وضعاً معقَّداً للغاية، وجدت الشابة هيلي ديغان نفسَها فيه، فهي أصبحت في سنِّ الثامنة عشرة واحدةً من المشاهير في عالم الرياضة الأمريكية، لكنَّها لا تزال تواجه العالم من خلف ستار حديدي تفرضه عليها عائلتها، فضلاً عن مواجهة تحدٍّ صعب يتمثّل في كونها فتاةً شبه وحيدة، تَتنافس في رياضة يُسيطر عليها الرجال.
تقول صحيفة New York Times الأمريكية، إنَّ هيلي التي دخلت عالم سباق السيارات القياسية نجحت في تهميش الطبيعة الأنثوية الناعمة، واعتبرت نفسَها كبقية السائقين الرجال المتنافسين.
وتعتبر هيلي، التي درست في المنزل وحصلت على شهادة إنهاء الدراسة الثانوية قبل مشاركتها في سباق عام 2018، بالفعل واحدةً من المشاهير. حيث تحظى بمتابعة نشطة على مواقع التواصل الاجتماعي، ولديها حالياً 468 ألف متابع على إنستغرام، وهو رقم قياسي بالنسبة لأي سائق سباقات "ناسكار" آخر، فضلاً عن أكثر من 64 ألف متابع على تويتر.
لكن هي وعائلتها يعرفون جيداً أنَّ تلك المكانة البارزة لا تساوي شيئاً من دون تحقيق نتائج؛ لذا أُحيطت هيلي بشبكة حماية وأمان مُحكمة من عائلتها؛ خوفاً من التسرُّع والاندفاع. يرافق هيلي غالباً إلى السباقات والدها برايان، لكن في بعض الأحيان ترافقها والدتها ماريسا، أو جدها لأمها.
قالت ماريسا: "لا نريد رؤية بعض الأولاد المراهقين يحيطون بها ويخرِّبون حياتَها، لأنَّها مثلما تعلمون تبلغ من العمر 18 عاماً"، مضيفة: "لقد عملت بجِدٍّ لكي تصل إلى هذا المستوى" .
وتُعتبر هيلي، التي أتمَّت عامَها الثامن عشر في يوليو/تموز الماضي، أشهرَ فتاةٍ تتسابق في سباقات الاتحاد القومي لسباقات السيارات القياسية (ناسكار)، منذ السائقة الأمريكية دانيكا باتريك. فازت هيلي، التي تشارك بانتظام في دوري السائقين المبتدئين، بثلاثة سباقات من إجمالي 35 سباقاً شاركت بها.
كما شاركت أيضاً في 4 سباقات في بطولة Series ARCA Menards الأكثر حرفيةً، حيث استطاعت حجز مكان ضمن المراكز العشرة الأولى في سباقين منها.
لكن في الوقت الذي تتَّضح فيه إمكاناتها التسويقية في سباقات "ناسكار"، وتتسارع الأعمال التجارية لعائلتها، ثمة قناعة لدى هيلي ووالديها بأهمية التمهُّل في مسيرتها الرياضية في الوقت الراهن. يعتبر والد هيلي، برايان ديغان، أحد السائقين المحترفين في سباقات الدراجات النارية، وشارك خلال مسيرته الرياضية في عددٍ من سباقات السيارات والشاحنات.
وقال برايان، الحاصل على الميدالية الذهبية في الحدث الرياضي السنوي لألعاب إكس "X Games": "أعتقد أنَّ أكبر مخاوفنا هو مشاهدة ما حدث للعديد من السائقين الآخرين، الذين تعجَّلوا كثيراً في مسيرتهم.
وأضاف قائلاً إنه يتفهَّم أن ثمة ظروفاً عديدة تدفعهم نحو ذلك. يمتلك بعض السائقين أموالاً كثيرة، لذا يرون أنَّ عليهم المجازفة بالمشاركة في مثل هذه السباقات الشهيرة. ينطبق الأمر نفسه على بعض الجهات الراعية، حيث يكون الأمر على هذا النحو "نريد منك الذهاب إلى هذا السباق الكبير لأنَّ هذا مكان الوجاهة والتبجيل" .
