لم يقدر مانشستر سيتي على هزيمة ليفربول في الاتحاد خلال لقاء لم يفِ بالوعود بين الفريقين.
صحيح أن فريق غوارديولا كان الأفضل على مدار الشوطين، على مستوى الفرص والتسديدات والاستحواذ، وأضاع أيضاً ركلة جزاء، لكنه لم يكن أبداً في أفضل حالاته، خاصة على الصعيد الهجومي الذي يعاني كثيراً هذا الموسم، مع قلة الأهداف وندرة الفرص وتسرُّع النجوم، وانخفاض مستوى معظم العناصر الأساسية والبديلة على حد سواء.
سوء منظومة ضغط السيتي
الهجوم والدفاع بالنسبة لي لا ينفصلان، عندما تملك هجوماً مميزاً، يجيد الضغط والركض والتحولات، فإن دفاعك سيصبح أفضل حتى إذا كانت عناصره سيئة أو ضعيفة، لماذا؟ لأن الفرص التي ستأتي لمرماك ستكون أقل بعض الشيء، بسبب صعوبة بناء الهجمات ولعب الكرات الطولية واستغلال المساحات من جانب خصمك. وفي حالة السيتي، يمكن التأكيد على الأخطاء الفردية، غياب بعض الأسماء القوية في الخلف وحراسة المرمى، لكن الفريق لا يضغط بالشكل الصحيح والقوي والاستراتيجي هذا الموسم.
اللياقة البدنية عامل رئيسي، تلاحم الموسمين وكثرة المباريات وعدم وجود فترات للراحة، كلها عوامل أدت إلى انخفاض معدلات لياقة دي بروين، وستيرلينج، وبرناردو، ومحرز، وإصابات أغويرو وخيسوس وآخرين، لذلك فإن هجوم السيتي عانى عناصرياً وفنياً وبدنياً خلال المباريات الأخيرة، فابتعد لاعبوه تماماً عن مستواهم.
رحيل ساني أيضاً له دور رئيسي في ذلك، فالألماني كان مميزاً في التحولات والمرتدات وحتى اللعب في المساحات الضيقة، ورحيله مع تعويضه بلاعب شاب وصغير في السن، تنقصه الخبرات، مثل فيران توريس لم يكن خياراً جيداً في المدار القصير، ربما يكون أفضل مستقبلاً، لكن خلال موسم واحد أو موسمين سيكون هذا من رابع المستحيلات.
تحسن الدفاع ولكن
استقبلت شباك السيتي هذا الموسم في بطولة البريميرليغ 9 أهداف حتى الآن، أقوى دفاع رفقة وولفرهامبتون، وتوتنهام، وليستر، وأستون فيلا. الأسباب عديدة من بينها ارتفاع مستوى البرتغالي جواو كانسيلو، وتحسن أداء كايل والكر، مع عودة لابورت من الإصابة، وتعاقد النادي مع الثنائي ناثان آكي وروبين دياس. الهولندي مميز كبديل وأساسي، يجيد اللعب في قلب الدفاع والظهير الأيسر، بينما البرتغالي قائد بالفطرة ولديه قوة بدنية واضحة.
ساهم دياس بالأخص في رفع مستوى الدفاع بالكامل، لأنه مميز في الافتكاك، والعرقلة، وقطع الكرات، ولديه قوة بدنية وطول فارع يساعدانه على التعامل مع الكرات الرأسية، نقطة ضعف السيتي دفاعياً في أغلب المباريات السابقة، لذلك أصبح الفريق أفضل كثيراً في الشق الدفاعي، حتى أمام ليفربول في البريميرليغ لم يصنع حامل اللقب أي فرص تذكر على مرمى إيدرسون، طوال التسعين دقيقة، باستثناء لعبة أو اثنتين.
في المقابل، تحسُّن دفاع السيتي قابله شح هجومي واضح، فالفريق سجل فقط هذا الموسم 10 أهداف في بطولة الدوري، ليأتي في المركز العاشر تهديفياً خلف فرق عديدة، بسبب إضاعة الفرص السهلة بالتأكيد، لكن أيضاً هناك عوامل أخرى ساهمت بلا شك في انخفاض المعدل التهديفي لفريق غوارديولا.
أسباب العقم التهديفي
المتابع الجيد للسيتي يدرك فوراً ضعف العمق الهجومي للفريق، بعد إصابة سيرجيو أغويرو وغيابه الطويل، وكثرة غيابات البرازيلي خيسوس أيضاً، لدرجة أن غوارديولا لعب في بعض المباريات بالإسباني فيران توريس في مركز المهاجم الصريح. عدم وجود رأس حربة بالعمق أمام الفرق الدفاعية يسبب مشكلة حقيقية، ويجعل عملية خلق المساحات صعبة للغاية، وهذا ما حدث للفريق في بعض المباريات، أمام وست هام يونايتد على سبيل المثال.
أيضاً ظهر الجزائري رياض محرز بمستوى ضعيف هذا الموسم، سواء في صناعة الفرص أو التسجيل، مع ضعف أداء رحيم ستيرلينج، الذي سجل هدفين فقط في 7 مباريات. ستيرلينج لن يكون أبداً كلاس A، لاعب لا يجيد اتخاذ القرار قبل أن تصله الكرة، وبطيء في تفكيره رغم سرعته الكبيرة جداً في الركض. سريع جداً، يجيد اللعب في العمق والطرف، مقاتل ويركض باستمرار، يعود للدفاع ويضغط، لكن قراراته ضعيفة، ذهنياً ليس حاضراً في المباريات الكبيرة، والأسوأ أنه دائماً ما يفكر بعد أن يتسلم الكرة لا قبل أن تصله، لا يتخيل أبداً ولا يرسم في خياله شكل الهجمة وتمركز خصمه وتحركات زملائه.
نتيجة لذلك أصبح الاعتماد هجومياً على كيفين دي بروين أمراً مبالغاً فيه، يلعب السيتي بشكل أفضل عندما يكون البلجيكي في مستواه، لكن عندما يغيب أو ينخفض مردوده أو تقل لياقته فإن الشكل الهجومي يصبح أقل بريقاً، كما حدث ضد الليفر على سبيل المثال. دي بروين لم تسعفه لياقته، وتأثر نفسياً بعد ركلة الجزاء، ليصبح هجوم السيتي شبه محفوظ، مع انخفاض مستوى برناردو، وقلة تركيز رحيم، وموسم محرز الضعيف، كل ذلك وأكثر جعل فريق غوارديولا يعاني هذا الموسم.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.