استأنف اللاعب الدولي الجزائري سعيد بن رحمة تألقه المميز مع نادي برينتفورد، مباشرة بعد عودة النشاط الرياضي ببريطانيا، حيث قاد فريقه لتحقيق انتصار ثمين بديار منافسه فولام، السبت الماضي، لحساب الجولة الـ38 من دوري الدرجة الأولى الإنجليزي لكرة القدم، شامبيونشيب، ليعزز بذلك حظوظ النادي في الصعود إلى الدوري الممتاز، ويزيد، من جهة أخرى، من فرصه هو شخصياً في الانتقال، في الميركاتو القادم، إلى أحد عمالقة 'البريميرليغ".
وقد أفادت عدة تقارير بريطانية وفرنسية، في الأسبوع الماضي، عن تواجد بن رحمة ضمن دائرة اهتمام بعض أندية الدوري الإنجليزي الممتاز، على غرار تشيلسي و ليستر سيتي وأستون فيلا وآرسنال.
وأوضحت إذاعة "مونتي كارلو" الفرنسية، أنّ إدارة نادي تشيلسي قد باشرت فعلاً المفاوضات مع نظيرتها لبرينتفورد، حول شروط تسريح مهاجمها الجزائري، وهو الخبر الذي أعادت نقله العديد من وسائل الإعلام البريطانية، ما فتح المجال لأنصار فريق "البلوز" لمناقشة هذه الصفقة المحتملة والتعليق عليها، حيث أبدى معظمهم ترحيبهم الشديد بالنجم العربي، كما فضله البعض منهم على صفقات محتملة أخرى.
ولكن قبل الحديث عن آراء جماهير تشيلسي في سعيد بن رحمة، دعونا نتعرف على هذا اللاعب "المغمور"، والملقب بـ"محرز الجديد" والذي يملك بعض نقاط التشابه مع مواطنه رياض، النجم الحالي لنادي مانشستر سيتي الإنجليزي.
ولد سعيد بن رحمة يوم 12 أغسطس/آب 1995 بمدينة عين تموشنت الجزائرية، أين نشأ وتعلم أبجديات رياضة كرة القدم، قبل أن ينضم في عام 2004 لنادي بطيوة الصغير بمدينة وهران، عاصمة الغرب الجزائري.
وواصل الفتى السعيد تكوينه الرياضي ضمن الأندية الصغيرة، مباشرة بعد وصوله إلى فرنسا رفقة والديه في سنة 2010، حيث انضم لفريق الناشئين لنادي بالاما، ثم لنادي كولومبييه الذي لعب له من 2011 إلى 2013، حيث جلب أنظار كشافي بعض الأندية الكبيرة على غرار نيس الذي ضمه لمدرسته، في صيف 2013، قبل أن يمنحه أول عقد احترافي في يونيو/حزيران 2015، بالتعاقد معه لمدة 3 سنوات.
ولم يكن مسؤولو نادي نيس ليُقدموا على التعاقد مع الشاب بن رحمة لو لم يلاحظوا قدراته الفنية المميزة ضمن فريق الرديف أو خلال المباريات الرسمية القليلة التي خاضها مع الفريق الأول في موسمي (2013- 2014) و ( 2014- 2015) حيث شارك في 8 لقاءات، سجل خلالها هدفاً واحداً، وقدم تمريرتين حاسمتين.
وكان من المنتظر أن يكون سعيد بن رحمة بمثابة مشروع نجم كبير لنادي نيس، لكن خيارات مختلف المدربين الذين تعاقبوا على فريق الجنوب الفرنسي ككلود بويل ولوسيان فافر، جعلته يغادر النادي 3 مرات على سبيل الإعارة، الى أنجيه في يناير/كانون الثاني 2016، ثم إلى أجاكسيو في يناير/كانون الثاني 2017، ثم إلى شاتورو في موسم 2017- 2018 حيث برز كأحد نجوم دوري الدرجة الثانية الفرنسي، بمشاركته في 34 مباراة، سجل خلالها 12 هدفاً وقدم 5 تمريرات حاسمة.
وسمح تألق بن رحمة ضمن فريق شاتورو بجلب اهتمام نادي برينتفورد الإنجليزي، الذي ضمه من نادي نيس مقابل 1.7 مليون يورو، ما جعل النجم الجزائري يمر نحو الضفة الأخرى من بحر المانش، لخوض تجربة جديدة في مشوراه الاحترافي. التجربة التي تبدو جد مفيدة، حيث شارك اللاعب في 45 مباراة رسمية في الموسم الماضي (2018-2019)، سجل خلالها 11 هدفاً وصنع 16 هدفاً آخر، كما خاض إلى غاية كتابة هذه الأسطر 35 مباراة رسمية في الموسم الجاري (2019- 2020) ، سجل خلالها 11هدفاً وقدم 9 تمريرات حاسمة.
مهمة خاصة للارتقاء ببرينتفورد إلى البريمرليغ
وتتضمن هذه الأرقام، هدفاً واحداً وتمريرة حاسمة واحدة، قاد بهما بن رحمة فريقه برينتفورد للفوز على مضيفه فولهام ( 2-0)، السبت الماضي، في قمة الجولة الـ38 من مسابقة الشامبيونشيب. ليرتقي فريقه بذلك إلى المركز الرابع في جدول الترتيب، برصيد 63 نقطة. ويعزز، بالتالي، حظوظه في إنهاء البطولة ضمن المراتب الست الأولى المؤهلة للتنافس ضمن التصفيات النهائية، قصد كسب إحدى تأشيرات الصعود إلى الدوري الإنكليزي الممتاز.
