أصبح غاريث بيل مشكلة بالنسبة لريال مدريد. تلخص هذه العبارة كل شيء، خاصة بعد الموسم الأخير للاعب، ذلك الذي طالب فيه بالحصول على دور قيادي بعد رحيل البرتغالي كريستيانو رونالدو الذي يفترض أن ظله كان يقيده، لكن على عكس التوقعات -أو ربما تماشياً مع بعضها- قدم الويلزي مستوى متذبذباً لا يرقى لتطلعات الجمهور الذي نفد صبره، لذا أصبح اللاعب قريباً من رحيل محتوم بنهاية الموسم.
علاقة بيل مع ريال مدريد تشبه إلى حد كبير علاقات الزواج في عالمنا العربي، حيث الشغف الزائد والتقدير المبالغ فيه -وكذلك التوقعات- أحياناً في فترة الخطوبة، ثم الإحباط النسبي لدى اكتشاف الحقائق المجردة في بداية الزواج، ومحاولة الطرفين للتعايش مع تلك الحقائق التي تخالف التوقعات، وبعد ذلك حالة الفتور الزوجي بين الطرفين وتجنب الصدام في محاولة أخيرة لتسيير الحياة قبل أن يصلا إلى حالة الانفجار والرغبة الواضحة في الانفصال.
وشكّل نهائي كييف العام الماضي نهاية حقبة ثلاثي "البي بي سي"، إذ لم يسبق في تاريخ ريال مدريد أن خلَّف احتفال بلقب تهديدات بهذه الكثرة. البداية مع رحيل رونالدو نحو يوفنتوس، والآن مع وداع بيل المحتوم، في حين يظل بنزيمة العنصر الوحيد الصامد من المشروع الذي حقق ثلاثة ألقاب متتالية لدوري الأبطال.
وتوقع الكل بعد مباراة كييف أن يكون بيل هو الراحل، خاصة في ظل تصريحاته واهتمام عدد من الأندية الإنجليزية بضمّه فيكفي ما قاله بعد النهائي لدى تسلمه جائزة أفضل لاعب في المباراة: "بكل وضوح يجب أن ألعب أسبوعياً. أحتاج لدقائق أكثر. لا يمكنني فعل هذا في ريال مدريد ويجب عليّ التفكير في مستقبلي وحسمه".
جاء رحيل كريستيانو المفاجئ عن ريال مدريد إلى يوفنتوس، فاضطر الريال للتمسّك ببيل الذي بعد مرور 11 شهراً على تصريحاته لم يفعل شيئاً سوى إحباط الجماهير والنادي الذي وضع ثقته فيه وقرر عدم اللجوء لسوق الانتقالات وضم لاعب يرفع من قدرة الهجوم للفريق.
الآن، غيّر بيل من استراتيجيته وأبلغ النادي برغبته في البقاء رغم غياب ثقة المدرب زين الدين زيدان الواضح فيه واستياء جماهير سانتياغو برنابيو الواضح منه، لكن الأمر يتعلق غالباً بأن يباع بسعر معقول.
ورغم أن الريال يأمل في بيع اللاعب بـ130 مليون يورو، فإن قيمته السوقية وفقاً لموقع "ترانسفير ماركت" لا تتخطى 80 مليون يورو.
ويبدو أن زيدان غير مقتنع بجدوى إشراكه أساسياً لرفع قيمة انتقاله المحتمل، إذ إن اللاعب كان احتياطياً في ثلاث من أصل آخر أربع مباريات للنادي الملكي وبلغ إجمالي الدقائق التي لعبها أمام ليغانيس وأتلتيك بلباو نصف ساعة فقط كثرت فيها صافرات استهجان الجماهير ضده.
وكانت آخر لحظات تألق الويلزي هي ثلاثيته في كاشيما الياباني في نصف نهائي مونديال الأندية، إذ تعرض في أول مباراة بعدها في الدوري أمام فياريال لإصابة جديدة في الساق اليسرى، هي التاسعة والعشرين منذ انتقاله للريال، وهكذا عادت كل مخاوفه وحينما ظهر مجدداً لم يبدُ واثقاً.
صحيح أنه سجل هدفاً في السابع والعشرين من يناير/كانون الثاني أمام إسبانيول لدى عودته حينما كان سانتياغو سولاري مدرباً للفريق، إلا أنه بعدها شارك أساسياً في مباراتين من أصل ثمانٍ إلى أن جلس على الدكة في مباراتي الكلاسيكو أمام برشلونة.
وحتى حينما شارك بعد إصابة فينسيوس أمام أياكس الهولندي في دوري الأبطال لم يقدم شيئاً. "الطلقة الأخيرة" -كما يلقب- ضاعت في الهواء، وتلاشت أحلام الجماهير بعدما خسر الريال بأربعة أهداف لواحد. وخرجت الجماهير يومها من الملعب تتجرع المرارة ومعها حقيقة واحدة أن بيل لا يمكن أن يصبح قائداً للمشروع المدريدي المقبل.