– وصولنا إلى المربع الذهبي في المونديال حرمني من تناول الطعام خارج المنزل
بشكل مفاجئ ودون أي توقُّع، تحوَّل غاريث ساوثجيت من رجل الظل إلى مشروع بطل قومي في إنجلترا.
فقد تولى تدريب منتخب الأسود الثلاثة بشكل مؤقت، عقب ابتعاد سلفه سام ألاردايس الذي أُدين في قضية تلاعب بالنتائج وقبول رشاوى.
وقتها كان أفضل المأمول من المدرب المؤقت ألا يتلقى المنتخب الإنجليزي هزائم ثقيلة، لكن ساوثجيت، المدرب الشاب الذي يفتقد خبرة البطولات الكبيرة، فاجأ الجميع.
ونجح المنتخب الإنجليزي تحت قيادته، وبوجود عدد كبير من اللاعبين الشباب، في بلوغ نصف نهائي مونديال روسيا الأخير، قبل أن تخرجه كرواتيا في مباراة درامية.
منذ ذلك الصيف، تحول ساوثجيت إلى مشروع بطل بإنجلترا، حيث لم يعد بإمكانه تناول الطعام في الأماكن العامة دون تخطيط، أو أن يسير بالشارع عدة أمتار دون أن يستوقفه أحد.
لا يعلم كثيرون أن ساوثجيت يدين بجزء من الفضل في تحسُّن مستوى المنتخب الإنجليزي للقوات الملكية البحرية البريطانية، وهو ما يوضحه في هذا الحوار الحصري مع "عربي بوست".
– البعض يعيد إليك الفضل الكامل في تأهل إنجلترا إلى نصف نهائي كأس العالم الأخيرة، للمرة الأولى منذ 28 عاماً؟
عندما تحصل على وظيفة مدرب، تعتمد على عناصر الفريق للقيام بالأمور المطلوبة على أرض الملعب، كذلك فإن التشجيع أمر مهم للغاية، وأنا أملك طاقماً تدريبياً رائعاً بجواري، وأيضاً مجموعة رائعة للتشجيع.
أظهرنا المتعة والتحسن في الصيف الماضي، بسبب هؤلاء الأشخاص. كنت محظوظاً بكوني قائداً لهم، لكن من المهم معرفة دور كل شخص في هذا الإنجاز.
فضل القوات البحرية
– علمتُ أنك أصررت على إقامة معسكر مشترك قبل المونديال مع القوات الملكية البريطانية.. فهل كان ذلك عقاباً أم كان منحة، خصوصاً أن أغلب اللاعبين لديهم انطباع إيجابي؟
في الحقيقة، من الجيد أن أعرف منك أن اللاعبين كان انطباعهم إيجابياً عن ذلك المعسكر. القصة ببساطة، تتلخص بأنني فكرت في أنه من المحفز للاعبين أن يعايشوا مجموعة من الجنود المميزين من القوات البحرية حياتهم، ويروا الصعوبات والأهوال التي يواجهونها يومياً، ويقارنوه بما يفعلونه ويضحّون به هُم كلاعبين في ملاعب الكرة، وأظن أن النتيجة كانت إيجابية.
– كيف وجدت ردود الفعل في إنجلترا عند عودتك من كأس العالم؟
عكس بدايتي مع المنتخب، بدأ الناس من مختلف طبقات المجتمع يستوقفونني في الشارع، للتحدث معي بخصوص المنتخب، وهذا يُشعرني بالإطراء عندما أدرك أننا أحدثنا فارقاً فيما يخص شعور الناس تجاه الوطن، وأن المشجعين بدأوا في التواصل مع المنتخب مجدداً. كنا نعلم أن هناك حالة من فقدان التواصل، لكني لم أكن أصدق مطلقاً عندما يقول الناس إنهم غير مهتمين بنتائج المنتخب الوطني.
أعتقد أنهم شعروا بالحزن والغضب بعد تعرُّضهم للخذلان سنوات متتالية، لذا بالنسبة لنا فإن اللعب بطريقة ممتعة كان أمراً مهمّاً في وقت صعب من عمر بلدنا.
(يستدرك مبتسماً)، لكن في الجانب الآخر بدأت أدفع ضريبة الشهرة؛ فلم أعد قادراً على الخروج ببساطة، والجلوس في الأماكن العامة، أو تناول الطعام خارج المنزل، إلا بعد إعداد خطط محكمة للهرب من المتابعين.
هاري الذي أعرفه
– قلتَ لي فور علمك بإصابة هاري كين، إنه سيعود أسرع من المقرر، وهو ما يتحدث عنه الجميع بالفعل، كيف علمتَ بهذا؟
من المخيب دائماً لأي لاعب أن يتعرض لإصابة ما ويبتعد عن الملاعب، وأنا على اتصال مستمر معه، لمتابعة حالته.
أعلم أن هاري يريد اللعب في كل المباريات، هو لاعب كبير بالنسبة لتوتنهام والمنتخب الإنجليزي، نحن نعلم عقليته ومدى حرفيته العالية، ولذلك كنت على يقين بأنه سيفعل ما بوسعه للعودة إلى الملاعب بأسرع مما كان مقرراً.
– ما سرُّ تفوق إنجلترا في بطولة دوري الأمم الأوروبية؟
اعتمادنا على الشباب كان مفتاح الفوز أمام إسبانيا بـ3 أهداف مقابل هدفين، في الجولة الرابعة بالبطولة.
ونجحنا في تحقيق فوز مهم وكبير على المنتخب الإسباني في عقر داره، وهو لم يخسر على أرضه منذ فترة طويلة، لكننا ذهبنا إلى هناك بفريق شاب وحققنا الفوز.
الأمر كان كذلك أيضاً عند مواجهة كرواتيا، ومنحنا الفرصة لعدد من اللاعبين الشباب، ونجحنا في الفوز بهدفين مقابل هدف. في مثل هذه المباريات لا بد من أن تمنح فيها الفرصة للاعبين لأخذ الثقة.
– وهل يتطور مستوى اللاعبين الشباب مع المنتخب الإنجليزي؟
لقد تطور مستوى هؤلاء اللاعبين بالفعل، ولكننا قد نواجه بعض الصعوبات، بسبب عدم وجودهم معنا باستمرار، فمثلاً نحن لدينا 4 أشهر كاملة دون أي ارتباطات؛ ومن ثم لا تجمعات، وهذه مشكلة.
– هل من الجيد لك أن نرى ماركوس راشفورد يعود إلى التشكيل واللعب بانتظام في مانشستر يونايتد؟
نعم، بالطبع أداء ماركوس مشجع للغاية ولا أستغرب ذلك، نحن نعلم أنه موهبة حقيقية بالفعل، هو ما زال في سن الـ21 عاماً، ولديه سجلُّ أهداف رائع.
راشفورد لديه تأثير كبير وخبرة جيدة في المباريات الكبيرة، من الرائع أن نراه يستمتع بلعب كرة القدم وينضج ويلعب بثقة، وأنا متأكد أن مانشستر يونايتد وإنجلترا سيستفيدان من أدائه الممتاز لفترة طويلة قادمة.
