رغم تأكيدات المدرب الإسباني بيب غوارديولا المتتالية على سعادته في مانشستر سيتي، ونيته البقاء لأطول مدة ممكنة، لا تزال الشكوك تحوم حول استمراره مع السيتيزنز بعد نهاية الموسم الحالي، أو في أحسن الأحوال بعد نهاية عقده في صيف 2021.
الشواهد تقول عكس ما يؤكده غوارديولا، خصوصاً فتور حماسه لتجديد دماء الفريق وعلاج الثغرات الدفاعية الهائلة التي عانى منها في الموسم الحالي، وكان لافتاً بحسب ما ذكرت صحيفة The Sun البريطانية أنّ المدرب الملقب بالفيلسوف لم يسعَ لإبرام أي تعاقدات في الميركاتو الشتوي المنتهي لعلاج الخلل الدفاعي، خصوصاً في ظل حقيقة مؤلمة تكشف تلقيه هزيمتين متتاليتين، الأولى في إياب نصف نهائي كأس الرابطة أمام مانشستر يونايتد، ثم في الدوري أمام توتنهام، دون تسجيل أي هدف.
صحيح أنه يمكن للسيتي أن يعود قوياً في الموسم القادم إذا تمكّن من سد الفجوة الدفاعية، بالتعاقد مع أربعة مدافعين جدد في الميركاتو الصيفي المقبل، ولاعب إضافي في وسط الملعب، لكن هل يمتلك غوارديولا طاقة ودافعاً ورؤية طويلة المدى للبدء من جديد مع السيتي؟
في نهاية هذا الموسم، وهو الرابع له، سيكون غوارديولا في ملعب الاتحاد لنفس المدة التي كان مسؤولاً فيها عن برشلونة، ولمدة عام أطول من عهده في بايرن ميونيخ، وبالقياس على ما سبق فقد عانى بيب المعروف بأنه مدمن العمل الشاق من الانهيار في الماضي، ويشير سلوكه العام إلى أنه قد يحتاج قريباً إلى استراحة.
أمام غوارديولا (49 سنة) مع السيتي موسم آخر وفقاً لعقده، وقد يحترمه بسبب ولائه لصديقه القديم تشيكي بيغيريستين، المدير الرياضي في النادي، ولكن من الصعب حالياً تخيله وهو يمد مدة بقائه في مانشستر بعد 2021.
لقد كان غوارديولا هو المدرب الأجنبي الأكثر نفوذاً وتحضراً في كرة القدم الإنجليزية منذ أرسين فينغر، الذي سبقه بعقدين، فقد حصل فريقه على ألقاب متتالية بأسلوب مبهر ومبهج، مع اكتساح تام غير مسبوق في البطولة المحلية في الموسم الماضي.
ولا بد من الاعتراف بأن غوارديولا كان له تأثير جيد على الشاب فيل فودين، وعلى ستيرلينغ، وعلى كل لاعبي السيتي، وعلى كرة القدم الإنجليزية كلها، لكن هذا التأثير بدأ في التلاشي.
وبات واضحاً مدى تأثير رحيل القائد السابق، البلجيكي فنسنت كومباني على أرض الملعب وفي غرفة ارتداء الملابس، فضلاً عن أن ميكيل أرتيتا، الذي كان بمثابة الذراع اليمنى لبيب غوارديولا، يشغل حالياً منصب المدير الفني لفريق أرسنال، وسيغادر ديفيد سيلفا هذا الصيف، بينما سيبلغ فيرناندينيو 35 عاماً في مايو/أيار، وسيتم سيرجيو أغويرو 32 عاماً هذا الصيف.
ثمة حاجة لدماء شابة، وما زلنا لم نرَ بعدُ تدفق أبناء النادي من قطاع الناشئين وهم يرتدون قميص الفريق الأول، وهو شيء طالما تمناه السيتي منذ عهد طويل.
قد يتمكن فودين من فعل ذلك، لكنه يحتاج إلى سلسلة متواصلة من خوض المباريات ضمن التشكيلة الأساسية للفريق. ربما يمكن الاستعانة به خلال ما تبقّى من هذه الموسم في الدوري.
وأيما يكون ما قاله المدرب الإسباني في نهاية الأسبوع الماضي، من أن عهده في استاد الاتحاد سيُحكم عليه بالفشل إذا لم يتمكن من الفوز بدوري أبطال أوروبا، فإن الفكرة التي يسعى لترويجها أن السيتي قد ينهي حلمه في المنافسة على الدوري الإنجليزي الممتاز مبكراً، من أجل التركيز على دوري أبطال أوروبا، تبدو فكرة مُخلَّة.
ذلك أن أحد أهم سمات السيتي في الموسم الماضي كانت الشراسة التي لا ترحم، التي أبقته بعيداً عن ليفربول على مدى السباق نحو اللقب، وقد انتهى ذلك التماسك منذ عهد طويل، فضلاً عن أن الإشارة إلى أن لاعبي السيتيزنز الفاقدين للياقتهم، يمكنهم الضغط على زر ما لإعادة تشغيل هذه اللياقة في مباراتهم القادمة في الدور الـ16 أمام ريال مدريد، تبدو أيضاً إشارة غير واردة.
أما ريال مدريد، فهو ليس النسخة المعهودة من الميرينغي التي سحقت المنافسين في دوري أبطال أوروبا لثلاث نسخ متتالية. لكن رجال زين الدين زيدان يتصدرون الدوري الإسباني، وبهزيمة واحدة فقط طوال الموسم.
وهناك حقيقة أخرى تخص تلك المباراة الموعودة، أنها ستكون مواجهة بين أبطال دوري أبطال أوروبا لـ13 مرة أمام نادٍ كان أقصى ما حققه في البطولة طوال تاريخه هو الوصول إلى نصف النهائي.
إذ إن ريال مدريد هو النادي الذي يشتهر بهيمنته على البطولة الأوروبية. أما السيتي، فهو النادي الذي استهجن جمهوره نشيد نفس البطولة.