انطلقت منافسات الدوري الإسباني في الموسم الجديد قبل أيام قليلة، وسط توقعات بألا تشهد مجريات الصراع على اللقب أي مستجدات.
ريال مدريد وبرشلونة هما المرشحان الأبرز لخطف اللقب في الموسم الجديد، دون إهمال قوة أندية أخرى كأتلتيكو مدريد وإشبيلية، إلا أن الكفة تميل لمصلحة الأول للحفاظ على اللقب الذي حققه الموسم الماضي، والذي كان أول لقب كبير يحققه منذ رحيل كريستيانو رونالدو.
ومع امتلاكه 34 لقباً، يؤكد ريال مدريد بما لا يدع مجالاً للشك، أنه الأنجح في تاريخ الدوري الإسباني؛ لكونه يملك أكبر سلسلة متتالية في تحقيق اللقب برصيد 5 مرات متتالية، من عام 1961-1965، وكرر ذلك مرة أخرى من 1986-1990، كما لدى الفريق أكبر عدد من الانتصارات برصيد 1716 انتصاراً.
كما أن ريال مدريد هو أول فريق يصل إلى 100 نقطة في تاريخ الدوري الإسباني، وجاء ذلك في موسم 2011-2012.
وفي التقرير التالي نستعرض أبرز خمسة أسباب تزيد فرص ريال مدريد في التتويج بالدوري الإسباني للموسم الجديد 2020-2021.
القوة الدفاعية
على مدار السنوات الماضية اشتهر ريال مدريد بقوته الهجومية الضارية، خاصة عندما كان كريستيانو رونالدو مع الفريق، قبل أن يترك رحيله فجوة كبيرة في خط المقدمة.
ولكن رغم ذلك، أسهمت عودة الفرنسي زين الدين زيدان لتدريب الفريق في تحسّن جميع الخطوط، خاصةً أنه ركّز على تقوية الخط الخلفي للنادي، والذي تم تجاهله كثيراً، وقد اتضح ذلك في الموسم الأخير، إذ حافظ حارس المرمى تيبو كورتوا على نظافة شباكه في 18 مباراة من أصل 34، بينما قدّم سيرجيو راموس ورافائيل فاران عروضاً مميزة، على غرار داني كارفاخال وفيرلاند ميندي ومارسيلو دا سيلفا.
كما تألق كاسيميرو في دوره بخط الوسط، وأثبت أنه يمثل درعاً قوية لقتل هجمات الخصوم، بجانب توني كروس، لهذا لن يكون من المستغرب أن يملك الفريق أفضل الأرقام الدفاعية، بعدما تلقت شباكه 25 هدفاً فقط بالدوري، أي أقل بـ21 هدفاً من الموسم قبل الماضي، وهو ما يدلل على التطور الدفاعي الكبير للفريق.
انتفاضة هازارد
تماماً مثل مواطنه تيبو كورتوا في موسمه الأول، خاض هازارد موسماً مخيباً مع ريال مدريد، عقب وصوله من تشيلسي في صفقة قيمتها 115 مليون يورو.
هازارد أخفق تماماً مع الريال في موسمه الأول، حيث لعبت الإصابات دوراً كبيراً في ذلك، ليتراجع مستواه المعهود، الذي كان يمتاز به مع "البلوز" بفضل سرعته الكبيرة ومراوغاته ومهاراته الرائعة.
وعقب تسجيله هدفاً واحداً فقط في 22 مباراة لعبها مع "الملكي" الموسم الماضي، تعوّل جماهير النادي عليه كثيراً في الموسم الجديد، وسيكون اللاعب أمام تحدٍّ جديد لإثبات قيمته الحقيقية، خاصة مع استعادته لياقته البدنية.
مشاكل وظروف المنافسين
بعد استئناف مباريات الدوري الإسباني في الموسم الأخير، إثر فترة التوقف بسبب فيروس "كورونا المستجد"، تفوق ريال مدريد بشكل كبير على برشلونة، ليحقق اللقب رقم 34 في تاريخه بالدوري الإسباني، إذ اتضحت معاناة النادي "الكتالوني" مع بعض المشاكل الداخلية.
كما أن الخسارة القاسية التي تلقاها "البارسا" أمام بايرن ميونيخ (2-8) في دوري الأبطال، كشفت المستور، إذ اتضح عدم راحة ليونيل ميسي بالبقاء في النادي، فضلاً عن وجود مشاكل بين الرئيس جوسيب ماريا بارتوميو مع اللاعبين، بخلاف عدم وجود ضبط داخل غرف خلع الملابس.
