يبدو أن الرياح أتت بما لا تشتهيه السفن في شمال لندن، حيث يقبع نادي توتنهام الإنجليزي، كبرى مفاجآت أوروبا بالموسم الماضي، الذي وصل فيه إلى قمة المجد الأوروبي بالذهاب للمباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا، والتي خسرها أمام ليفربول بثنائية نظيفة، ساور الشك حينها جماهير الديوك بشأن إمكانية تكرار ذلك الأمر مجدداً من عدم، وكانت الإجابة عند المدرب الأرجنتيني للفريق، ماوريسيو بوكيتينو، الذي أكد أنها كانت نهاية فصل في تاريخ النادي الحديث.
وبدا حينها حديثه مبهماً عندما أشار إلى ذلك في نهاية موسم للذكرى للفريق اللندني، فهل كان يعني أن "مشروعه" الذي امتد خمسة أعوام وصل إلى نهاية طبيعية بوجود توتنهام بين أبرز الفرق الأوروبية؟ أم أن السبيرز جاهز للتقدم خطوة أخرى للأمام؟
وجاءت بداية الموسم الحالي لتزيد الحديث عن عدم الانسجام في التشكيلة ودعمت النظرية الأولى، وبعد الهزيمة المخجلة 7-2 أمام ضيفه بايرن ميونيخ يوم الثلاثاء، زاد الشعور بأن الأمر ليس بداية فصل جديد، بل أقرب إلى نهاية عهد بوكيتينو.
وكان بايرن فعالاً بشكل مذهل في تلك الليلة وربما كان بطل أوروبا 5 مرات صعب المنال أمام أي فريق، لكن لمدة 45 دقيقة نجح توتنهام في مجاراته بمواجهة مثيرة، وما حدث بعد الاستراحة هو أن توتنهام انهار وأحرز سيرجي جنابري 4 أهداف، ليتحول الأمر إلى أسوأ يوم في مسيرة بوكيتينو التدريبية المثيرة للإعجاب.
وكان من المفترض أن يكون ملعب توتنهام الجديد، البالغة سعته 62 ألف متفرج، مسرحاً لليالي المجد، لكنه أصبح ملطخاً بأسوأ هزيمة للفريق في بطولة كبرى.
وثار جدل قبل بداية المباراة عندما قالت جماهير توتنهام عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إنّ سحر بوكيتينو انتهى، في حين وصف كريس وادل، جناح الفريق السابق، الوضع في النادي بأنه " كارثي"، وانتشر وصف "أزمة" بشكل مفرط في كرة القدم الإنجليزية، وبالتأكيد توتنهام ليس في هذا الوضع، على الرغم من رد الفعل الهستيري بعد السقوط المدوي يوم الثلاثاء.
وقبل وصول بوكيتينو في 2014، كان توتنهام ينظر بحسد إلى غريميه في لندن -أرسنال وتشيلسي- وهما يشاركان في دوري الأبطال، وكان التقدم في الدوري الأوروبي أو كأس رابطة الأندية الإنجليزية هو غاية آمال الفريق، بغضّ النظر عن موسم واحد مع هاري ريدناب عندما بلغ الفريق دور الثمانية بدوري الأبطال.
وتحت قيادة بوكيتينو بلغ توتنهام دور المجموعات بدوري الأبطال 4 مرات متتالية، ونافس على لقب الدوري الإنجليزي في موسمين من آخر خمسة مع المدرب الأرجنتيني، على الرغم من إنفاقه أقل القليل مقارنة مع منافسيه، لكن يوجد شعور بأن شيئاً ما لا يسير على ما يرام.
الافتقار إلى الحماسة
وبدا ديلي آلي لاعب الوسط، الذي أحرز هدفين في الفوز 3-1 على ريال مدريد قبل عامين، مكتفياً بما حققه، في حين فقد كريستيان إريكسن تركيزه مع دخوله الموسم الأخير في عقده، وحديثه بوقت سابق من العام الحالي عن رغبته في الرحيل.
وظهرت تصدعات في دفاع توتنهام، الذي كان محصَّناً في ظل تراجع أداء يان فيرتونخين وتوبي ألديرفيريلد، ويفتقر توتنهام إلى الحماسة، وأتقن عادة سيئة بالتفريط في تقدُّمه هذا الموسم، إذ أهدر تفوقه بهدفين على آرسنال وأولمبياكوس، وخسر أمام ليستر سيتي على الرغم من تقدمه أغلب فترات المباراة.
ويشعر قطاع كبير في جماهير توتنهام بالقلق من أن أفضل مدرب للفريق في هذا الجيل ربما يُنهي الأمر، خاصة في ظل الحديث المستمر عن أنه سيحظى بالدعم المالي عند العمل في أندية مثل ريال مدريد، وبدا بوكيتينو في حالة ذهول من هزيمة الثلاثاء المخجلة، لكنه شدد على أنه ليس وقت "الصراخ"، لكن الوقوف معاً.
وستُسكت الانتصارات في مباريات مقبلة أمام برايتون آند هوف ألبيون وواتفورد في الدوري وريد ستار في دوري الأبطال أي ضجيج، وأي سقوط آخر سيجعل الأمر يبدو كأن توتنهام ربما يتطلع إلى كتابة فصل جديد، لكن من المرجح ألا يكون بوكيتينو هو المؤلف.