وحتى في حال عدم نجاح نادي برينتفورد في تحقيق حلم الصعود إلى البريميرليغ، فإنّ سعيد بن رحمة يملك حظوظاً وفيرة في تغيير مساره الاحترافي نحو الأفضل بالانضمام لعملاق إنجليزي في الموسم القادم، على غرار فريق تشيلسي الذي نال تزكية جماهيره التي تفاعلت بإيجابية مع الأخبار المتداولة حول اهتمام إدارة نادي "البلوز" بالنجم الجزائري.
ونقل موقع "ذا 72" البريطاني الآراء التي أبداها مشجعو فريق تشيلسي حول احتمال ضم فريقهم للمهاجم سعيد بن رحمة، وتفضيلهم له على النجم الألماني كاي هافيرتز، نجم نادي باير ليفركوزن، الموجود هو الآخر ضمن أجندة النادي اللندني.
وكتب أحد المشجعين عبر حسابه في تويتر: "بن رحمة سيكون أفضل استثمار في فترة الانتقالات، أفضل من خيار هافيرتز".
وغرد آخر: "أعتقد أن سعيد بن رحمة أفضل من سانشو وهافيرتز، يمكن للفتى أن يبدع ويراوغ، إنه ذكي للغاية".
وكتب مشجع ثالث: "بن رحمة لاعب مبدع وأراه أحسن من هافيرتز من دون إغفال الجانب المالي".
وكتب آخر: "ربما رأيي لا يحظى بشعبية كبيرة، لكني أفضل سعيد بن رحمة على كاي هافيرتز، مالياً وفنياً، والجزائري أكثر ما يحتاجه الفريق".
نقاط تشابه مع رياض محرز
وإلى جانب تشيلسي، فإنّ أندية إنجليزية كبيرة أخرى تريد الاستفادة من خدمات بن رحمة في الموسم القادم، ونخص بالذكر فريق ليستر سيتي الذي يملك ذكريات رائعة مع لاعب جزائري آخر، ونعني به رياض محرز الذي قاده للتتويج بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز في موسم قبل أن يغادره في نحو مانشستر سيتي في صيف 2018.
ويبدو أنّ ليستر سيتي يحن لأيام رياض الجميلة، ولذلك يسعى لضم مواطنه السعيد، خاصة وأنّ بن رحمة يلقب بـ"محزر الجديد"، بالنظر لمهاراته الفنية العالية وأسلوبه الذي يشبه أسلوب محرز إلى حد ما، كما هناك بعض التشابه في المسار الاحترافي مع نجم "السيتيزنز"، حيث بدأ كلا اللاعبين مشوارهما الرياضي ضمن أندية فرنسية صغيرة، قبل الانفجار بإنجلترا.
ويجيد بن رحمة اللعب في مركز متوسط ميدان هجومي، أو مهاجم على كلا الجناحين الأيمن والأيسر، على الرغم من أنّ قوته تكمن في قدمه اليمنى.
ويمكن تلخيص القدرات الفنية المميزة لبن رحمة في ما قاله عنه زميله في فريق برينتفورد، المدافع هنريك دالسغارد، حين صرح، مؤخراً لصحيفة Evening Standard البريطانية: "إنه لاعب مُتعب، فعندما تغلق المنافذ أمامه، وتكون متأكداً من انتزاع الكرة منه، تجده يراوغك ويتركك عاجزاً".
بطاقة صفراء بسبب "شكراً يا أبي"
ونقطة التشابه الأخرى بين محرز وبن رحمة، هي أنهما ينحدران من نفس المنطقة بالجزائر، فرياض على الرغم من مولده بفرنسا إلّا أن مسقط رأس والده رحمه الله، مدينة تلمسان بأقصى الغرب الجزائري، المتاخمة شرقاً لمدينة عين تموشنت التي ولد بها بن السعيد.
واعتاد محرز قضاء جزء من عطلته الصيفية بتلمسان، مثلما اعتاد بن رحمة أيضاً زيارة المنطقة كل عام، وآخرها في الأسبوع الأخير من شهر يناير/كانون الثاني الماضي لما حضر جنازة والده بمدينة سيدي بلعباس.
وشاءت الأقدار أن "ينفجر" سعيد بن رحمة مباشرة بعد عودته من الجنازة إلى إنجلترا، حيث شارك يوم الفاتح فبراير/شباط 2020، رفقة فريقه برينتفورد أمام مضيفه هال سيتي (5-1) لحساب الجولة الـ30 من الشامبيونشيب، وسجل ثلاثة أهداف كاملة "هاتريك"، ولكنه تلقى بطاقة صفراء عندما نزع قميص فريقه بعد تسجيل أحد الأهداف ليظهر عبارة كتبها باللغة الفرنسية "شكراً يا أبي"، تحية شكر وعرفان لوالده المتوفى قبل 10 أيام فقط.. ومن المؤكد أنّ حكم اللقاء ما كان ليشهر البطاقة الصفراء في وجه بن رحمة لو كان يحسن قراءة اللغة الفرنسية، أو كان على دراية بالحدث الحزين والمفجع الذي عاشه اللاعب الجزائري قبل أيام.
لن نختم المقال دون الإشارة إلى أنّ سعيد بن رحمة لم يشارك إلى حد الآن سوى في 3 مباريات دولية مع المنتخب الجزائري، آخرها اللقاء الودي الذي فاز به الخضر أمام منتخب جمهورية الكونغو (2-0) يوم 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.. ولكن ومن دون شك، فإنه في حال مواصلة تألقه المسجل في الموسم الجاري فإنه سيكون في القريب العاجل قطعة أساسية في منتخب "محاربي الصحراء".
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.