فجَّر مشجعو نادي رد ستار بلغراد الصربي جدلاً واسعاً في أوروبا، بعدما وضعوا دبابةً قديمةً أمام مدخل ملعب رايكو ميتيتش الخاص بالنادي، قبل ساعات من مباراة فريقهم أمام يانج بويز السويسري، في الدور التمهيدي لدوري أبطال أوروبا والتي إنتهت بالتعادل بهدف لمثله ومن ثم صعود الفريق الصربي لمرحلة المجموعات.
وأثارت الصورة حفيظة حكومة كرواتيا التي استقلت عن جمهورية يوغسلافيا الاتحادية، عقب تفكّكها في بداية تسعينات القرن الماضي.
ونقلت صحيفة Repubblica اليومية الإيطالية، عن متحدث باسم الحكومة الكرواتية، أن مشهد الدبابة يعيد إلى الأذهان الهجوم البربري للقوات الصربية عام 1991 على مدينة فوكوفار الكرواتية، والذي استخدمت فيه نفس الدبابات لقمع الشعب الكرواتي.
وتساءل أحد المغرِّدين عن موقف الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا" مما حدث، خصوصاً لما يحمله من دلالات عرقية، وما يثيره من إحياء لنزعات العنف القائمة على دوافع إثنية وسياسية.
وتعود الدبابة تي-55، وهي من إنتاج الاتحاد السوفيتي السابق إلى زمن الحرب الباردة، حينما كانت يوغسلافيا الموحدة تقود حركة عدم الانحياز في العالم مع مصر والهند، والدبابة واحدة من أكثر من ألف دبابة خدمت لعقود في الجيش اليوغوسلافي السابق.
وزيَّنت الجماهير الدبابة بألوان قميص رد ستار بلغراد، ووضعتها أمام المدخل الشمالي لملعب رايكو ميتيتش، الإثنين السادس والعشرين من أغسطس/آب، قبل يوم كامل من موعد المباراة المرتقبة بين رد ستار ويانج بويز في إياب الدور التمهيدي، لتحديد المتأهلين لدور المجموعات في دوري أبطال أوروبا لكرة القدم.
وانتهت مباراة الذهاب بين الفريقين في سويسرا، الأسبوع الماضي، بالتعادل بهدفين لكل فريق.
ويُخصص الجزء الشمالي من الملعب عادة لجماهير رد ستار، التي عادة ما تسبقها سمعتها السيئة في أحداث العنف داخل الملعب أو حتى خارج البلاد، مثلما حدث عام 2916، حينما اعتقلت الشرطة البلغارية 45 من مشجعى النادي الصربي، لصلتهم بأعمال عنف وقعت قبل مباراة ذهاب الدور التمهيدى الثالث في دوري أبطال أوروبا أمام لودوغوريتس البلغاري.
وفي التفاصيل: هناك مناوشات اندلعت في منتجع مطلٍّ على البحر الأسود، وأصيب اثنان من أفراد الشرطة البلغارية، فضلاً عن خمسة مواطنين آخرين حاولوا مساعدة الشرطة على استعادة النظام، وفتح ممثلو الادعاء في بورغاس تحقيقات في الواقعة.
وقال موقع لمشجعي نادي رد ستار على الإنترنت قبل مباراة الإياب "أسلحة رد ستار باتت جاهزة"، بينما اعتبرها كثير من المشجعين المتحمسين أمراً عادياً.
ونفى العشرات ممن تجمعوا في محيط ملعب المباراة لالتقاط صور تذكارية مع الدبابة، أن يكون وضعها أمام الملعب تصرفاً استفزازياً أو عدائياً.
وقال المشجع نيناد "ليس استفزازاً.. إنه إمر طبيعي تماماً.. الحرب انتهت منذ 25 عاماً" .
وأضاف مشجع آخر يدعى ستانيسا بوسيوكوفيتش بعد أن اشترى تذاكر المباراة "إنها أمور تتعلق بكرة القدم أكثر من أي شيء آخر" .
من جهته هوّن وزير الداخلية نيبوشا ستيفانوفيتش من الأمر، قائلا إنه لا توجد ذخائر في الدبابة، وتابع بنبرة أقرب للدعابة متحدثاً للصحفيين: "باتت هيكلاً الآن يشبه الدبابة، رغم وجود المدفع والبرج"، كما أكد على أن مسؤولي الأمن في بلغراد أبلغوه أنه لا يوجد أي داع لتدخل الشرطة" .
لكنَّ متابعين آخرين حذَّروا من الدلالات السياسية والعرقية التي يثيرها هذا التصرف العدائي، خصوصاً أن الفريق المنافس في المباراة من سويسرا.
وشهدت مباراة سويسرا ضد صربيا في مونديال روسيا، صيف العام الماضي 2018، أحداثاً لافتة، حينما احتفل لاعبا سويسرا من أصل ألباني غرانيت تشاكا لاعب أرسنال، وشيردان شاكيري لاعب ليفربول بهدفيهما في المباراة، بالقيام بإشارات سياسية، وهو ما اعترضت عليه البعثة الصربية.
وهناك ميراث ثقيل ودموي من الصراع بين صربيا -وقت أن كان يقود البلاد سلوبودان ميلوسيفيتش الملقب بالجزار والذي صدر ضده حكم بالسجن مدى الحياة بسبب المذابح العرقية التي ارتكبها ضد الأقلية المسلمة في البوسنة والهرسك- وإقليم كوسوفو.