وأسفرت هذه الأمور عن رحيل المدرب كيكي سيتين وجلب رونالد كومان، الذي استثنى من حساباته العديد من اللاعبين أمثال راكيتيتش الراحل إلى إشبيلية، وفيدال الذي اقترب من إنتر ميلان، وسواريز، الذي لا تزال وجهته الجديدة مجهولة.
كما أن النادي دخل في مشاكل مع ميسي حول إقناعه بالبقاء، وكادت الأمور تتطور لنزاعات قانونية، قبل أن يختار اللاعب البقاء لقضاء موسمه الأخير.
وبخلاف برشلونة، كان موسم أتلتيكو مدريد مخيباً للآمال، رغم صفقاته الضخمة، إذ عانى الفريق من جديد على الصعيد التهديفي، في الوقت الذي كان فيه مميزاً كالعادة في الجانب الدفاعي، وهي مشكلة أصابت إشبيلية أيضاً، الذي حلّ رابعاً، ونال لقب الدوري الأوروبي.
أمام تلك المعطيات، يبدو ريال مدريد الفريق الأكثر جاهزية من حيث جميع الظروف، لمواصلة تحقيق اللقب للمرة الثانية على التوالي.
عقلية زيدان ولمساته التكتيكية
يؤكد الفرنسي زين الدين زيدان بما لا يدع مجالاً للشك، أنه المدرب الأنسب للريال هذه الفترة، في ظل امتلاكه عقلية فذة في التعامل مع المباريات، فضلاً على لمساته التكتيكية في قلب المجريات، وهي التي أهدت الريال لقب الدوري الأخير.
وعقب قضائه فترة أولى رائعة تمثلت في نيله 10 ألقاب مع الريال، من ضمنها 3 ألقاب متتالية في دوري الأبطال، قرر الفرنسي الرحيل صيف 2018، لكن عاد لتدريب الفريق بعد مرور 9 أشهر تقريباً، ويقوده للمركز الثالث المؤهل لدوري الأبطال.
وخلال الموسم الأخير جعل زيدان من ريال مدريد فريقاً جديداً يلعب كرة قدم ذكية تعتمد على الاستحواذ بدلاً من الهجوم المرتد، فضلاً عن مساعدته للشبان رودريغو وفينيسيوس وميندي في الحصول على الثقة المطلقة في كثير من اللقاءات.
ولا يعتبر زيدان من المدربين الصارمين على الصعيد التكتيكي، بل رأينا الريال يلعب بالعديد من التشكيلات، الأمر الذي أظهر مرونة تكتيكية رائعة من خلال تغيير شكله اعتماداً على الخصم أو حالة المباراة.
وعقب نيله لقب الدوري في الموسم الأخير، يكون زيدان قد حصل على لقبه الحادي عشر مع ريال مدريد، بمعدل لقبٍ كل 19 مباراة.
عودة مارتن أوديغارد
من المعروف عن ريال مدريد سياسته المتمثلة في بناء فريق للمستقبل دون التفريط في أي لاعب شاب، لهذا قرر النادي إعادة مارتن أوديغارد للفريق في الموسم الجديد، بعد مستوياته الرائعة مع ريال سوسييداد.
أوديغارد يعتبر أصغر لاعب في تاريخ النادي "الملكي"، عندما شارك مع الفريق ضد خيتافي موسم 2014-2015، بعمر 16 عاماً، واتضح بعد ذلك حاجته لكثير من الخبرات والاحتكاك في المباريات لتطوير مستواه؛ الأمر الذي دفع الريال إلى إعارته عدة مرات، آخرها إلى سوسييداد.
ومع إحرازه 4 أهداف في "الليغا"، ومساهمته في 6 أهداف أخرى، نال النجم النرويجي إعجاب زيدان، الذي قرر إعادته للفريق من جديد، لتكون هذه المرة الأولى التي يُعيد فيها المدرب الفرنسي لاعباً لصفوف الفريق دون تجديد إعارته خلال فترة وجوده مع ريال مدريد.
وتعني عودة أوديغارد منح زيدان الحرية في استخدام خطتي 4-3-3 أو 4-4-2، إذ يجيد اللاعب الظهور في مركز الجناح الأيمن خلالهما، في حين بإمكانه لعب دور صانع الألعاب في خطة 4-2-3-1.