منذ سطوع نجم الدوري الإسباني مطلع الألفية الثانية وأفول نجم الدوري الإيطالي، لم ينفكَ محبو كرة القدم عن الخوض في الجدلية البيزنطية: أيهما أقوى؟ الـ "ليغا" أم الـ "كالتشيو"؟!
مهما كنت محباً لـ "جنة كرة القدم" – كما وصفها الأسطورة الأرجنتيني دييغو مارادونا -، فمن الصعب أن تقنع أحداً بتفوّق الدوري الإيطالي. بل من غير الواقعي الادعّاء بأن الـ "كالتشيو" تراجع إلى المركز الثاني. ففي الواقع، ساهم دخول المستثمرين الأجانب إلى البطولة الإنكليزية في رفع أسهم الـ "بريمير ليغ" الذي نافس الدوري الإسباني على الصدارة، في حين تقهقرت مسابقة الطليان إلى المركز الثالث.
إذاً، نتفق أن الـ "ليغا" هي الأقوى، لكن أيهما أصعب الدوري الإسباني، أم الدوري الإيطالي؟
منذ انتقال كريستيانو رونالدو من ريال مدريد الإسباني إلى يوفنتوس الإيطالي في صيف العام 2018، تساءل كثيرون عن مدى النجاح الذي يمكن أن يحققه اللاعب البرتغالي مع ناديه الجديد.
كثيرون شككوا في قدرته على التأقلم مع طبيعة كرة القدم الإيطالية التي تتميزّ بالخطط التكيكية والتنظيم الدفاعي واعتمادها على القوة البدنية أكثر من المهارات الفردية.
فماذا يقول التاريخ؟ كيف اختلف أداء النجوم الذين تنقلوا بين الدوريين الإسباني والإيطالي؟ أي المسابقتين أصعب؟
البرازيلي ريفالدو (ميلان): قصة فشل ذريع!
بلغ اللاعب البرازيلي السابق قمة نضجه الكروي بين عامي 1999 و2002، فاختير كأفضل لاعب في العالم في العام 1999 بعدما قاد برشلونة الإسباني إلى لقبي دوري متتاليين.
مع برشلونة، لعب 130 مواجهة خلال 5 مواسم (47 مباراة في الموسم الواحد)، بينما هزّ الشباك في 130 مناسبة بمعدّل 0,55 هدفاً في المباراة الواحدة.
في العام 2002، رحل ريفالدو عن النادي الكتالوني صوب ميلان الإيطالي وهو في الـ 30 من عمره.
قضى موسماً للنسيان تحت إمرة المدرب الإيطالي الشهير كارلو أنشيلوتي؛ فلم يشارك خلال موسمٍ ونصف سوى في 40 مباراةً سجل خلالها 8 أهداف فقط (0,2 هدفاً في المباراة الواحدة).
في المقابل، شارك اللاعب البرازيلي في أسوأ مواسمه مع برشلونة بـ 33 مباراة، سجل خلالها 14 هدفاً.
النتيجة: ريفالدو فشل في ميلان بعدما كان نجماً متوجاً في برشلونة!
البرازيلي رونالدينيو(ميلان): ولّى زمن النجومية!
كان العام 2005 أفضل أعوام البرازيلي رونالدينيو على الإطلاق؛ إذ حاز خلاله جائزة أفضل لاعبٍ في العالم. وفي العام التالي، واصل تألقه عندما قاد برشلونة إلى لقب دوري أبطال أوروبا، قبل أن يتراجع مستوى الفريق برمّته ويقدم في 2007/2008 موسماً مخيباً في نهاية عهد الهولندي فرانك ريكارد.
معدّل مشاركة رونالدينيو مع برشلونة خلال 5 مواسم، كان نحو 41 مباراة في الموسم الواحد مع معدّل تسجيل بلغ هدفاً واحداً في كل مباراتين.
أما في ميلان، فلم يحقق "الساحر" البرازيلي الكثير؛ إذ بلغ معدّل مشاركته نحو 32 مباراة في الموسم، لكنه حافظ على معدّل تهديفه.
لم يدخل رونالدينيو ضمن حسابات ماسمليانو آليغري في موسم 2010/2011، فلم يشارك سوى 11 مباراة في الموسم الذي ظفر به ميلان بلقب الدوري المحلي.
النتيجة: رونالدينيو تحوّل من نجم كبير إلى لاعبٍ عادي في ميلان.
البرازيلي رونالدو (ميلان): نهاية رجل شجاع!
قصة حزينة تلك التي عاشها البرازيلي رونالدو المشهور بـ "الظاهرة"، مع كرة القدم الإيطالية.
ترك انتر ميلان بعد تعرضه لقطع في الرباط الصليبي مرتين، تبعهما فشلٌ مدوٍ وخسارة درامية للقب الدوري في الجولة الأخيرة لصالح يوفنتوس.
