باتت أيام القاطرة الويلزية غاريث بيل في ريال مدريد معدودة، ولاسيما بعد التصريحات الأخيرة للفرنسي زين الدين زيدان مدرب الفريق الملكي، بتمنيه رحيل الجناح السريع هذا الصيف بشكل مباشر عن صفوف الميرينغي.
وزيدان عقب خسارة ريال مدريد الودية أمام بايرن ميونيخ 1/3، في أولى مباريات اللوس بلانكوس التحضيرية للموسم الجديد، أكد في تصريح على اقتراب بيل من الرحيل عن ريال مدريد، منوهاً أن الأمر قد يتم بصورة رسمية في غضون 24 إلى 48 ساعة فقط.
في واقع الأمر، تظل علاقة زيدان مع بيل غريبة إلى حد كبير، لاسيما وأن الثنائي قد تمكن سلفاً من الفوز بالكثير، قبل أن ينتهي الود بين الرجلين لأسباب مبهمة، تبلورت ربما بفعل عامل الزمن وتراجع مستوى النجم الأعسر.
صحيفة Marca الإسبانية كان لها تفسير لما حدث من خلال تقرير لها، عن تطورات مُسلسل صدام زيدان مع بيل، والذي دُشن قبل ما يزيد عن العام، واستمر قائماً رغم مغادرة المدير الفني بقلعة سانتياغو بيرنابيو وعودته، وقد حُملت لاحقاً بقرار يقضي بانتهاء حقبة نجم توتنهام هوتسبير السابق في ريال مدريد.
وإذا عدنا بالذاكرة إلى الماضي بعض الشيء، وتحديداً إلى المباراة النهائية من دوري أبطال أوروبا عام 2018، والتي جمعت ريال مدريد بليفربول الإنجليزي في مدينة كييف الأوكرانية، يومها كان بيل حبيسَ مقاعد البدلاء، قبل أن يحرره زيدان، ليؤكد صاحب الرداء رقم 11 جودته الكبيرة من خلال هدفين، أحدهما بطريقة "أكروباتية" عجز زيدان نفسه عن تصديقها.
بعد المباراة، قرر غاريث الحديث لوسائل الإعلام، مُبرزاً حاجته للحديث مع ممثليه، من أجل الاستقرار بصورة أكبر على مسار مُستقبله، مُلمحاً إلى إمكانية رحيله عن ريال مدريد، في ظل ابتعاده عن تشكيلة الفريق الأساسية في المواعيد المهمة.
لكن المفاجأة أتت سريعاً ولم يرحل بيل، بل غادر زيدان نفسه، وهنا لربما شعر الويلزي بانتصاره في معركته الوليدة مع مدربه، لكن الأخير عاد مجدداً بعد أقل من موسم واحد على رحيله، لإنقاذ الريال من موسم كارثي ومدربين متعاقبين أطاحوا بهيبة الفريق الأبيض إلى الأرض، لتبدأ المعركة من جديد.
معركة أحد طرفيها قوي مُسلح بدعم الجميع، وآخر ضعيف عديم الحول والقوة، خاصة بعد معاناته الكبيرة في فرض نفسه رفقة المدرب السابق لزيدان، الأرجنتيني سانتياغو سولاري.
البداية الحقيقية لفترة الجفاء بين بيل وزيدان، كانت مع المباريات الثلاث الأخيرة من الموسم المنصرم 2018/19، إذ تعرض اللاعب للتهميش التام والاستبعاد الكلي من تشكيلة ريال مدريد، رغم سابق مشاركته في المباريات الثماني الأولى لزيزو في فترته الثانية بتدريب الميرينغي.
وتعود آخر مشاركة لبيل مع ريال مدريد إلى زيارة الفريق الملكي لملعب "فاليكاس"، يوم الثامن والعشرين من أبريل/نيسان الماضي، من أجل مواجهة رايو فاليكانو، في مباراة آلت نتيجتها النهائية إلى خسارة أبناء زيدان، بواقع هدف دون رد.
إقصاء بيل "التام" من تشكيلة ريال مدريد، والتواتر الكبير لأحاديث اقترابه من الرحيل عن البرنابيو أدخلنا في مرحلة جديدة، متعلقة أكثر بالتصريحات المُتبادلة، وخاصة من جانب وكيل أعمال اللاعب، غوناثان بارنيت، الذي أشار ذات مرة إلى رغبة موكله في البقاء رفقة النادي الأكبر في العاصمة الإسبانية، حتى انقضاء مدة التعاقد الساري بين الطرفين والمُمتد بدوره حتى صيف عام 2022.
هنا تأكدت الرؤية بأن بيل يرغب في البقاء، وريال مدريد يرغب في الانفصال، مرت الأيام تباعاً حتى وصلنا يوم الثامن من يوليو/تموز الجاري، وهو الخاص ببداية الفترة التحضيرية للموسم القادم، وقد شهد حضور اللاعب في أمر لم يرق كثيراً للمدرب زيدان.
بيل سافر مع الفريق إلى مدينة مونتريال الكندية، وقد رافق القائمة المسافرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، للمشاركة في الكأس الدولية للأبطال.
وبينما كان يستعد الجميع لرؤية بيل في مباراة الفريق الأولى ضد بايرن ميونيخ، على الأقل بحكم كون المقابلة ودية قابلة لمشاركة كافة اللاعبين، قرر زيدان إبعاد لاعبه عن التشكيلة الأساسية، بل ومضى قدماً وقرر تهميشه مرة أخرى، وعدم إقحامه حتى كبديل على مدار دقائق المواجهة.
انتهت مباراة ريال مدريد الأولى، ولم يشارك بيل كالعادة، لكن زيدان قرر الحديث بنفسه، قرر حسم الأمور كافة، والتأكيد على معنى واحد: اللاعب قريب جداً من الرحيل، لا شيء تغير، لا شيء على الإطلاق.