يويفا وفيفا، وفي حالة حصول بعض الإشكالات فالخيار القانوني هو الحل.
حقيقة عدم استدعاء بايرن ميونيخ ودورتموند وباريس سانت جيرمان للبطولة
يبدو أن الفرق المؤسِّسة لم تتواصل مع الأندية المذكورة أعلاه قبل الإعلان، ولكن تم الأخذ بعين الاعتبار احتمال مشاركتها وضمّها كفرق مؤسِّسة للبطولة، وبالتالي التمتع بالامتيازات المالية المتوقعة.
كما كان أيضاً من المقرر منح الأندية وقتاً زمنياً محدداً لقبول عرض إشراكها في الأندية المؤسِّسة للسوبرليغ، ويمكن تغيير المدة الزمنية للرد، في حالة اتفاق الأندية المؤسسة على ذلك.
(باريس 14 يوماً للرد، بايرن 30 يوماً للرد، دورتموند 30 يوماً للرد)
هل بطولة دوري السوبر الأوروبي بطولة جشعة بالمطلق؟
الإجابة عن هذا السؤال كانت "نعم، بكل تأكيد، وقت الإعلان عن تأسيس البطولة، ولكن أحد البنود المسربة اليوم أثبت صحة كلام بيريز في مقابلته المتلفزة، بأنه في حال استفادت الأندية الكبيرة فذلك سيعود بالنفع على الأندية الصغيرة أيضاً، حيث تضمن أحد البنود التزام السوبرليغ بتقديم الدعم المالي للأندية والاتحادات الصغيرة بصيغة مماثلة لما تقوم به يويفا اليوم بعد اقتطاع جزء كبير لها.
البنود أوضحت أيضاً أن 25% على الأقل من الأندية المشاركة ستتأهل للبطولة عن طريق التصفيات، بمعنى احتمالية زيادة عدد الفرق مستقبلاً.
طريقة توزيع العائدات
تم شرح طريقة توزيع العائدات في 4 صفحات من العقد المكون من 167 صفحة، وما كان لافتاً هو حصول ريال مدريد وبرشلونة على 60 مليون إضافية (30 مليوناً بالموسم) خلال أول موسمين للبطولة.
كما تم الاتفاق على توزيع عادل لمكافأة الدخول بين 11 نادياً (قرابة 270 مليوناً)، وتحصل 4 فرق على حصة أقل من نظرائها (قرابة 133 مليوناً)، هذه الفرق هي: أتلتيكو مدريد، وميلان، وإنتر، ودورتموند في حال انضمامه إلى البطولة.
أندية السوبرليغ ستقوم أيضاً بتطبيق سياسة مالية صارمة؛ لضمان الاستدامة وعدم دخول الأندية المشاركة لاحقاً في صعوبات مالية، إحدى هذه السياسات هي تحديد سقف الرواتب بـ55% من دخل النادي مقارنة بالـ70% الضارة المعمول بها، وفقاً لقوانين يويفا في الوقت الحالي.
البنود المسربة أوضحت أيضاً نية الأندية المؤسِّسة، الدخول في عالم البث لاحقاً، حيث يحصل كل نادٍ من الأندية المشاركة (وليس المؤسِّسة فقط) على 4 مباريات حصرية بالموسم تقوم ببثها على منصة مرتبطة بالنادي، في محاولة يمكن تفسيرها بِنيَّة الأندية إلغاء دور القنوات التلفزيونية ومنصات البث مستقبلاً.
هذه المنصات يجب أن تحقق شروطاً معينة ليتم السماح لها ببث المباريات، مثلاً أن تكون فقط للأعضاء ولا يمكن مشاهدة محتواها عن طريق أي منصة أخرى.
ورغم الرفض الذي واجهته البطولة وانسحاب غالبية الأندية (كما أكدت في بيانات رسمية)، لا يزال فلورنتينو بيريز، قائد المشروع، يقف في وجه العاصفة ويدعمه في ذلك أندريا انيللي (رئيس يوفنتوس) وخوان لابورتا (رئيس برشلونة)، على الرغم من إصدار يوفنتوس وبرشلونة بيانات يعلنان فيها تعليق فكرة دوري السوبر الأوروبي حالياً.