قال فيرجيل فان دايك، لاعب ليفربول، إنَّ الفارق الهائل الذي يتقدم به الفريق في السباق نحو لقب الدوري الإنجليزي الممتاز لن يجعلهم يحتفلون قبل الأوان بتحقيق اللقب، مشيراً إلى المباريات الصعبة التي تنتظرهم في فترة أعياد الميلاد.
وفاز ليفربول على مانشستر سيتي، حامل اللقب، يوم الأحد 10 نوفمبر/تشرين الثاني، ليوسِّع الفارق بينهما إلى 9 نقاط، ويبتعد عن ليستر سيتي صاحب المركز الثاني بثمانية نقاط، ويصبح في موقفٍ قوي في هذه المرحلة من الدوري.
ولكن بعد مرور 12 جولةٍ فقط، أصرَّ فان دايك على أنَّه لا أحد في ليفربول سيعتبر أنَّ الفوز على مانشستر سيتي قد حسم اللقب لمصلحتهم.
وقال لصحيفة Telegraph البريطانية: "نعلم أنَّ الموسم طويل جداً لدرجةٍ تجعلنا لا نحتفل بعد التقدُّم بفارق تسع نقاط، أو شيء من هذا القبيل، ولن نفعل ذلك".
وأضاف: "من الواضح أننا في وضعٍ جيد للغاية. هذا شيء لا يمكننا إنكاره، لكنَّ عقليتنا تُحتِّم علينا مواصلة العمل والاستمرار في تقديم أداء أفضل مما قدَّمناه (ضد مانشستر سيتي). هذه هي العقلية التي يجب أن نتحلَّى بها في كل المباريات القادمة".
ومن المؤكد أنَّ ليفربول يمر بمرحلةٍ جديدة، إذ نجح المدرب يورغن كلوب في البناء على مسيرة الموسم الماضي، الذي احتل فيه الفريق المركز الثاني، ليحقق بذلك ما فشل فيه سابقوه.
فحين احتل ليفربول المركز الثاني في مواسم 2002 و2009 و2014، انهار الفريق في المواسم التالية. وفي موسمين من تلك المواسم رحل مدربان حققا المركز الثاني بعد عامٍ واحد من تحقيقه، وهما رافا بينيتيز، وبريندن رودجرز. فيما غادر المدرب جيرارد هولييه بعد عامين من تحقيق المركز الثاني.
غير أنَّ كلوب كَسَر هذه العادة -المتمثلة في الانهيار بعد المواسم الرائعة- بإبقاء لاعبيه في الفريق، إذ أثبتت العقود طويلة الأجل التي أبرمتها الإدارة مع اللاعبين الأساسيين في الموسم الماضي، أنَّها أهم من التعاقدات الجديدة، فيما منحهم الفوز بدوري أبطال أوروبا زخماً كانوا يفتقرون إليه في أعقاب المواسم الثلاثة السابق ذكرها.
في الواقع، لم يكن تركيز كلوب عند إعادة تجميع لاعبي فريقه بعد العطلة الصيفية الماضية منصبّاً في المقام الأول على تجنُّب الانهيار، بسبب خيبة أمل احتلال المركز الثاني، بل كان أكثر اهتماماً بالحفاظ على نهم الفوز بعد نشوة تحقيق دوري أبطال أوروبا.
وقد ألقى كلوب الخطاب التقليدي قبل بداية الموسم على لاعبي فريقه في غرفة ضيقة مظلمة بالطابق السفلي، في فندق Hotel Royal بمدينة إيفيان الفرنسية، حيث خاض ليفربول معسكر الإعداد قبل بداية الموسم.
وكعادة كلوب، كان كلامه ارتجالياً وغير مُعَد سلفاً.
إذ قال للاعبيه: "يجب أن نعود إلى خط البداية، ونجهز أنفسنا لموسمٍ صعب، استعدوا لخوض المنافسة، واتَّحدوا معاً حين تقع الانتكاسات، لأننا سنواجه انتكاسات".
