تفاصيل كثيرة تزامنت مع إعلان الفائزين بجائزة الفيفا لأفضل لاعب في العالم عن عام 2019، أبرزها كانت في مصر، بعد قيام النجم محمد صلاح بحذف المنتخب الوطني من بيان تعريفه على تويتر.
وأدَّت الضجة الكبيرة التي نتجت عن ذلك، وردود الأفعال في مصر على خطوة صلاح، للتغطية على جانب مُشرق في تصويت الجائزة، وتحديداً في تصويت العرب لمحمد صلاح، باعتباره العربي الوحيد في قائمة العشرة الذين كانوا مرشحين في القائمة الأولية للتنافس على الجائزة.
تضمنت قائمة المصوّتين، بحسب البيانات التي نشرها الفيفا على موقعه الرسمي، تصويت مدربي وقادة منتخبات 8 دول عربية، هي قطر والجزائر والإمارات والسعودية ولبنان والبحرين والسودان وتونس وموريتانيا، بينما صوّت مدربو منتخبات الأردن وجيبوتي والصومال دون قادة المنتخبات، وصوّت في المقابل قائدا منتخبي عمان وجزر القمر دون مدربي المنتخبين.
لا أحد يعرف أيضاً لماذا لم يصوت مدربو وقادة المنتخبات العربية الأخرى، وهي مصر والمغرب وليبيا والعراق وسوريا والكويت واليمن وفلسطين، اللهم إلا إذا كانت الاتحادات الأهلية في تلك الدول لم ترسل استمارات التصويت إلى هؤلاء المعنيين بملئها، أو أن منصب المدرب كان شاغراً وقت وصول استمارة التصويت، مثلما هي الحال في مصر والمغرب، أو أن الاتحادات تقاعست عن إرسال الاستمارات المملوءة إلى الفيفا في المواعيد المحددة، وبالتالي تم إسقاطها من الاعتبار.
لكن من بين من صوَّتوا بالفعل كانت هناك دولتان فقط تشارك المدرب وقائد المنتخب في اختيار محمد صلاح، ضمن قائمة الثلاثة المطلوب ترشيحهم، الدولة الأولى هي الإمارات، حيث المدرب الهولندي فان مارفيك، والقائد المخضرم إسماعيل مطر.
ويمكن لكثير من المصريين تفهّم أسباب تصويت مطر لمحمد صلاح، بحكم العلاقات الطيبة التي تربط بين مصر والإمارات على المستويين الشعبي والسياسي، مع بعض العتاب، لأن لاعب الوحدة الإماراتي اختار صلاح كرقم 2 في قائمة الثلاثة وليس رقم 1.
ربما ما يثير الفضول قليلاً هو تصويت فان مارفيك مدرب منتخب هولندا السابق لصلاح، واختياره رقم 1 بين المرشحين الثلاثة، خصوصاً أن هناك 3 لاعبين هولنديين في قائمة العشرة، هم فان دايك صاحب الحظوظ الوافرة في الفوز قبل إعلان النتائج رسمياً مساء الإثنين، الثالث والعشرين من سبتمبر/أيلول، ومعه ماتياس دي ليخت مدافع يوفنتوس، وفرانك دي يونغ لاعب وسط برشلونة.
لكن البحث عن إرضاء الفضول يمكنه أن يتأخر قليلاً، بعد أن نعرف أن الدولة الثانية هي الجزائر… نعم والله الجزائر، التي لا تكاد الأزمات الرياضية بينها وبين مصر تهدأ حتى تشتعل من جديد.
ليس هذا وحسب، وإنما وضع جمال بلماضي مدرب محاربي الصحراء محمد صلاح كاختيار أول، متقدماً على ميسي ورونالدو وفان دايك وساديو ماني، بينما اختاره رياض محرز قائد المنتخب رقم 3 في قائمة الثلاثة.
ومع العلم بأن التصويت تم في الفترة بين أول أغسطس/آب الماضي وحتى نهاية نفس الشهر، يمكن لنا أن نتخيل كمّ الروح الرياضية وحجم الضمير المهني اللذين تمتع بهما بلماضي ومحرز تجاه اللاعب المصري.
ببساطة قبل موعد التصويت تعرَّض الاثنان تحديداً لهجوم إعلامي شرس من الإعلام المصري، خلال وعقب نهاية كأس الأمم الإفريقية الأخيرة التي استضافتها مصر، وفاز بلقبها محاربو الصحراء.
الهجوم تم بدعوى استعلائهما على المصريين، بعدما ردّ بلماضي على صحفي مصري بأنه يحتاج نظارة طبية ليرى المشجعين المصريين، الذين يصر الصحفي على أنهم يتواجدون في الملعب لمؤازرة منتخب الجزائر.
أما رياض فلم يتوقف الأمر حتى عند الهجوم الإعلامي رغم قساوته، وإنما أقام أحد المحامين دعوى قضائية تطالب بمحاكمة قائد المنتخب الجزائري ومنعه من دخول مصر، بدعوى تعمُّده تجنُّب مصافحة رئيس الوزراء المصري خلال مراسم تسليم كأس البطولة، وهو ما ردَّ عليه رياض لاحقاً ببيان اعتذار مهذب.
باختصار، إذا كان اختيار بلماضي ومحرز لمحمد صلاح انحيازاً لقناعة فنية مجردة، باعتباره يستحق الفوز أو المنافسة على الأفضل في العالم، فهذا تصرُّف يستحق الاحترام من نجمين تجرَّدا من مشاعر الغضب المعتادة التي تحكم العلاقات الرياضية بين البلدين، ليقولا رأيهما بموضوعية.
وإذا كان اختيارهما لمحمد صلاح بدافع العروبة عبر تقديم الدعم العملي للنجم العربي الوحيد في قائمة المتنافسين على جائزة أفضل لاعب في العالم، فهذا أمر لا يستحق عليه بلماضي ومحرز التحية فقط، وإنما يستحق أن يُدرّس لكل الرياضيين في البلدين.