خوفاً من التأثير المتنامي لشركات المراهنات على المراهقين والأطفال، يبدو أن هناك توجهاً في إنجلترا لإعلان الحرب على الشركات التي لا تلتزم المعايير الخاصة بإعلانات الرهان على مباريات كرة القدم.
وتزداد المخاوف في بلد كرة القدم من زيادة انخراط المراهقين والأطفال بأنشطة المراهنات في كرة القدم، بالنظر إلى الإغراءات التي تعلن عنها شركات المراهنات من جهة، وأيضاً بسبب أن نصف فرق الدوري الإنجليزي الممتاز تروج لشركة من شركات المراهنة على قمصانها.
وحلل باحثون من مركز Demos وجامعة بريستول البريطانية أكثر من 880 ألف تغريدة، وأعلنوا قلقهم حيال الألعاب الإلكترونية، أو ألعاب الفيديو التنافسية مثل Fortnite، حيث قال تقرير Demos المعنون بـ "شباب انقيادي"، إن 28% ممن يعيدون نشر تغريدات الرهانات حول الألعاب الإلكترونية أو الرد عليها هم من الأطفال تحت 16 عاماً.
ويقال بحسب ما ذكرته صحيفة The Guardian البريطانية، إن 74% من تغريدات الألعاب الإلكترونية و68% من تغريدات الألعاب التقليدية تظهر بما لا يتوافق مع اللوائح المنظمة للإعلانات، حيث تعرض، على سبيل المثال، الرهانات باعتبارها مصدر دخل أو تشجع على ممارستها في أوقات غير اجتماعية من اليوم.
وقالت أغنيس نايرن، الأستاذة بجامعة بريستول، إن الآباء كانوا في الغالب غير مدركين لانهمار إعلانات المقامرة على أولادهم.

وتابعت: "قادنا تحليلنا المعمق لمحتوى التغريدات الترويجية للمقامرة إلى اعتقاد أن مقامرة الأطفال في الألعاب الإلكترونية تتخفى حالياً بطريقتين: الأولى أنها على الإنترنت، وهو المكان الذي لن يراه الوالدان، والثانية استخدامها لمحتوى تسويقي ذكي مثل:
الصور المتحركة (GIF) الممتعة، والميمز، والصور، والقصص المسلية، المصممة لترغيب الصغار والتأثير عليهم بشكل ضمني".
وطالب التقرير شركات التكنولوجيا باستخدام أدوات التحقق من السن بشكل أفضل، وفحص التقنيات لمنع الأطفال من مشاهدة إعلانات المقامرة.
مؤخراً، حظر جهاز تنظيم الإعلانات إعلاناً عن تطبيق للرهانات على كرة القدم على موقع فيسبوك، يتضمن لاعبي كرة قدم صغار السن، من بينهم: رحيم ستيرلينغ مهاجم مانشستر سيتي، ومواطنه جادون سانشو لاعب بروسيا دورتموند الألماني.
حيث أيدت هيئة معايير الإعلانات البريطانية (ASA) شكوى ضد موقع Football Index، الذي يتخذ من ولاية نيوجيرسي الأمريكية مقراً له، ويتيح للمستخدمين تداول أسهم افتراضية في اللاعبين من خلال منصة مصممة على شاكلة سوق تداول الأسهم.
ويعرض الإعلان على المستخدمين فرصة الحصول على "أرباح جيدة" عند تداول أسهم اللاعب سانشو (19 عاماً)، والذي يلعب لفريق بوروسيا دورتموند الألماني.
ويظهر في الإعلان أيضاً كالوم هدسون أودوي (18 عاماً) لاعب نادي تشيلسي، وماركوس راشفورد (24 عاماً)، لاعب نادي مانشستر يونايتد، وسترلينغ لاعب مانشستر سيتي (24 عاماً)، واللاعب الفرنسي مبابي، الفائز بكأس العالم، والذي يلعب لنادي باريس سان جرمان.
وينص القانون المنظِّم للإعلانات غير الإذاعية على أنه ينبغي ألا يصوَّر أي شخص أصغر من 25 عاماً وهو يُقامر، ولا أن يؤدي دوراً كبيراً في إعلان للمقامرة إلا إن كان الإعلان يُبث في مكان يُمكن المراهنة فيه، كمقر المراهن أو موقعه الإلكتروني.
وقالت هيئة معايير الإعلانات إن الإعلان ينتهك القانون، وأبلغت موقع Football Index أنه يجب ألا يظهر مرة أخرى.

الغريب في الأمر هو قبول الموقع بحكم الهيئة سريعاً ودون مناقشة، وقال مايك بوهان، مدير التسويق: "لقد راجعنا ممارساتنا التسويقية، للتأكد من أنها تمتثل للوائح الإعلانات، وتمثل بشكل دقيق منصتنا المسؤولة اجتماعياً"، مضيفاً: "نعتبر هذا الأمر مغلقاً الآن".
وفي يوم الثلاثاء 20 أغسطس/آب 2019، قال تقرير واسع النطاق من مركز Demos البحثي، إن لوائح تنظيم الإعلانات تتعرض للانتهاك بشكل روتيني على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما يعرّض عشرات الآلاف ممن هم تحت 16 عاماً من العمر لمشاهدة رسائل عن المقامرة.
وهناك أيضاً تدقيق متزايد في الدور الذي تؤديه المقامرة بالرياضة، وفي الطريقة التي تروج بها شركات المراهنة لنفسها، خاصة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.
كذلك تعرَّض نادي دربي كاونتي للنقد، بسبب الروابط التي تجمعه بنادي القمار الإلكتروني 32Red، والتي بموجبها سيرتدي واين روني، مهاجم إنجلترا السابق الذي تعاقد مع النادي في بداية الموسم الحالي، قميصاً يحمل رقم 32
خلال هذا الموسم.
وقد وافقت شركات المراهنة هذا العام على حظر الإعلانات طوعاً خلال البث الرياضي على التلفزيون؛ استجابة لقلق الجماهير من أثر إعلانات المقامرة الدائمة على الأطفال، خاصة خلال إجازة نهاية الأسبوع عندما تذاع مباريات كرة القدم. وعلى الرغم من ذلك، لا يزال نصف فرق الدوري الإنجليزي الممتاز يروج لشركة من شركات المقامرة على قمصانها.