حادث كل 48 دقيقة ووفاة كل 13 ساعة.. لماذا تتضاعف حوادث المرور في الأردن؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/01/13 الساعة 13:33 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/01/13 الساعة 14:04 بتوقيت غرينتش

لا يكاد يمر أسبوع إلا ويصحو الأردنيون على خبر مؤسف مفاده وفاة مجموعة من المواطنين نتيجة حادث مروري، وتشير الأرقام الرسمية إلى وقوع خسائر بشرية نتيجة حادث مروري كل 48 دقيقة، ووفاة كل 13 ساعة ونصف. 

إحصائيات مرعبة 

يشير التقرير السنوي للحوادث المرورية في الأردن لعام 2019 الصادر عن مديرية الأمن العام/المعهد المروري لوقوع 161511 حادثاً مرورياً عام 2019 نتج عنها وفاة 643 مواطناً، وإصابة 17013 إنساناً إصابات متفاوتة بدرجة الخطورة، وخسرت المملكة بسببها مبلغ 324 مليون دينار أردني سنوياً، بمعدل خسارة يومية يبلغ (0.89) مليون دينار أردني.

وحسب نفس التقرير الذي لم تصدر منه نسخة 2020 بعد، فإن الإصابات السنوية الناتجة عن حوادث السير منذ عام 2015 لا تقل عن 16 ألف إصابة سنوياً وعدد الوفيات لا يقل عن 570 وفاة سنوياً.

ويؤخذ بعين الاعتبار عند الحديث عن الحركة المرورية في المملكة الهاشمية الارتفاع المذهل في عدد السيارات، ولكنه لا يتناسب مع الزيادة السنوية في عدد السكان، مثلاً عام 1986 كان عدد سكان المملكة 2 مليون و796 ألفاً بينما في عام 2019 تضاعف عدد السكان أربعة أضعاف تقريباً، ووصل إلى 10 ملايين و554 ألفاً، ورافق هذه الزيادة تضاعف عدد المركبات إلى أكثر من 7 أضعاف، 232361 مركبة مسجلة عام (1986) ومليون و677061 مركبة.

ومن الأرقام اللافتة للنظر في التقرير أن الحوادث تزداد بل وتتضاعف في ساعات المساء بالمقارنة مع ساعات الصباح والظهيرة، بينما يعتبر يوم الخميس (آخر يوم عمل رسمي في الأسبوع) هو أكثر أيام الأسبوع حوادث (1764) حادثاً، بينما يوم الجمعة (عطلة رسمية) هو أقل أيام الأسبوع تسجيلاً للحوادث (1438) حادثاً، ومن الأرقام المثيرة للدهشة أن أشهر الصيف بشكل عام وتحديداً شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب هي الأكثر حوادث دموية من حيث عدد الوفيات والإصابات بمختلف درجاتها!


كبار السن هم المتهم الأول

استحوذت العاصمة عمان على نصيب الأسد من إجمالي الحوادث التي نتج عنها إصابات بشرية أضعاف تلك التي حدثت في باقي المحافظات (4319) حادثاً، بينما يعتبر الرقم اللافت للنظر أن حوادث الإصابات البشرية وقعت في أجواء صافية (10417) حادثاً  وليست في أجواء شتوية ماطرة أو عاصفة أو فيها غبار، وأيضاً الغالبية العظمى من تلك الحوادث حصلت في وضح النهار (6248) حادثاً ولم يكن لليل وسوء الإضاءة ذلك التأثير!

كذلك تشير الإحصائيات إلى أن 82% من الحوادث التي نتج عنها إصابات بشرية وقعت بسرعة قليلة لا تتجاوز 60 كم/ساعة بمعنى أن السرعة لم تكن هي المؤثر الرئيسي لحوادث السير في الأردن، وكذلك فإن الغالبية العظمى حدثت على شوارع جافة لا يوجد فيها عوائق مثل الثلج والجليد والرمال والبلل وغيرها من المعيقات!

تعتبر فئة كبار السن (أكبر من 60 عاماً) الأكثر وفيات بسبب حوادث السير تليها فئة الأطفال أقل من عامين ومن ثم تأتي فئة الشباب من عمر 18 لغاية 40، وأيضاً من الصادم أن فئة كبار السن (أكبر من 60 عاماً) هم أكثر من تسبب في حوادث سير، وخصوصاً تلك التي نتج عنها وفيات! بينما شريحة الشباب من 18 لغاية 35 سنة هم الأكثر تعرضاً للإصابات بمختلف درجاتها بعد كبار السن (أكبر من 60 عاماً).

أحد الأرقام الصادمة أن تشير إلى أن 82% من المصابين بحوادث سير هم من المشاة الذين يمشون على الطرقات بدلاً من المسير على الرصيف.

في حين تعتبر الساعة السادسة مساء لغاية الساعة السابعة هي أكثر ساعات اليوم التي وقعت فيها وفيات وإصابات بليغة ومتوسطة نتيجة حادث سير، وكذلك أيام نهاية الأسبوع –الأربعاء والخميس والجمعة- هي الأكثر دموية من حيث عدد الوفيات وعدد الإصابات بمختلف أنواعها! 

يشير التقرير إلى أن "عدم أخذ الاحتياطات اللازمة" وهو سبب فضفاض غير محدد المعالم! وهو المسبب الرئيسي لحوادث السير القاتلة والمتسببة بإصابات بنسبة مئوية وصلت إلى 41.1% من إجمالي الحوادث، تليها "مخالفة المسارب" بنسبة 25.1%. 

من ناحية عيوب المركبات، فإن الخلل في صلاحية إطارات السيارات المتسبب الأكبر في حوادث السير بنسبة 34.1% من إجمالي الحوادث.

على الجانب الآخر، فإن "وجود زيوت منسكبة ومياه صرف صحي على سطح الطريق" هي أبرز عيوب الطرقات التي تسببت في حوادث بنسبة 23.8%، وتراوحت عيوب الطرق ما بين: الحفريات 7.9% ووجود عوائق منها رمال وحصى وأسلاك كهرباء وقضبان حديد وغيرها من العوائق على الطرقات متسببة بما مجموعه 36.5%.

يعتبر الطريق الصحراوي الذي يربط العاصمة عمان بمدينة العقبة أقصى الجنوب إحدى أبرز الطرق التي شهدت حوادث مأساوية قاتلة حيث بدأت وزارة الأشغال العامة مشروع إعادة تأهيل للطريق منذ عام 2016.  

رغم أن تقرير الحوادث المرورية يختتم بتوصيات ممتازة من عدة محاور تشريعية ورقابية وتوعية وتدريبية وختاماً ما يتعلق بالتنسيق مع الشركاء، فإن المأساة مستمرة والجرح لا زال ينزف بشدة من حوادث سير دمرت حياة العديد من الأسر، وتكررت بنفس الأسباب العديد من الحوادث، فمتى ينتج عن تلك الدراسات نتائج ملموسة تقلل من الحوادث؟ وهل تصل الأمور إلى مرحلة العلاج بالكي؟!

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علي أبو صعيليك
كاتب أردني
كاتب أردني
تحميل المزيد