أعلن منظمو دورة الألعاب الأولمبية الصيفية "طوكيو 2020″، الإثنين 30 مارس/آذار، أن الموعد الجديد لهذا الحدث الرياضي، المقرر تنظيمه في العاصمة اليابانية طوكيو، سيكون من 23 يوليو/تموز إلى 8 أغسطس/آب 2021، كما أعلن رئيس اللجنة المنظِّمة يوشيرو موري. وقد تم تأجيل أولمبياد طوكيو، بسبب مخاوف من وباء كورونا المستجد "كوفيد-19".
وكان من المقرر أن تقام الدورة بين 24 يوليو/تموز و9 أغسطس/آب 2020، لكن اللجنة الأولمبية الدولية والحكومة اليابانية أعلنتا، الثلاثاء الماضي، تأجيلها بعد ضغوط من الاتحادات والرياضيين لإرجائها، في ظل توقُّف النشاط الرياضي عالمياً، بسبب فيروس كورونا كوفيد-19.
وجدد الإعلان عن تأجيل الأولمبياد بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19" الذي يضرب العالم منذ أسابيع وخلّف ما يقرب من 35 ألف قتيل، المخاوف من أن يتكرر سيناريو "لعنة الأولمبياد" مثلما حدث حينما تم إسناد الدورة الأولمبية التي كان من المقرر إقامتها في عام 1940، إلى العاصمة اليابانية.
إلا أنه تم سحب تنظيم البطولة التي كان من المقرر إقامتها بين 21 سبتمبر/أيلول و6 أكتوبر/تشرين الأول 1940، بسبب اندلاع الحرب بين اليابان والصين، في السابع من يوليو/تموز من عام 1937، وهي الحرب التي كانت مقدمة لتورط اليابان في الانضمام للحلفاء في الحرب العالمية الثانية، التي اندلعت في عام 1939، بعدما استعانت الصين بالاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكية في قتالها ضد اليابان.
ومثلما حدث في الدورة التي كان من المزمع إقامتها صيف العام الحالي، شهدت دورة 1940 كثيراً من الجدل ما بين رغبة اللجنة الأولمبية والدولة المنظمة للدورة (تم اختيار هلسنكي عاصمة فنلندا لتنظيمها بعد سحبها من طوكيو)، في إقامة البطولة بموعدها، لدرجة أن الحكومة الفنلندية قدمت تعهدات بحماية الرياضيين المشاركين.
لكن الكوميديا السوداء تدخلت لتفرض التأجيل، ليس فقط دورة 1940، ولكن دورتان أولمبيتان بعدها هما 1944 و1948، وتمثلت الكوميديا السوداء في أن فنلندا نفسها تعرضت لهجوم من قوات الاتحاد السوفييتي في أبريل/نيسان (لاحِظ تشابه التوقيت) من عام 1940، مما اضطر اللجنة الأولمبية إلى إلغاء الدورة نهائياً.
مرة أخرى تتكررت اللعنة ويواجه العالم حالة "موت جماعي" بسبب فيروس، هذه المرة وليس الحرب، ومرة ثانية تتشبث اللجنة الأولمبية والدولة المنظِّمة بأمل تنظيم الدورة في موعدها رغم أن كل الأحوال العالمية تؤكد ضرورة التأجيل، حتى لا يتفاقم الأمر ولا يكون في وسع المنظمين سوى الرضوخ لصوت العقل وتأجيل البطولة.
لكن التخوف هنا من أن يتكرر سيناريو دورة 1940 بصورة كربونية، ويدخل العالم في حالة من انعدام السِّلم عدة سنوات، وليس فقط لمدة بسيطة.
فيما يلي، عرض للتسلسل الزمني الذي أفضى إلى تأجيل أولمبياد طوكيو، قبل الإعلان عن موعدها الجديد:
– 2013: دموع الفرح
انهمرت دموع الفرح من مذيعي شبكات التلفزة اليابانية، وبدأ الملايين يهتفون فرحاً لدى اختيار طوكيو لتنظيم الألعاب في سبتمبر/أيلول 2013.
وسط هذه المشاعر، تحوَّل تفكير عدد كبير من اليابانيين تجاه آلاف من ضحايا الزلزال المدمر والتسونامي والكارثة النووية التي ضربت البلاد في مارس/آذار 2011، ورأوا في الألعاب الأولمبية فرصة ذهبية لإعادة البناء.
ووعد رئيس الوزراء، شينزو آبي، بأن ألعاب طوكيو ستكون في "أيدٍ أمينة"، لا سيما أن بلاده تحظى بسمعة عالية من ناحية الفاعلية والكفاءة.
– 2015: فضيحة ميزانية الملعب الوطني
واجه آبي إحراجاً عندما اضطر إلى التخلي عن مسودة بناء الملعب الوطني بعدما خرجت تكلفته عن السيطرة. وقال في يوليو/تموز عام 2015، بعد غضب شعبي بسبب الميزانية التي ناهزت ملياري دولار، ما كان سيجعل منه الملعب الأغلى في العالم: "لقد قررت أن نعود إلى لوح التصميم".
