دائماً ما تشتهر الكرة الإيطالية عادة بأساليب الدفاع والكرة المتحفظة في كرة القدم، وذلك نابع من فلسفة وطرق قديمة تطورت واستمرت عبر عصور الكرة الإيطالية منذ هيلينيو هيريرا والكاتيناتشو الشهير في ستينيات القرن الماضي، أو مطوره بمعنى أدق بعد أن ظهر قبله بعقدين من الزمان، ولكنه صاحب الفضل الأبرز في بلورته لهذا المعنى والشكل، وأصبحت فلسفة راسخة في الكرة الإيطالية من بعده.
ومع ذلك ظهرت طرق أخرى تناهض هذا الفكر الدفاعي المتحفظ كثيراً مع مرور السنوات، حتى ظهرت كرة إيطالية هجومية، نعم هجومية، فبعض المدربين الطموحين تمردوا على الفلسفة السائدة بمحاولات عديدة للانقلاب على طرق الدفاع واللعب بشكل هجومي أكبر، وهو صعبٌ تطبيقه بشكل عام في إيطاليا، لأنك تسبح ضد التيار الغالب بهذا المعنى بالفعل.
ولكن حدثت تطورات كبيرة في هذا الشق، إلى أن وصل مدربون يعتنقون هذا الفكر الهجومي، وحالياً أبرزهم ماوريسيو ساري مدرب الكبير يوفنتوس، الذي اعتاد في السنوات الماضية تقاليد المدرسة نفسها الأشهر بالكرة الإيطالية، واحتكر الكرة الإيطالية لمصلحته، وسط إنجازات وبطولات عديدة.
ومع وجود ساري، الذي يحاول الانقلاب بمعناه الكروي على فكر القدماء والموروث الكروي الأشهر في بلاد البيتزا، يوجد من هو مقتنع بالفلسفة القديمة ومحافظ عليها مع تطويرها بعض الشيء، وهو كارلو أنشيلوتي أحد أعظم مدربي إيطاليا في العصر الحديث وصاحب 3 ألقاب دوري أبطال أوروبا مع ميلان وريال مدريد، وله من الإنجازات والألقاب ما لا يحصى ولا يعد.
ولذلك فإن مواجهة الثنائي، وتحديداً عندما يحل نادي نابولي ضيفاً ثقيلاً على نظيره يوفنتوس، مساء السبت، على ملعب أليانز ستاديوم، في قمة مباريات الجولة الثانية من عمر الدوري الإيطالي، فإن المتعة والإثارة والمناطحة بين الفلسفتين ستكون حاضرة لكل عشاق الكالتشيو بكل تفاصيله وطرقه وأساليبه.
الفريقان نجحا في تحقيق الفوز بالمباراة الأولى لهما في الكالتشيو هذا الموسم، حيث فاز اليوفي على بارما (1-0)، وانتصر نابولي على فيورنتينا بنتيجة 4-3.
أنشيلوتي والحفاظ على الإرث الإيطالي
يعتبر كارلو أنشيلوتي، المدير الفني لنابولي، من أبناء تلك الفلسفة أو المدرسة المتحفظة في كرة القدم الإيطالية، حيث يفضل الاعتماد على أسلوب الدفاع المتحفظ، بالاعتماد على طريقة 4-3-2-1 ومشتقاتها التي تشمل 4-3-3 و4-4-2 أيضاً، والتي اعتمدها الأخير مع نابولي منذ موسمه الأول.
ورغم أنه لا يوجد لديه في القائمة سوى مهاجم واحد صريح هو البولندي أركاديوش ميليك، فإنه قرر الاستمرار في تلك الطريقة، معتمداً على الثنائي درايس ميرتينز ولورينزو إنسيني، وهما يجيدان اللعب على الأطراف، كمهاجمين صريحين، حتى نجحا في إثبات الذات وبدأ تثبيت طريقته بنابولي.
ساري والهجوم المدمر
تمكن ساري من الاعتماد على فكره الخاص ومواجهة كل الصعاب التي واجهته، حتى نجح في حفر اسمه بحروف من ذهب، بعد أن ظل مغموراً سنوات، حيث كتب اسمه مع نابولي بنجاح كبير، وذلك عندما تولى المهمة الفنية له في عام 2015.
وقاده إلى المنافسة محلياً بشكل كبير، حتى نجح في مجابهة يوفنتوس المحتكِر للألقاب محلياً وبات نداً له، في حين بدأ بروزه بالبطولات الأوروبية تدريجياً.
ويطبق ساري فلسفة لعب الكرة الهجومية الشاملة، التي تميزت بالأسلوب السهل وتناقل اللعب بشكل سلس مع قرب اللاعبين بعضهم من بعض، والتحرك كمجموعة من الخلف إلى الأمام.
وطبَّق ساري طريقة 4-3-3 مع نابولي، وظهر بشكل جمالي حتى وصف البعض نابولي بأنه جزء من برشلونة الذي اشتهر بالفلسفة نفسها: "الكرة الشاملة".
كما نجح المدرب المجدد والمتهور هجومياً ببعض الأحيان، في تطبيق الفلسفة نفسها مع تشيلسي، ليقود الفريق إلى التتويج بالدوري الأوروبي؛ ومن ثم بدأ تطبيقها بمباراته الأولى مع يوفنتوس وفترة الإعداد لهذا الموسم، وتغير جلد كامل للبيانكونيري وفلسفته التي استمرت سنوات ماضية.
صراع الأرقام بين المدرستين
تقابل أنشيلوتي مع ساري في مباراتين فقط، خلال مسابقة كأس إيطاليا موسم 2006-2007، حيث كان الأول يقود ميلان في مواجهة ساري الذي كان يدرب أريزو حينها.
وتمكن أنشيلوتي من الفوز في مباراة الذهاب بهدفين دون رد، في حين نجح ساري في الفوز بلقاء الإياب بهدف نظيف، لتحسم مباراة اليوم بينهما في صراع المواجهات المباشرة، أو ربما تنتهي بتعادل ويستمر الوضع كما هو عليه بينهما.