مع التراجع الواضح في الحصيلة التهديفية للنجم الأرجنتيني ليو ميسي الذي يتصدر ترتيب هدافي الدوري الإسباني برصيد 14 هدفاً فقط بعد مرور 22 جولة، بات كثيرون يطرحون تساؤلات مشروعة عما إذا كان الليغا سيتحول إلى دوري دفاعي أكثر من كونه هجومياً، منهياً بذلك عصراً قدمت فيه الكرة الإسبانية للعالم، نموذجاً في الكرة الهجومية الجميلة سواء من خلال المنتخب مع مدربَيه، الراحل لويس أراغونيس وخليفته فيسينتي ديل بوسكي، أو مع فريق برشلونة الذي سطع نجمه مع غوارديولا.
لكن الاتجاه السائد في عام 2020 هو الحفاظ على الشباك نظيفة دون أهداف، مع محاولة تسجيل أهداف في شباك الفرق المنافسة بأسرع الطرق وأكثرها فاعلية، وهنا تحديداً يشهد الدوري الإسباني تراجعاً كبيراً.
في هذا الموسم، من بين البطولات المحلية الخمس الكبرى في أوروبا، كان الدوري الإسباني الأقل من حيث إحراز الأهداف؛ إذ كان رصيده 535 هدفاً فقط في 22 مباراة، وهو أقل من الدوري الفرنسي، الذي أُحرز فيه 557 هدفاً في 22 مباراة، والألماني الذي سُجّل فيه 587 هدفاً في 20 مباراة، والإيطالي الذي شهد تسجيل 632 هدفاً في 22 مباراة، وأخيراً وفي الصدارة الدوري الإنجليزي الذي أُحرز خلاله 691 هدفاً في 25 مباراة.
في تفسير ذلك التراجع قال اللاعب الإسباني ألفونسو بيريز، في حديثه لموقع ABC الإسباني: "تتسم كرة القدم في إسبانيا بمزيد من الاستحواذ والركلات، وليس بالقدرات الجسدية والسرعة. في البطولات الأخرى، مثل الدوري الإنجليزي تهيمن القوة العضلية أكثر والتحركات السريعة للهجوم والدفاع والتسديدات في الزاوية 90، بينما في الدوري خاصتنا لا تزال الأولوية لتمرير الكرة والضربات ونقل الكرة من جانب إلى آخر، وهذا يجعل الوصول إلى المرمى أقل مما يمكننا أن نرى في البطولات الأخرى".
وتابع: "يتّسم الدوري الإسباني بمزيد من صنع الألعاب والاستحواذ، وتلعب بقية البطولات كرة قدم بصورة مباشرة أكثر، باستثناء حالات نادرة مثل مانشستر سيتي".
إضافة إلى هذا، سلط المهاجم السابق في ريال مدريد وبرشلونة وبيتيس الضوء على خروج بعض اللاعبين الفريدين من نوعهم من الدوري الإسباني مثل رونالدو: "كان كريستيانو يحرز أهدافاً كثيرة".
يتفق جوليو بابتيستا مع ألفونسو في هذا الرأي؛ إذ قال: "لا يلعب كريستيانو في ريال مدريد حالياً، ووجوده كان يولّد تنافسية كبيرة مع ميسي".
وأضاف لاعب منتخب البرازيل سابقاً والمدرب الحالي لفرق الشباب في نادي ريال بلد الوليد الإسباني: "أمضى دييغو كوستا أيضاً جزءاً كبيراً من الموسم مصاباً، وهذا يعني كذلك انخفاضاً كبيراً في (عدد) الأهداف".
من جهته قال حارس فالنسيا السابق سانتياغو كانيزاريس: "يجعل التعادل المباريات أكثر انغلاقاً، والأنظمة أصعب، ولا توجد أهداف ترفع هذه الأرقام".
وأضاف: "هذا ليس خبراً سيئاً. يمكن تفهّم ذلك من منظور أن الفِرق أفضل من الناحية التكتيكية، وتتنافس بطريقة جيد للغاية في ظل نتيجة غير مؤكدة حتى الدقيقة الأخيرة، ومن ثم هناك مَواطن قوة أقل عند المرمى بالنسبة للمهاجمين".
هذا التصور الذي يطرحه كانيزاريس يمكن أيضاً أن يكون واحداً من أسباب انخفاض أرقام أفضل الهدافين في البطولات الكبرى بالقارات.
فميسي، الذي يتصدر ترتيب هدافي الدوري الإسباني، سجل 14 هدفاً فقط، بعد 22 جولة مرت من البطولة، وهي أسوأ حصيلة للهداف منذ موسم 2001-2002، عندما فاز كاتانيا (من نادي سيلتا فيغو) بجائزة الهداف (بيتشيتشي) برصيد 11 هدفاً.
يقترب الرصيد الحالي لميسي من الأهداف الخمسة عشر لوسام بن يدر الذي يلعب في نادي موناكو الفرنسي، أو الأهداف السبعة عشر لفاردي الذي يلعب في ليستر سيتي، لكنه بعيداً للغاية عن الأهداف الخمسة والعشرين لتشيرو إيموبيلي الذي يلعب في نادي لاتسيو الإيطالي، وعن الاثنين وعشرين هدفاً لروبرت ليفاندوفسكي الذي يلعب في البايرن.
قال بابتيستا: "هذه الأرقام متغيرة وتصعد وتهبط. في كرة القدم المعاصرة يعمل الدفاع بصورة أفضل، وهذا (التحسن) يُكلِّف الفرق تسجيل عدد أقل من الأهداف يوماً بعد آخر. في الحقيقة الفَرق بين رصيد الهدافين ليس كبيراً بين إسبانيا وفرنسا وإنجلترا".
إذا نظرنا إلى الأندية المتصدرة في الدوريات الأوروبية، نجد أن حصيلة ريال مدريد 40 هدفاً، أقل من يوفنتوس الذي سجل 43 هدفاً، وباريس سان جيرمان بـ57 هدفاً، وبايرن ميونيخ الذي سجل 58 هدفاً، وليفربول مع 60 هدفاً. واختتم بابتيستا بالقول: "لكل فريقٍ فلسفته، ولا توجد حقيقة مطلقة فيما يتعلق بالهدف النهائي، ألا وهو الفوز. أنا على يقين بأن عدد الأهداف سيزداد في هذه المرحلة النهائية من الموسم في الدوري الإسباني. وسيصل ميسي على الأقل إلى 30 هدفاً".