كثيرون هم المدافعون الأقوياء والأكفاء في العالم حالياً، خصوصاً في أوروبا، لكن عندما تريد البحث عن مدافع يقدم لزملائه أكثر من الصلابة الدفاعية والتمريرات الأمامية المتقنة، فهنا يجب أن تتحدث عن يراي الفاريز.
الإسباني يراي ألفاريز (24 عاماً) تخرج في أكاديمية نادي "أتلتيك بيلباو" الإسباني لكرة القدم قبل عدة سنوات، والذي تحدث عنه العالم قبل أيام بعدما جدد النادي الذي ينتمي لإقليم الباسك الانفصالي عقده لمدة 4 سنوات جديدة تبدأ من صيف 2022 حتى 2026، رغم أن عقده الحالي سارٍ كما هو واضح حتى 3 سنوات مقبلة.
لكن ما يهم في قصة الفاريز ليس مهاراته الكبيرة، فهو لن يكون مثلاً في قوة بيكيه ولا صلابة راموس ولا إبداع فان دايك أو رؤية دي ليخت، لكنه بالتأكيد يتفوق على كل هؤلاء في صلابته النفسية الهائلة التي جعلته يهزم السرطان ليس فقط بالصدفة أو بهدف طائش أو عكسي، وإنما تمكن المدافع الشاب من التغلب على المرض اللعين مرتين، وبلغة كرة القدم ذهاباً وإياباً.
يقول موقع "Sport 1" الألماني إن ما يبدو أنه أمر طبيعي هو في الحقيقة "أسطورة صغيرة"، لأن ألفاريز تم تشخيص إصابته بسرطان الخصيتين في ديسمبر/كانون الأول عام 2016. وبعد 46 يوماً فقط من خضوعه للعلاج من السرطان عاد في فبراير/شباط 2017 إلى ملاعب كرة القدم، في لقاء لا يمكن أن ينساه حيث كان الخصم فيه نادي برشلونة.
في ذلك الوقت كان الأمر حافلاً بالمشاعر المتضاربة، خصوصاً حين أعلن رئيس النادي الباسكي خوسو أوروتيا ورئيس الجهاز الطبي جوسين ليكوي خضوع الفاريز لعملية ناجحة لإزالة إحدى خصيتيه نتيجة لإصابته بالسرطان.
وكشف الطبيب أن الأمر كله جرى اكتشافه بالصدفة، حيث كان اللاعب يشكو على مدار عدة أيام من ألم في الخصية اليمنى، مما دفع الجهاز الطبي لعمل أشعة ومجموعة من الفحوصات أظهرت إصابته بالسرطان.
وذكر تقرير طبي نشره النادي أنه جرت إزالة الخصية المصابة في عملية جراحية دون أي حوادث.
بعد ذلك وخلال عودته للنادي لاستئناف تدريباته مع الفريق، وجد الفاريز مفاجأة سعيدة في انتظاره في أول يوم يدخل فيه غرفة تغيير الملابس، حيث وجد زملاءه بالفريق في انتظاره وقد قصّوا جميعاً شعور رؤوسهم تضامناً معه حتى لا يشعر بأنه غريب عنهم، في واحد من أكثر المشاهد تدفقاً بالمشاعر يمكن لشخص أن يراها في ملاعب كرة القدم.
وقتها قال رئيس النادي خوسو أوروتيا إنه لم يرَ في حياته لاعبي أتلتيك بيلباو متحدين ومتضامنين مع بعضهم البعض مثلما رآهم في ذلك اليوم، متمنياً أن يستمر الفاريز مع الفريق حتى يمنح زملاءه بعضاً من القوة النفسية الهائلة التي يملكها.
وبعد أن أنهى الفاريز الموسم الكروي 2016/2017 مع فريقه، اكتشف في نهايته عودة السرطان من جديد، فتوجب عليه أن يخضع للعلاج الكيماوي. ويوضح الموقع الألماني أنه في ذلك الوقت العصيب وقف النادي وزملاؤه في الفريق إلى جانبه من جديد غير أن مسيرة العلاج طالت هذه المرة، وتحتم عليه أن يقوم باستراحة لمدة ستة أشهر.
وفي فبراير/شباط 2018 عاد يراي الفاريز من جديد إلى ملعب سان ماميس الأسطوري، ملعب أتلتيك بيلباو في إقليم الباسك. فقد انتصر على السرطان مرة أخرى ولم يفقد أبداً ثقة مسؤولي النادي الإسباني فيه.
وفي الأسبوع الماضي مدَّد النادي عقده ليستمر مع الفريق سبع سنوات مقبلة في خطوة تعكس تمسك النادي به وثقته في قدرة اللاعب على مقاومة المرض اللعين.
بل إن العقد تضمن شرطاً جزائياً بقيمة 70 مليون يورو. وقال اللاعب عن عقده الجديد: "أنا مدرك للمسؤولية التي أتحملها الآن في النادي، وعليّ إثبات ذلك فوق أرض الملعب" . ويقول Sport 1 إن كرة القدم أصبحت الآن أخيراً بؤرة اهتمامه "أما الانتصار الأكبر في حياته فقد حققه بالفعل" .
ولعب الفاريز مع منتخب إسبانيا للشباب تحت 21 في بطولة أوروبا التي أقيمت في عام 2017، كما شارك في مباراة ودية واحدة مع منتخب إسبانيا الأول ضد سويسرا في يونيو/حزيران من عام 2018 وقت أن كان يستعد للمشاركة في مونديال روسيا تحت قيادة المدرب جولين لوبيتيغي، قبل أيام من إقالته بعد اكتشاف تعاقده مع ريال مدريد لتدريب فريقه الكروي بعد نهاية المونديال.