لا يملك ليفربول تحت قيادة يورغن كلوب أي لقب في الدوري الإنجليزي الممتاز مثل تلك التي حققها مانشستر يونايتد تحت قيادة السير أليكس فيرغسون. لكنه يماثله في كونه يكاد لا يُقهر على أرضه: ذلك الحسُّ بالتفوق الناتج عن يقينك بقدرتك على تحمُّل أي ضربة مبكرة، واستعادة توازنك، وتحقيق الفوز بلا توتر.
فقد أصبح أنفيلد في عام 2019 أشبه بأولد ترافورد في أواسط التسعينيات، حيث لا يقتصر الأمر على هزيمة الخصوم قبل أن تطأ أقدامهم أرض الاستاد، بل حتى وهم يستعدون في حذرٍ لإلقاء خطاب الخسارة قبل بداية المباراة.
وسواء أبدى الخصوم طموحاً والتزموا المبادئ المجربة والمضمونة -مثل نوريتش في الجولة الافتتاحية- أو أمضوا الأسبوع السابق للمباراة في تعديل خطتهم من أجل الدفاع عن تقدمهم المفاجئ وعن كل شبرٍ في الملعب، مثل نيوكاسل خلال أول 25 دقيقةً يوم السبت 14 سبتمبر/أيلول، فقد تساوت النتائج على مدار العامين ونصف العام الماضيين.
يقول ستيف بروس، المدير الفني لنيوكاسل، لصحيفة Telegraph البريطانية: "الصعوبة الكبرى التي نواجهها جميعاً أن عليك إيجاد طريقةٍ ما وأنت تعلم أن خصمك أفضل منك بكثير"، معترفاً بوجود تشابهٍ آخر بين ليفربول وفريق مانشستر يونايتد العظيم، الذي تحوَّل بروس نفسه إلى أسطورة عندما كان في صفوفه.
يوضح بروس التشابه قائلاً إنه لو رفع روبرتو فرمينو ياقتَي قميصه لكان نسخةً من إريك كانتونا، إذ توحي الأهداف التي يصنعها البرازيلي بأناقةٍ بأنه لو لعب المباراة معصوب العينين لما تأثرت قدرته المدهشة على تحديد موقعَي محمد صلاح وساديو ماني.
أضاف بروس: "كانتونا من أفضل اللاعبين الذين رأيتهم في حياتي. لم أرَ فرمينو بمستوى ثابتٍ من أسبوعٍ إلى آخر مثله، لكن حين تراه هنا وما يمنحهم إياه، ترى توازناً مثالياً. وقد منحنا كانتونا ذلك".
منذ أربع سنواتٍ بالضبط كان فرمينو يلعب جناحاً أيسر خارج الأرض في أولد ترافورد، واستُبدل به جوردن آيب بعد أن أسفر أداؤه دون قصدٍ عن سلسلةٍ من المقالات الانتقادية لسياسة ليفربول في التعاقدات مع اللاعبين.
في ذلك الوقت لم يبدُ على الإطلاق أن اللاعب البرازيلي النحيل سيصير مزيجاً بين "الفنلندي" جاري ليتمانين ولويس سواريز على أرضية أنفيلد -وشهادة على جودة مستكشفي المواهب لدى ليفربول- وقد صار هكذا اليوم.
والآن، صار إجلاس فيرمينو على مقاعد البدلاء والبدء بديفوك أوريغي أساسياً يشبه الذهاب إلى مسرحيةٍ في برودواي والمفاجأة بممثلٍ بديلٍ ينوب عن أحد كبار نجوم هوليوود.
وقد غطَّى التعاطف مع أوريغي حين عانى التواءً في الكاحل بالدقيقة الـ36، على ارتياح الجمهور لنزول البرازيلي وخوضه المباراة بمستواه الأعلى. دخل فرمينو وحصل على الكرة ومرَّرها إلى ماني، وبذلك تقدَّم ليفربول في النتيجة بعد أن كان قد عادل الهدف الصاروخي الذي سدَّده جيترو ويليمز في المقص الأيسر. كان هذا بعد دقيقتين من مشاركة بوبي.
وإذا كان المهاجم البرازيلي هو المرشح المبكر لسرقة الأضواء في الدوري الممتاز هذا الموسم، فمواطنه فابينيو ليس متخلفاً عنه، ببراعته المميزة في قطع الكرة بطرف الحذاء، لإخماد أية هجمات مرتدة ضد فريقه.
ولكن ربما يغفل الجميع تأثير فابينيو على أرض الملعب.
ثمة تطورٌ ملحوظٌ آخر بفريق كلوب يتجسَّد في محور الارتكاز الذي أحدث ثورةً في وسط الميدان كما فعلها فيرجيل فان دايك في الدفاع. ولما خسر ليفربول أمام نابولي في مرحلة المجموعات من بطولة دوري أبطال أوروبا الموسم الماضي، جاء فابينيو بديلاً متأخراً يتأقلم مع المتطلبات المحدَّدة لخطة كلوب.
وإذا كان ثلاثي الهجوم المشهور يزرع الرعب في قلوب المدافعين -إذ أكدت ثنائية ماني والهدف المعتاد من صلاح على أنفيلد بدايتهما المذهلة هذا الموسم- فالمهاجمون المتوقَّع منهم اجتياز حصنَي فابينيو وفان دايك يشعرون حتماً بالقدر ذاته من الخوف.
وقد قابل المدير الفني لليفربول ثناء نظيره بروس بشبه ابتسامةٍ، ربما متسائلاً عن مدى الذكاء السياسي لتقبُّل عقد المقارنات بين فريقه وفريق مانشستر يونايتد العظيم.
لكنه أدرى من أي أحدٍ آخر بالصعوبات التي يواجهها خصومه في أثناء زياراتهم معقل الريدز، أو عند ملاقاة فريقه في أي مكان. لم يبدُ ليفربول من قبل بهذه المتانة وهذا الإتقان في كل مركز وهذا الاستعداد لكسر الرقم القياسي لأعلى سلسلة انتصاراتٍ متتاليةٍ في هذه المرحلة المبكرة من الدوري الممتاز.
صرَّح كلوب قائلاً: "إذا لعبنا كرة القدم بأسلوبنا واستغللنا إمكاناتنا، وإذا وثقنا بأنفسنا، فسنكون فريقاً يصعب اللعب ضده".
وأكمل: "هذا ما صنعناه جميعاً معاً، ولهذا حققنا النتائج التي حققناها. ليس سبباً واحداً، ولا اثنين، ولا ثلاثة. لكنه ما زال صعباً. إنه صعب للغاية".