وأضاف: "بالنسبة لهيلي، كونها متسابقة أنثى ولديها المهارات اللازمة للفوز، نأمل أن يستطيع الناس المضي قدماً معنا بوتيرة معتدلة تجعلنا نقول: دعونا نتمهَّل وندعمها ونتركها تتعلم قدر استطاعتها، لأنَّ هناك فرصة واحدة عندما تصل إلى مضمار السباق" .
قالت عائلة هيلي إنَّ "ناسكار" والجهات الراعية، على الرغم من أنَّهم سيستفيدون من وجود هيلي وسجل نسبها في عالم رياضة السباقات، دعموا قرار العائلة بجعلها تأخذ وقتها لتتعلم حرفة السباق.
تقول هيلي إنَّها تعرف أنَّ لديها كثيراً من المعجبين يرغبون في رؤية نجاحها، لكنَّها تعرف أيضاً أنَّ لديها منتقدين. حقَّقت هيلي انتصاراتها في سباقات K&N، نتيجة دفع أحد منافسيها برفق خلال اللفة الأخيرة من السباق، مما أدَّى إلى تعرُّضها للانتقاد بوصفها لا تتسابق "بنزاهة" .
وفي هذا الصدد، قالت: "لن تستطيع إرضاء الجميع، دائماً ما سيكون هناك شخص ما ينتقدك على تويتر. ينبغي لك التركيز فقط على الأشخاص الداعمين لك، أما الأشخاص السلبيون فلست أنا من لديه مشكلة معهم، بل هم" .
وأشارت هيلي إلى أنَّه بالإضافة إلى كلِّ ذلك، كان لديها ما يكفي من القلق بشأن السباق. فقد كانت أول المنطلقين في أول سباق لها في K&N Pro Series East لهذا الموسم، على مضمار سباق New Smyrna في فلوريدا، لكنها أنهت السباق في المركز السادس عشر. وجاءت ضمن المراكز العشرة الأولى مرة واحدة فقط، في أول 6 سباقات لها.
وبعد أن دفعت زميلها ديريك كراوس، جانباً، في اللفة الأخيرة، لتفوز بسباق K&N Pro Series West، في 8 يونيو/حزيران الماضي، في مدينة داكونو بولاية كولورادو الأمريكية، كانت هيلي أول المنطلقين في سباقها التالي، لكنَّها أنهت السباق في المركز الثامن. واحتلَّت المركز 12 بين 20 سيارة في سباق أقيم في مضمار "Iowa"، في 26 يوليو/تموز، واعترفت حينها أنَّها لا يزال أمامها شوط طويل لتقطعه.
وقالت هيلي: "أشعر أنَّني أتسابق منذ فترة طويلة، لقد شاركت في هذا المجال على مدار ما يقرب من 10 سنوات الآن، هذا أكثر من نصف عمري. أنا معتادة للغاية على الوجود في عالم سباق السيارات، هذا ما أريد فعله، لا أودُّ فعلَ أيِّ شيء آخر" .
تشعر هيلي ووالداها بالسعادة لكونها في مجال سباق السيارات القياسية، لأن السيارات من الداخل تكون مزوَّدة بقضبان حماية أو أقفاص، ومن ثمَّ يعتبر بوجهٍ عام أكثر أماناً من سباق الدراجات النارية أو سباقات الطرق الوعرة، التي اعتادت المشاركة فيها سابقاً، لكن هيلي اكتسبت قدراً من الشجاعة من شأنها أنْ تساعدها وهي تتجه نحو الهدف المهم.
قالت ماريسا، وهي تطرق على طاولة خشبية أثناء إجراء مقابلة معها: "إنَّها لم تتأذى قطّ من سيارات السباق" .
من جهتها، قالت هيلي: "لقد تعرَّضت لكثير من حوادث اشتعال النيران بالسيارة"، وأضافت ضاحكة وهي تتذكر لحظة اشتعال النيران في محرك شاحنتها خلال اللفة الأخيرة في أحد سباقات الطرق الوعرة، "لقد كان النصر بعيدَ المنال، لكن المركز الثاني لم يكن كذلك. لذا واصلت المضي قدماً" .
وأضافت: "وصلت إلى خط النهاية والسيارة مشتعلة، كانت لقطة مميزة" .