– 2015: التخلي عن تصميم الشعار
واجه التنظيم فضيحة ثانية في سبتمبر/أيلول 2015، مع الاضطرار إلى التخلي عن تصميم الشعار بعد شبهات باستنساخه من تصميم آخر.
وقال المصمم البلجيكي أوليفييه ديبي، إن الشعار تمت سرقته من شعار مسرح بلجيكي أعده، مهدداً باللجوء إلى المحاكم، قبل أن تبادر اللجنة المنظمة بسحب الشعار من التداول، لأنه "لم يعد يحظى بدعم الجمهور".
– 2018: صفعة الملاكمة
في خطوة غير مسبوقة، منعت اللجنة الأولمبية الدولية الاتحاد العالمي للملاكمة من الإشراف على منافسات هذه الرياضة خلال الأولمبياد، بسبب تهم مختلفة. ساد تخوُّف من غياب "الفن النبيل" عن الأولمبياد، لكن اللجنة الدولية اختارت أن تتولى بنفسها تنظيم منافسات هذه الرياضة.
– 2019: تهم فرنسية
وجَّه القضاء الفرنسي، في يناير/كانون الثاني 2019، تهمة الفساد إلى الرئيس السابق للجنة الأولمبية اليابانية تسونيكازو تاكيدا، ودفع مبلغ 2.3 مليون دولار قبل وبعد اختيار العاصمة اليابانية لتنظيم الألعاب.
ونفى "تاكيدا" التهم الموجهة إليه، مؤكداً أنه "لم يشارك إطلاقاً" في أي قرار بشأن دفع هذا المبلغ، لكنه اضطر لاحقاً إلى الاستقالة من منصبه.
– 2019: تغيير مكان سباق الماراثون
بعد التحذيرات من مغبة إقامة سباق الماراثون وسط الحرارة الملتهبة والرطوبة العالية في صيف طوكيو، اتخذت اللجنة الأولمبية الدولية قراراً يقضي بنقل سباق الماراثون إلى مدينة سابورو في شمال اليابان، على بُعد نحو 800 كم من العاصمة. لم يرُق القرار للمسؤولين اليابانيين، لكنهم أقروا بأنه لا خيار أمامهم سوى الرضوخ له.
– 2019: الميزانية المتضخمة
في ديسمبر/كانون الأول، كشف المنظمون عن النسخة النهائية لميزانية الألعاب، وقدَّروا تكاليفها بـ12.6 مليار دولار، علماً بأن المسؤولين اليابانيين ومسؤولي الأولمبية الدولية لا يزالون يتجاذبون بشأن التكلفة الفعلية لنقل سباق الماراثون إلى سابورو.
وبحسب تدقيق حسابي للميزانية، ستكون حصة الحكومة المركزية من الموازنة عشرة أضعاف المبلغ المرصود لها أساساً.
– 2019: إيقاف روسيا
باتت مشاركة روسيا بالألعاب في مهب الريح؛ بعد عقوبة إيقاف رياضييها عن المشاركة في المنافسات العالمية لأربعة أعوام، من قِبل الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات (وادا) في ديسمبر/كانون الأول الماضي؛ على خلفية تلاعب السلطات الروسية ببيانات الفحوص.
وتقدمت روسيا باستئناف للعقوبة أمام محكمة التحكيم الرياضي، لكن النظر فيه والذي كان مقرراً هذا الشهر، أُرجئ بسبب فيروس كورونا.
– 2020: الإلغاء ليس مطروحاً
بات فيروس كورونا "كوفيد-19" مصنَّفاً كوباء عالمي من قِبل منظمة الصحة العالمية، ففي ظل الوباء، ازدادت الضغوط على اللجنة الأولمبية لتأجيل الألعاب. وبعد أيام من إعلانها عدم وجود حاجة لاتخاذ قرارات "جذرية" حالياً، أقرت اللجنة في 22 مارس/آذار، بأن خيار التأجيل بات مطروحاً، بعد التشاور مع مختلف الأطراف، وأمهلت نفسها أربعة أسابيع لاتخاذ القرار.
– 2020: تأجيل لا مفر منه
أعلنت اللجنة الأولمبية الدولية واليابان، في بيان مشترك، الثلاثاء 24 مارس/آذار، أنه "في ظل الظروف الراهنة وبناءً على المعلومات المقدمة من منظمة الصحة العالمية اليوم، خلص رئيس اللجنة الأولمبية الدولية (الألماني توماس باخ) ورئيس الوزراء الياباني (شينزو آبي) إلى أن الأولمبياد الثاني والثلاثين في طوكيو يجب أن يتم تأجيله إلى ما بعد عام 2020، لكن ليس أبعد من صيف 2021؛ لحماية صحة الرياضيين وجميع المعنيين بالألعاب الأولمبية والمجتمع الدولي".