ونظَّم كلوب خطاباً تحفيزياً ألقاه راكب الأمواج الألماني الشهير سيباستيان ستودنر، الذي اعتُبِرَت خبرته في كيفية التعامل مع التوتر والقلق باستخدام بعض أساليب التنفس مفيدةً لإلهام اللاعبين للاستمرار في بذل جهدٍ إضافي.
وبعد تحقيق 11 فوزاً من أصل 12 مباراة في الدوري الإنجليزي، يمكن القول إنَّ ليفربول لم يواجه انتكاسات حتى الآن، لكنَّ كلوب يرى الأمر من منظورٍ مختلف.
إذ كانت الفترة التحضيرية مليئةً بالانتكاسات، بسبب تأخُّر انضمام اللاعبين الدوليين إلى الفريق، وتأخير بعض رحلات السفر، والجدول المُرهِق الذي تداخلت فيه الحصص التدريبية الشاقة مع المباريات، مما أسفر عن أداء مخيِّب في بعض المباريات التحضيرية.
وكان فقدان خدمات حارس المرمى أليسون في أول مباراةٍ بالدوري الممتاز بسبب الإصابة بمثابة امتحانٍ صعب، وكذلك تلك المباريات المتتالية التي عاد فيها ليفربول من الخلف ليحقق الفوز أو التعادل قبل دقائق من نهاية المباراة. وبالطبع يرى المنافسون ذلك حظاً، لكنَّ كلوب ومساعديه في الطاقم التدريبي يرون أنَّه مظهر من مظاهر نهم الفوز والعزيمة التي طالبوا اللاعبين بها في مدينة إيفيان، في الأسبوع الأول من أغسطس/آب الماضي. ويبدو أنَّ كلمات كلوب وستودنر تردَّدت في أذهان اللاعبين في تلك المباريات العصيبة.
ويُنسَب الكثير من الفضل في ذلك إلى الهولندي بيب ليندرز، مساعد كلوب، الذي يضع قائمةً دقيقةً للغاية تُمكِّن كلوب من معرفة المستوى الذي وصل إليه كل لاعب في برنامجه التدريبي، والذي يمتلك شخصيةً حماسية تتناقض مع شخصية زيلكو بوفاتش -المساعد السابق لكلوب- وهذان العاملان جعلاه إضافةً مثاليةً ومُكمِّلة للطاقم التدريبي.
وقد أشار ليندرز إلى أنَّ الصعوبات التي واجهت الفريق قبل الموسم كانت بمثابة تحضيرٍ مثالي لليفربول، مضيفاً أنَّ خوض فترة إعداد من دون تعقيدات لا يمنح الإدارة الفنية نظرةً ثاقبة إلى قدرة الفريق على التعامل مع المشكلات التي لا مفرّ منها طوال الموسم المُرهِق الذي يستمر 9 أشهر.
وهذا يعني أنَّ التقدم في الصدارة بفارق كبير في هذه المرحلة من الموسم -وإن كان غير متوقع- لن يغير تحذير كلوب للاعبيه بأنَّ التحديات الأصعب لم تأتِ بعد، لاسيما مع اقتراب جولات البوكسينغ داي المُرهقة، التي تشهد خوض عدة مباريات في مدة قصيرة.
وهذا ما يتفق معه فان دايك.
إذ قال: "العقلية متشابهة، يجب ألَّا نُفرِط في الاحتفاء بما حققناه. صحيحٌ أننا سعداء للغاية بهذا الوضع، ولكن هناك العديد من الفرق الصعبة التي يجب الفوز عليها في الدوري، والكثير من الملاعب الصعبة التي سنذهب إليها، وهذا شيءٌ نضعه جميعاً في اعتبارنا".
وأضاف: "لقد اكتسبنا خبرةً كبيرةً في العام الماضي. فعلنا بعض الأشياء بطريقةٍ جيدة، ولكن هناك كذلك بعض الأشياء التي كان ينبغي علينا فعلها بشكل أفضل. نتمنى أن نحرص فقط على تقديم أداء أفضل. وكذلك نحتاج إلى قدرٍ قليل من الحظ طوال الموسم، لذا نحن سعداء للغاية بالوضع الحالي، ونأمل أن نواصل ما نحققه".