"الركض لمسافات طويلة قد لا يعني شيئاً، لأن الركض بشكل ذكي والتمركز النابه أهم".
هذه القاعدة طبقها ماوريسيو ساري أمام سيموني إنزاغي، عندما أكرم يوفنتوس ضيافة لاتسيو وهزمه بهدفين مقابل هدف، ليحلق بعيداً في صدارة الكالتشيو. الأخير وإن زُج به في اللقاء بغيابات كثيرة، إلا أن نهجه لم يتغير، مسارات تحرك اللاعبين والأفكار المطبقة على أرضية الميدان تطابق ما حاول سيموني ترسيخه في لاعبي نسور العاصمة.
منذ العودة من توقف كورونا الإجباري، ولاتسيو يفتقد لبعض الجوانب النوعية، أهمها سلب المساحة من الخصم، أو حتى تغيير التكتيك والتحركات في خط الوسط. الفريق لا يبتكر، حتى بوجود الأساسيين، لو خسر ساري لقاء الأمس لكان ساذجاً في الحقيقة؛ لأن لاتسيو يفقد نسق اللعب عندما يتنوع الإيقاع بين سريع ومتوسط وبطيء، يتيه الفريق ولا يعرف كيف يتحكم في المباراة. لاعبو لاتسيو يحتاجون دائماً لنسق مرتفع، لعب سريع. دفعهم نحو إيقاع بطيء ومساحات محدودة، سلبهم أهم نقاط قوتهم، كانت لكمة جيدة من ساري، جعلت إنزاغي يترنح طيلة المباراة.
التحولات ممنوعة
ماوريسيو لعب لقاءً مثالياً، كان تحضير الموسم بالنسبة له، زج برابيو وبنتانكور ورامسي في خط الوسط. الأول يحرك الملعب بميزة الرؤية وقيادة التحولات من الدفاع للهجوم، الثاني جيد لصد هجمات العمق القادمة من لاتسيو، والثالث يتميز بالاستلام بالظهر والدوران والقيام بالمهام الهجومية.
لم يكن من الجيد للسيدة العجوز أن يستقبل الضغط الأزرق بالضغط من منتصف الميدان، لأن حينها كان سيمنح لاتسيو الوقت والمساحة لرفع الإيقاع؛ لذلك كان الضغط النوعي والتمركز في مناطق لاتسيو الدفاعية حلاً لإيقاف جزء مهم من قوة لاتسيو، أي منع التحول السريع من الدفاع إلى الهجوم.
البداية بكوادرادو في مركز الظهير كانت فكرة أكثر من ممتازة، تمكن الكولومبي من صد جناح لاتسيو، بالوقوف أمام أندرسون سداً منيعاً، وتفوق عليه في المواجهات الثنائية.
ملامح هجومية
في الهجوم، كل شيء كان مثالياً، لأن رونالدو قرر أن يتحرك دون كرة، ورغم أن البرتغالي كان يتمركز في حالات عديدة بشكل غير مفهوم أفقد الفريق فرصة التسلسل بالتمريرات نحو الأطراف، إلا أن الكثير من قرارات رونالدو بالتحرك صوب الأطراف، أو الانتقال إلى متوسط الميدان للمشاركة في بناء الهجمة، كانت عاملاً مساعداً للفريق. رغم أن تحركات رونالدو تلك سببت إزعاجاً، لأن العمق الهجومي للفريق يصبح فارغاً بخروجه منه، إلا أن الفريق كان متوازناً وثابتاً طيلة اللقاء.
ملمح آخر من ملامح يوفنتوس الهجومية كان فراغ الجبهة اليسرى مقابل تمركز كثيف في الجبهة اليمنى من قِبل اللاعبين، وهو الأمر الذي أثار حفيظة المشاهدين والمحللين. والسر في هذا الأمر هو أن الفريق يتوازن، يتمركز اللعب في تلك المنطقة لفتح الملعب عرضياً وخلق المساحات في عمق دفاع لاتسيو ثم تحويل اللعب إلى الدفة الأخرى. كانت الطريقة مبنية على خلق موقف 1 ضد 1 لصالح البرازيلي المهاري دوغلاس كوستا وعلى دقة قدم رابيو في نقل اللعب من جهة لأخرى.
السلبية الكبرى
اللعب والتمركز دون الكرة هي السلبية الكبرى التي يتوجب على ساري ترسيخ الكثير من وقته ومجهوده لمعالجتها. ضد فرق تجيد الدفاع عليك أن تتحرك ككل كثيراً دون كرة، عليك أن تخلق الفراغ والمساحة بتحركاتك. وهذا ما نجح في إصلاحه ساري في مواجهة لاتسيو خاصة في خط الوسط؛ حيث تقارب الثلاثي لمنع لاتسيو من الهجوم من تلك المساحة، وخيراً فعل ساري بعدم إشراك ماتويدي منذ البداية، لأنه كارثي في معرفة ما يحدث في ظهره.
أيضاً، كان رامسي يتحرك بين الخطوط دون كرة بشكل مستمر، لكن ما يعاتب عليه هو التصرف السيئ بالكرة، وضعف اللمسة الأولى وتشتت القرار الثاني بعد الدوران. رامسي لا يرفع رأسه ليأخذ فكرة عن تمركز زملائه، يستلم ثم يدور ثم يمرر دون تفكير وتأنّ.
بعد لقاء ساسولو تعلّم ساري الدرس، ماتويدي ليس الأهم للفريق، وبيانيتش خارج نطاق الخدمة، لذلك على ماوريسيو تجهيز رامسي وإعادة تأهيله جسدياً وذهنياً، لأن تلك اللمسة التي تكسر إيقاع الفرق الأخرى في لحظة هي الميزة التي يمتلكها الويلزي. بالإضافة لكل ما ذكر، يتوجب على ساري إصلاح عملية الربط بين الوسط والهجوم كي يصبح الفريق أكثر تماسكاً وترابطاً.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.