لا جدال في أن المستوى العام لفريق برشلونة هذا الموسم يشهد انخفاضاً واضحاً لكل ذي عينين، حتى أن تصدره جدول ترتيب الليغا بعد الجولة العشرين، لم يكن بسبب تفوق البلوغرانا مثلما كان عليه الحال في أغلب مواسم العقد المنتهي، وإنما لأنه صار مثل الأعور في دوري من العميان، حيث يعاني ريال مدريد من عدة مشاكل تتعلق بافتقاد الفريق للشخصية في غياب الأب الروحي لكتيبة الميرينغي طوال 9 مواسم، البرتغالي كريستيانو رونالدو، كما يتخبط أتلتيكو مدريد منذ بداية الموسم في محاولة لتعويض الراحلين عن صفوفه، ومثله أشبيلية الذي بات بلا ملامح واضحة مثل مدربه جولين لوبيتيغي الذي أقصي من تدريب ريال مدريد منتصف الموسم الماضي.
يعاني برشلونة بوضوح على المستويين الفني والمعنوي، ليس هذا الموسم فقط وإنما منذ زلزال أنفيلد في مايو/أيار من العام الماضي حين دك نجوم ليفربول شباك الحارس تير شتيغن برباعية نظيفة لينجزوا مهمة كان العالم كله قبل اللقاء يجزم بأنها مستحيلة، لتقدم البارسا في الذهاب بثلاثية نظيفة.
منذ ذلك الوقت لم يعد برشلونة كما كان في السابق، وانضم الهبوط الفني والمعنوي لأغلب اللاعبين مع التراجع التكتيكي الذي يعانيه البلوغرانا منذ أن تولى تدريبه أرنستو فالفيردي.
على رأس هؤلاء اللاعبين الكرواتي إيفان راكيتيتش، الذي لا يقدم المستوى المنتظر منه رغم عودته للمشاركة أساسياً في الفترة الأخيرة، حتى أنه بات بإمكان أي متابع لمباريات البارسا أن يتوقع موعد استبداله في الشوط الثاني من أجل الدفع بأرتورو فيدال.
مجلة france football الفرنسية حاولت تحليل أسباب تراجع مستوى راكيتيتش من خلال حوارات مفتوحة على مواقع التواصل الاجتماعي مع بعض قرائها، حيث قال أحدهم ويدعى سفيان "إن المشجعين الذين يشاهدون المباريات عبر الشاشات شعروا بخيبة أمل جراء مستوى راكيتيتش". إنهم يشاهدونه -في أغلب الأحيان- يصنع تمريرات جانبية، ويعتبرونه أحد المسئولين الرئيسيين عن الهزيمة في أنفيلد.
لكن يظل الجدل دائراً حول مستوى اللاعب الكرواتي بين مؤيد ومعارض، ومع ذلك فإن المشجعين الجالسين خلف المرمى خلال المباريات يفضلونه ويساندونه. ففي بعض الأحيان يُلقى الدولي الكرواتي بقميصه عقب اللقاء إلى أولئك الواقفين خلف المرمى ومن ثم ليس من الغريب رؤية انتقاده عبر وسائل التواصل الاجتماعي ودعمه في ملعب الكامب نو.
وقال قارئ آخر يدعى نافيد: "لقد جاء راكيتيتش ليحل مكان تشافي هيرنانديزفي عام 2014، ومن ثم يتوقع المعظم أن يقوم بتمريرات أمامية، أن ينقل اللعب إلى الأمام". وهذا ما كان عليه الحال في بعض الأوقات في عهد لويس إنريكي ولكن شيئاً فشيئاً، توقف هذا الأمر وصار التمرير في الفريق مماثل للعبة كرة اليد.
انخفض مستوى راكيتيتش اللاعب المدلل لدى المدرب فالفيردي بالإضافة إلى مستوى برشلونة الذي صار أقل ابتكاراً عن ذي قبل وأقل هوية.
وتابع نافيد قائلاً: "أعتقد أن إرنستو فالفيردي سعى لترسيخ الفكر الدفاعي بإشراك بوسكيتس وراكيتيتش، حيث يتقدم بوسكيتس في بعض الأحيان للتمرير بينما يعمل راكيتيتش على إيقاف الخصم.
وبدوره رد سفيان قائلاً: "يُثمن فالفيردي أن راكيتيتش لاعب آمن: قليل الإصابات، ويمتلك خبرة ويحقق التوازن حتى لو كان هذا الأمر يثير اللغط"، في حين اعترف أرنيستو فالفيردي، المتهم الرئيسي، خلال مؤتمر صحفي بقوله: "إن راكيتيتش هو صمام الأمان في العديد من الجوانب".. الأمن مقابل الشرارة الهجومية، معادلة لم تحل أبداً، في الدوري الأسباني كما في دوري أبطال أوروبا.
ومنذ وصول الهولندي فرانكي دي يونغ وقبله تألق البرازيلي آرثر ميلو، غيرا أيام راكيتيتش في كامب نو، فقد صار يجلس على مقاعد البدلاء، أكثر مما يبدأ المباريات، وإن عاد إلى التشكيلة الأساسية مؤخراً، فقط بسبب إصابة ميلو.
لكن صحيفة Mundo Deportivo الكتالونية قالت في العنوان الرئيسي لأحد أعدادها إن "راكيتيتش صار مقنعاً".
ومع ذلك، فهو أبعد ما يكون عن إثارة إعجاب الجمهور بأكمله، بل وأكثر من هؤلاء الذين يرون وجود بدائل في أكاديمية برشلونة، حيث يقوم الدولي الكرواتي بشكل غير مباشر بإعاقة ظهور لاعبين مثل كارليس ألانيا وريكي بويغ.
ويعتقد الكثيرون في كامب نو أن الميركاتو الشتوي الحالي في يناير/كانون الثاني، يمثل آخر فرصة لبيعه للحصول على المال وشراء لاعبين شباب للاستعداد للمستقبل.
فالجماهير تظن أن اللاعب الذي يتخطى الـ30 عاماً ولم تكن له بصمات واضحة ولم يكن من أبناء النادي، فيجب بيعه لبناء المستقبل". باختصار، بالنسبة للرأي العام، اترك المجال للمواهب الشابة وتخل عن راكيتيتش. لكن هذا القرار لا يبدو متاحاً بالنسبة لإدارة برشلونة، على الأقل في الوقت الحالي.