في مارس/آذار الماضي، استُقبل الفرنسي زين الدين زيدان استقبال الفاتحين في سانتياغو برنابيو، حينما أعلن عن عودته لتدريب ريال مدريد بعد أقل من موسم على استقالته.
في ذلك الوقت كان كل ما يملكه عشاق الريال عن زيدان صورته وهو يقود الفريق الملكي للفوز بثلاثة ألقاب متتالية في دوري أبطال أوروبا، في إنجاز يبلغ حد الإعجاز، بجانب الفوز بلقب الليغا في الموسم الأوسط له بين المواسم الثلاثة التي قاد فيها الفريق، وهو لقب الليغا الثاني للريال في آخر 10 سنوات.
لكن بعد أقل من 5 شهور على العودة باتت الهمهمات تتعالى في جنبات ملعب سانتياغو برنابيو، حول التقييم الحقيقي للمدرب الفرنسي، وما إذا كان مؤهلاً بالفعل لقيادة الميرينغي إلى منصات التتويج من جديد، أم أن ما فعله من قبل يمكن تصنيفه باعتباره من المصادفات السعيدة فقط.
وتتوقع صحيفة Marca الإسبانية القريبة من نادي العاصمة مدريد، أن يكون شهر سبتمبر/أيلول المقبل حاسماً في مستقبل زيزو مع ريال مدريد، خصوصاً بالنظر إلى المواجهات الصعبة التي سيخوضها اللوس بلانكوس خلال هذا الشهر، والتي ستبدأ بمواجهة فياريال في الثاني من سبتمبر/أيلول، وتنتهي بمواجهتين من العيار الثقيل أمام أتلتيكو مدريد ثم إشبيلية، المتألقين في الجولتين الأوليين من الموسم الحالي.
بدأ الشرخ في علاقة زيدان مع جماهير الريال خلال فترة الإعداد التي مُني الفريق خلالها بهزائم كبيرة وغير مقبولة حتى على المستوى الودي، أبرزها الخسارة من الجار اللدود أتلتيكو مدريد، الذي يمرُّ بمرحلة تغيير جلد كامل عقب الاستغناء عن عدد كبير من نجومه، والتعاقد مع لاعبين جدد.
ورغم الفوز والمستوى الجيد في مباراته الأولى خارج ملعبه أمام سيلتا فيغو جاء التعادل مع بلد الوليد في سانتياغو برنابيو، ليعيد أزمة الثقة من جديد.
وترى جماهير الميرينغي أن زيدان لم يقدِّم ما يعكس ثقته في نفسه وفي قراراته الفنية، بدليل مواقفه من لاعبَيْن بعينهما، وهما الويلزي غاريث بيل والكولومبي خاميس رودريغيز.
فمنذ بداية الميركاتو الصيفي أعلن زيدان صراحةً وبشكل متكرِّر أنَّه لا يريد اللاعبَين في الفريق، وبدأت الإدارة بالفعل في البحث عن عروض لرحيلهما، بشكل يعوّض ما دفعه النادي للتعاقد معهما.
وبلغ الأمر أنَّ جماهير ريال مدريد انتظرت غاريث بيل أمام مركز تدريبات النادي في أول يوم لعودة اللاعبين إلى التدريب، حتى تهتف ضده وتطالبه بالرحيل عن النادي.
لكن مع بداية الموسم وتعثُّر إيجاد عروض مناسبة للاعبَيْن، تحوَّل موقف زيدان منهما بشكل مثير للتساؤل، حتى إنه أشرك بيل تحديداً أساسياً في مباراتي الجولتين الأوليين، كما شارك خاميس في لقاء بلد الوليد، بعدما كان احتياطياً في لقاء سيلتا فيغو.
هذا التغيُّر أثار قلقَ جماهير ريال مدريد من أن زيدان يتَّخذ قرارات فنية دون أن يتعمّق في آثارها، وأنه شخص يسهل عليه تبديل مواقفه وآرائه.
ثم جاء الموقف التالي بتجاهله الاعتماد على أيٍّ من اللاعبين الذين طلب هو بنفسه التعاقد معهم خلال الميركاتو الصيفي، وكلفوا النادي أكثر من 300 مليون يورو.
وإذا كان البلجيكي هازارد قد ابتعد عن تشكيلة زيدان اضطرارياً بسبب الإصابة، فإن المدرب الفرنسي لجأ في مباراتي بلد الوليد وسيلتا فيغو للاعتماد بشكل كلي على الحرس القديم، ولم يشارك من صفقات الصيف سوى المهاجم الصربي يوفيتش، كبديل في المباراتين، ولوقت قصير.
بينما تابع بقية اللاعبين المباراتين من المدرجات، مثل الفرنسي فيرلاند ميندي، والبرازيلي رودريغو وايدير ميليتو.
وكشفت الصحيفة الإسبانية أن إدارة ريال مدريد رغم ثقتها في زيدان، وأنه المدرب المناسب لمساعدة الفريق على استعادة قدراته في المنافسة على كل ألقاب البطولات التي يشارك فيها محلياً وأوروبيا، إلّا أنَّ هناك حالة من القلق بدأت تتسرَّب إلى نفوس المسؤولين.
واستدلّت الصحيفة على هذا القلق بالجلسة التي عقدها المدير الرياضي للريال، الصربي بريدراج مياتوفيتش مع زيدان، في اليوم التالي للتعادل مع بلد الوليد، لمعرفة أسباب التعادل، وعدم قدرة الفريق على الحفاظ على تقدمه بهدف الفرنسي كريم بنزيمة.
وعقب المباراة أثنى زيدان على الهدف "الرائع" لمواطنه، الذي غادر الملعب قبل نهاية المباراة، بسبب شعوره ببعض الآلام، لكن المدرب وزَّع انتقاداته بعد ذلك على جميع اللاعبين، مؤكداً أنهم يجب أن "يلعبوا بنفس الجدية على مدار الـ90 دقيقة، وليس 50 أو 60 دقيقة فقط"، إذا أرادوا الفوز بالمباريات.
ورغم اعترافه بأن اللاعبين يشعرون بضغط أكبر بسبب الموسم الماضي السيئ، وفترة الإعداد التي شابها العديد من الشكوك، إلا أنَّ زيدان انتقد لاعبيه، لأن عليهم أن يدركوا ضرورة التطور، واللعب بنفس الجدية على مدار 90 دقيقة.