في ريال مدريد، خاض رونالدو 177 مواجهة خلال 5 مواسم (بمعدّل 35 مباراة في الموسم)، سجّل خلالها 104 أهداف (بمعدّل 0,58 هدفاً في المباراة الواحدة).
بعد العودة إلى إيطاليا عبر بوابة ميلان، قضى رونالدو مع فريقه الجديد موسماً ونصف الموسم لم يشارك فيها سوى في 20 مباراة سجّل خلالها 9 أهداف، ثم تعرّض لقطعٍ جديد في الرباط الصليبي وغادر الفريق.
النتيجة: رونالدو عظيم دون شك، لكن لعنة "الرباط الصليبي" طاردته في إيطاليا.
السويدي زلاتان إبراهيموفيتش (برشلونة): لا جديد.. دائماً نجم!
قضى "أبو خليل" 7 مواسم كاملة في إيطاليا؛ بدأها مع يوفنتوس (موسمين) ثم انتقل إلى إنتر ميلان (3 مواسم) عقب فضيحة "كالتشيوبولي"، قبل أن يحطّ رحاله في برشلونة لموسمٍ يتيم.
قبل المغامرة الإسبانية، شارك إبراهيموفيتش مع يوفنتوس وإنتر ميلان في 209 مباريات (41,8 مباراة في الموسم)، وهزّ الشباك في 92 مناسبة (0,44 هدفاً في المباراة الواحدة).
أما مع النادي الكتالوني، فشارك في 45 مباراة سجّل خلالها 21 هدفاً بموسمه اليتيم (0,46 هدفاً في المباراة الواحدة)، قبل أن يرحل إلى باريس سان جيرمان بسبب خلافاته مع المدرب بيب غوارديولا.
النتيجة: معدّل تسجيله ارتفع بنسبة 0,05، ما يعني أنه تحسّن في الدوري الإسباني.
الفرنسي دايفيد تريزيغيه (هيركليس): إبهار مع نادٍ مغمور!
قضى "تريزيغول" – كما يحلو لجماهير يوفنتوس أن تلقّبه – 11 موسماً في صفوف "السيدة العجوز"، توّج خلالها بلقب هدّاف الدوري مرةً واحدة.
شارك النجم الفرنسي مع يوفنتوس في 318 مباراة (نحو 29 مباراة في الموسم)، وسجّل 171 هدفاً (0,53 هدفاً في المباراة الواحدة).
في عمر 33 عاماً، انتقل ترزيغيه إلى هيركليس الصاعد حديثاً إلى دوري الدرجة الأولى الإسباني.
ورغم تواضع الأسماء التي لعب إلى جانبها، سجّل ترزيغيه 12 هدفاً في 31 مباراة خاضها خلال موسم 2010/2011 (0,38 هدفاً في المباراة الواحدة).
النتيجة: تخيّل كم هدفاً كان سيسجّل لو لعب مع نادٍ كبير، تجربة إسبانية ناجحة بكل تأكيد.
الفرنسي تيري هنري (برشلونة): بلا أي أثر في إيطاليا!
قد يجهل كثيرون أن أسطورة آرسنال والمنتخب الفرنسي مرّ بيوفنتوس الإيطالي قبل الرحيل إلى "المدفعجية".
لم يقض هنري سوى نصف موسم في صفوف "السيدة العجوز"؛ فشارك في 19 مباراة لم يسجل خلالها سوى 3 أهداف (0,15 هدفاً في المباراة الواحدة).
وبعد رحلته الطويلة في إنكلترا، انتقل هنري إلى برشلونة وقضى هناك 3 مواسم، شارك في 121 مباراة (نحو 40 مباراة في الموسم الواحد)، وهزّ الشباك في 49 مناسبة (0,40 هدفاً في المباراة الواحدة).
النتيجة: لا يمكن أبداً مقارنة تجربته القصيرة وغير الناجحة في إيطاليا بما قدمه في إنكلترا وإسبانيا.
في المحصلة النهائية: كريستيانو رونالدو سينجح!
بالنتيجة: أيهما أصعب الدوري الإسباني، أم الدوري الإيطالي؟
يتضّح من الأمثلة السابقة، أن النجاح في الدوري الإيطالي ليس سهلاً بالمرّة. كما تقول الأرقام إن من ينجح في الدوري الإيطالي، قادرٌ على التألق خارجه.
فهل يعني هذا أن البرتغالي كريستيانو رونالدو لن ينجح مع يوفنتوس؟ أبداً، ليس هذا ما نقوله!
من المتوقع أن يحقق رونالدو النجاح مع "السيدة العجوز"، لكن من المستبعد أن يتمكن من تسجيل العدد الخيالي من الأهداف التي كان يحرزها مع ريال مدريد.
بنية رونالدو الجسمانية ومواظبته على التدريب، ترشّحه بقوة لتقديم أداءٍ ممتاز مع يوفنتوس، وقد بدا ذلك واضحاً، إذ أحرز 9 أهداف خلال المباريات الـ 15 التي خاضها حتى الآن.