دخل الكوري الجنوبي دو كي لي تاريخ لعبة التنس من أوسع أبوابه بعدما أصبح أول لاعب أصم على مدار تاريخ اللعبة البيضاء يحقق فوزاً في واحدة من البطولات التي يشرف عليها الاتحاد الدولي للتنس.
وفاز لي الذي يبلغ من العمر 21 عاماً على منافسه السويسري هنري لاكاسونين صاحب الترتيب الـ 120 على العالم في الدور الأول لبطولة وينستون سالم التي تقام في أمريكا بمجموعتين بنتيجة 7/6 و6/1.
وتقام البطولة في الفترة من 17 حتى 24 أغسطس/آب سنوياً على ملاعب جامعة ويك فورست بولاية كارولينا الشمالية تحت إشراف الاتحاد الدولي للتنس للمحترفين وتعد واحدة من سلسلة بطولات أمريكا المفتوحة. وتبلغ جوائز البطولة 807.210 ألف دولار، وهي واحدة من البطولات التي يشرف عليها الاتحاد الدولي للتنس للمحترفين، ما أهّل لي لدخول تاريخ اللعبة البيضاء كونه أول لاعب يعاني من الصمم الكلي يشارك في بطولة رسمية ويفوز بمباراة فيها.
ورغم أن لي خسر المباراة التالية أمام الهولندي هوربيرت هوركاز، صاحب التصنيف الحادي والأربعين على العالم، بثلاث مجموعات نظيفة، فإن ذلك لم يمنع من الاحتفاء بتجربة اللاعب الكوري الذي يظهر في بطولة دولية للمرة الاولى في مسيرته الاحترافية.
وعقب المباراة التي خسرها قال لي إنه محبط من الخسارة لأنه أتيحت له العديد من الفرص خلال المباراة لم يستغلها، لكنه بشكل عام سعيد بالتحدي والتجربة التي خاضها.
لي الذي يحتل الترتيب 212 على العالم، أصيب بالصمم منذ أن كان في السادسة من عمره، لكن ذلك لم يمنعه من تحقيق حلم طفولته في أن يصبح لاعب تنس محترفاً.
وبحسب ما ذكرت صحيفة Le Parisien اليومية الفرنسية فإن صعوبة التجربة التي خاضها لي تأتي من أن لعبة التنس بالتحديد يحتاج اللاعب فيها إلى حاسة السمع بشدة لكي يتمكن من النجاح.
فعن طريق السمع يستطيع اللاعب سماع صوت الكرة وهي ترتطم بمضرب المنافس، وبالتالي يتمكن من تحديد مدى قوتها ويحدد أسلوبه في ردّها، وما إذا كان يحتاج للقوة أم غمزها في ركن قصيّ من الملعب.
ويقول لي إنه لا يسمع بالطبع صوت الكرة في الملعب، لذا يضع كل تركيزه في نظره ليتابع المنافس وهو يتحرك في النصف الخاص به من الملعب، ثم وهو يلعب الكرة بمضربه ليحدد الطريقة المثالية لرد الكرة.
أما ديديه لان الذي يعمل مدرباً محترفاً معترفاً به من الاتحاد الدولي للتنس، فيرى أن الصوت عنصر أساسي وحاسم للنجاح في لعبة التنس؛ لأنه يحدد قوة الكرة ومن ثم الطريقة الأفضل للتعامل معها، لذا فإن ما فعله لي –حسب رأي لان- أمر بالغ الصعوبة، حيث يعتمد في حالته الصحية الحالية على نظره فقط.
لكن ما يخفف من متاعب لي في تحدياته مع المنافسين المحترفين أنه مصاب بالصمم منذ سن صغيرة، وبالتالي كان لديه الوقت الكافي ليتمرن على تشغيل والاعتماد على حاسة البصر كبديل للسمع، بعكس ما كان ليحدث لو كان أصيب بالصمم مثلاً بشكل مفاجئ بعد احترافه اللعبة.
ولا تقف متاعب لي عند صعوبة سماع الكرة فقط، وإنما تمتد أيضاً لتعوق تواصله مع الحكام وأحياناً المنافس، وفي كثير من الأحيان خلال الاجتماعات الرسمية التي تسبق المباريات والبطولات المهمة.
فالشاب المكافح تعلم في صغره قراءة الشفاه حينما تتحدث باللغة الكورية فقط، كما أنه لا يعرف شيئاً عن لغة الإشارة، لكن المشكلة وجدت حلاً سحرياً لها من خلال خطيبة لي التي تتواجد بشكل مستمر خارج خطوط الملعب في المباريات التي يخوضها، لتتولى هي دور الوسيط بينه وبين الحكام أو المنافس حين يحتاج أي منهم لتوصيل رسالة ما للاعب.
واكتسب لي احترام عالم التنس بشكل عام بعد مشاركته في بطولة وينستون سالم الأخيرة، سواء من المشجعين أو المشاركين في البطولة، وصولاً إلى اللاعبين المشاهير القدامى، ومنهم صاحب التصنيف الأول على العالم في وقت سابق، البريطاني أندي موراي الذي حضر البطولة التي تقام سنوياً في ولاية كارولينا الشمالية على الأراضي الأمريكية.
موراي أشاد كثيراً بتجربة اللاعب الكوري الجنوبي وقدراته الهائلة في تحدي المرض، قائلاً إن ابنه الصغير لم يتوقف عند أي شيء في البطولة سوى مشاركة لي، معتبراً أن ما فعله اللاعب شيء خارق للطبيعة.