خلال العام الماضي أظهرت دراسة أُجريت على نتائج الفحص الطبي المدونة في سجلات أكثر من 7 آلاف لاعب كرة قدم أسكتلندي بين عامي 1900 و1976، أنهم أكثر عرضة للوفاة بالأمراض العصبية التي تصيب الرأس بمقدار ثلاثة أضعاف ونصف من بقية الناس.
واليوم تبدو المخاوف أكثر من أي وقت مضى، لتصل إلى الحد الذي طالب فيه عدد من مدربي الدوري الإنجليزي الممتاز بمنع ضربات الرأس خلال التدريبات، إذ أثبتت الأبحاث أنها تتسبب في الإصابة بالخرف مع تقدم العمر.
الدراسة أجرتها جامعة غلاسكو وكشفت أن لاعبي كرة القدم أكثر عرضة للوفاة بالأمراض العصبية التي تصيب الرأس بمقدار ثلاثة أضعاف ونصف من بقية الناس.
وصدر التقرير بتكليف من الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم ورابطة لاعبي كرة القدم المحترفين، لتقييم السجلات الطبية لـ7676 لاعباً شاركوا احترافياً في أسكتلندا بين عامي 1900 و1976.
وتمت مطابقة سجلات اللاعبين مع أكثر من 23 ألف فرد من عموم السكان، في الدراسة التي ترأسها استشاري الأمراض العصبية الدكتور ويلي ستيوارت من جامعة غلاسكو.
مُطالبة بمنع ضربات الرأس
وبعد نحو عام كامل من صدور تلك الدراسة، لم يتردد عدد من مدربي الدوري الإنجليزي الممتاز في المطالبة بقرارات عملية، إذا ثبت بشكل قاطع أن ضربات الرأس من شأنها إلحاق الأذى بلاعبي كرة القدم.
جاء هذا الموقف من جانب المدربين بعد تسليط الضوء على القضية عقب وفاة لاعب منتخب إنجلترا السابق نوبي ستايلز في الشهر الماضي.
وأصيب ستايلز وعدد من زملائه في منتخب إنجلترا الفائز بكأس العالم 1966 بالخرف قبل وفاتهم، فيما كشف بوبي تشارلتون (83 عاماً)، لاعب مانشستر يونايتد الشهير، عن معاناته من الخرف أيضاً في الآونة الأخيرة.
وعن ذلك قال سلافن بيليتش مدرب وست بروميتش ألبيون: "إذا أثبتت الأبحاث أن ضرب الكرة بالرأس 10 مرات خلال التدريبات سيسبب الخرف فعلينا منع ذلك".
وأضاف بيليتش: "بالنسبة لي، الأمر الأهم هو أنهم يتحدثون عن هذا الأمر ويعترفون به".
أسلوب تدريب جديد
بدوره، قال فرانك لامبارد مدرب تشيلسي، إنه يفكر حالياً في أسلوب تدريب لاعبيه وإنه يفضل منع ضرب الكرة بالرأس خلال تدريبات الشبان والناشئين قبل تطبيق ذلك على لاعبي الصف الأول.
وأضاف لامبارد: "علينا القيام بأي شيء من شأنه جعل الوضع أكثر أماناً".
واتفق دين سميث مدرب أستون فيلا -الذي عانى والده من الخرف قبل وفاته بفيروس كورونا- مع آراء بيليتش، فيما يتعلق بضرورة إجراء مزيد من الأبحاث في هذا الجانب.
وأردف سميث: "للأسف أصبح الزهايمر والخرف أكثر شيوعاً حول العالم حالياً، لكني أعتقد أنه يتعين علينا التحرك إذا تبين وجود علاقة بين ضرب الكرة بالرأس والإصابة بالخرف.. الكرة كانت أثقل وزناً في الماضي وكلنا نشعر بالحزن على معاناة اللاعبين السابقين من الخرف".
هيرست يطالب بحماية الأطفال
وكان لاعب كرة القدم الإنجليزي السابق جيف هيرست، أكد أنه ينبغي منع الأطفال من ضرب الكرة بالرأس مع تزايد الضغط على سلطات اللعبة لتبديد المخاوف من إصابات الدماغ الناجمة عن ممارسة اللعبة.
وقال صاحب الثلاثية التاريخية في المباراة النهائية لبطولة كأس العالم عام 1966 في مرمى ألمانيا الغربية (4-2) والتي ساهمت بمنح منتخب "الأسود الثلاثة" لقبهم العالمي الوحيد، لصحيفة Daily Mirror: "سيكون اقتراحاً قوياً وحساساً جداً".
وتعرّض العديد من زملاء هيرست في فريق 1966 للإصابة بالخرف، كان آخرهم أسطورة مانشستر يونايتد، بوبي تشارلتون، كما توفي مؤخراً نوبي ستايلز للسبب نفسه.
كذلك أصيب جاك تشارلتون الشقيق الأكبر لبوبي، وزميلاه راي ويلسون ومارتن بيترز صاحب الهدف الثاني في نهائي 1966 بالمرض نفسه، وفارق جميعهم الحياة في غضون السنوات الثلاث الأخيرة.
وقد تم بالفعل حظر السماح للأطفال دون سن 12 عاماً في المملكة المتحدة من ضرب الكرة برأسهم خلال ممارسة كرة القدم، لكن هيرست يؤيد توسيع نطاق ذلك ليشمل الأطفال من جميع الأعمار.
وأضاف هيرست: "أعتقد أن التوقف عند هذا العمر الصغير (12 عاماً)، عندما لا يكون الدماغ قد نضج، يجب أن يُنظر إليه"، مؤكداً أن تأجيل السماح للأطفال بلعب الكرة برأسهم لن يدمر متعتهم باللعبة أو بتعلقهم بها.