لم تكن معركة فوز حبيب نورمحمدوف على كونور ماكغريغور ببطولة العالم للوزن الخفيف في لعبة اتحاد الفنون القتالية المختلطة UFC229، أشد من المعركة التي اندلعت بعد نهاية النزال.
وبحسب صحيفة The Guardian البريطانية، فقد كثرت الأحاديث بعد نهاية المعركة عن أسباب هذا التوتر بين اللاعبين الداغستاني والأيرلندي، وخاصة أنها ليست المرة الأولى التي يتمادى بها كونور ماكغريغور ضد خصومه.
ولكن الأمر الأهم الذي حمل إشارات تعجب كثيرة، هي أسباب سماح الجهة المنظمة للعبة لماكغريغور بالتمادي العنصري ضد خصومه واستفزازهم.
فوز نورمحمدوف على ماكغريغور.. القصة من البداية
خلال الأشهر الستة الأخيرة، كان المقاتل الأيرلندي كونور ماكغريغور على وشك دخول السجن، كما أنه سخر من ديانة حبيب نورمحمدوف، وبلده ووالده، لينتهي به الأمر بالتعرض لضرب مبرح من طرف هذا الخصم الذي كان أفضل منه بشكل واضح.
إلا أننا وبطريقة ما، من المنطقي أن نقول إنه كانت لماكغريغور بعض المكاسب من مباراة يوم أمس.
وكان المشاهدون يمنون أنفسهم بمشاهدة نزالٍ استثنائي خلال تلك الليلة، حيث تمكن حبيب نورمحمدوف من الاحتفاظ بلقب البطولة عن فئة الوزن الخفيف بعد هيمنته على جميع أطوار نزاله ضد خصمه الأيرلندي.
وعلى الرغم من الأداء المثالي الذي قدمه نورمحمدوف، تسببت تصرفاته بعد انتهاء النزال في تعكير صفو إحدى الليالي التاريخية في تاريخ المنافسة.
بعد لحظات من اقتناص اللحظة المثالية والتمكن من الإطباق على عنق ماكغريغور وإجباره على الاستسلام، تسلق نورمحمدوف القفص ثماني الأضلاع ورمى نفسه على أعضاء فريق كونور.
اندلع شجار حامي الوطيس بين الطرفين، حيث أحاط المشجعون بمكان الشجار في حين حاول رجال الشرطة استعادة النظام.
🎥 – أفضل زاوية تصوير للمشاجرة التي حدثت بعد نهاية العرض.
Gepostet von Jordan collection am Sonntag, 7. Oktober 2018
اعتقال 3 أعضاء من فريق نورمحمدوف
وحسب ما أفادت بعض التقارير، عملت السلطات على اعتقال 3 أعضاء من فريق نورمحمدوف بعد اعتدائهم على ماكغريغور، مع العلم أنه لم يتم تأكيد هويات المهاجمين.
ولكن سرعان ما وقع إطلاق سراح المقاتلين الثلاثة بعدما كان واضحاً أن الأيرلندي لا ينوي توجيه أي تهم.
في حين أنه من المستبعد أن تتحمل الجهة المنظمة لـ UFC مسؤولية الشجار الذي اندلع الأحد 6 أكتوبر/تشرين الأول 2018، إلا أنه من الواضح أنها ساهمت في تمهيد الطريق لمثل هذه الأحداث من خلال تأييدها طويل الأمد للتصرفات الصبيانية التي يقوم بها ماكغريغور للترويج لفعالياتها المختلفة.
كيف شجّعت الجهة المنظمة ماكغريغور على سلوكه المثير للجدل ولماذا؟
على مدى السنوات القليلة الماضية، شجعت المنظمة سلوك المقاتل الأيرلندي المثيرة للجدل ودعمته.
كما استخدمت العلامة التجارية لماكريغور بهدف الترويج لفعالياتها بغض النظر عن العواقب الناجمة عن ذلك.
وخلال حدث UFC 229، استغلت الشركة مقطع فيديو يظهر خلاله ماكغريغور أثناء مهاجمته لحافلة تضم بضعة مقاتلين محترفين، بمن فيهم نورمحمدوف، في قاعة باركلايز سنتر في مدينة بروكلين، للترويج للنزال وبيع اشتراكات الدفع مقابل المشاهدة.
لم يقم المسؤولون في المنظمة بإصدار أي عقوبات في حق ماكغريغور بعد هذه الحادثة، وذلك على الرغم من تسبب أفعاله بنقل اثنين من المقاتلين إلى المستشفى، في حين تعرض الآخرون إلى أزمات نفسية حادة.
ويضاف إلى هذه التصرفات غير المسؤولة سماح المسؤولين داخل المنظمة لماكغريغور بتأجيج التوترات الدينية والعرقية والثقافية عن طريق إهانة نورمحمدوف بهدف الترويج للنزال، وهو ما أدى إلى تصعيد الأحداث.
ماكغريغور يصف نورمحمدوف بالمخبر الإرهابي
وخلال الأحداث التي سبقت هذه المباراة، كان ماكغريغور يقود الهجوم على حافلة المقاتلين، بالإضافة إلى إشارته إلى التوتر السياسي بين الشيشان وداغستان مسقط رأس نورمحمدوف.
وذلك عن طريق وصف والد خصمه بلقب "الجبان المرتجف" نظراً لدعمه الديكتاتور الشيشاني رمضان قديروف، ووصف ماكغريغور مدير أعمال نورمحمدوف بأنه "مخبر إرهابي".
لم يتوقف ماكغريغور عند هذا الحد، ليبادر بوصف خصمه بأنه "وغد جبان" بعد رفض نورمحمدوف، وهو مسلم ملتزم، قبول أخذ كأس من الويسكي خلال مؤتمر صحافي.
وفي حين لا يمكن اعتبار مثل هذه التصرفات مبرراً لاعتداء المقاتل الداغستاني على فريق ماكغريغور بعد انتهاء النزال، إلا أنه يفسر سبب العداء بين الفريقين.
ماكغريغور يحقق أرباحاً مالية للعبة
تُعد علاقة الجهة المنظمة للعبة المستمرة مع ماكغريغور عاملاً محورياً في النجاح المالي المستمر لسياساتها الترويجية.
إذ كان الأيرلندي العنوان الرئيسي للنزالات الأربعة الأكثر مبيعاً في تاريخ البطولة، وهو النجم العالمي الوحيد الذي تسانده المنظمة منذ انتقال روندا روزي إلى دبليو دبليو إي.
قد يتضمن هذا الرقم أيضاً المباراة الأخيرة التي جمعته بحبيب، وهو ما يعني أن ماكغريغور سيصبح طرفاً أساسياً في أهم خمسة أحداث في تاريخ البطولة، ما يجعله مقاتلاً لا تستطيع الشركة الاستغناء عن خدماته.
كما أصبح من الواضح أن البطولة لن تتعامل مع المخاوف المحيطة بقدرتها المالية فقط، بل يبدو أنها غير قادرة أيضاً على ترويض التمادي المفرط لماكغريغور.
هل كان من الممكن أن يتم تفادي هذه المشكلة؟
سارع رئيس المنظمة دانا وايت إلى الاعتراف بأن الشجار الذي جد بعد انتهاء النزال كان مرعباً وساهم في إعادة الذاكرة إلى مباريات الفنون القتالية المختلطة خلال السنوات الماضية.
إلا أنه رفض الأصوات المنادية بأنه كان بالإمكان تفادي وقوع مثل هذه الأحداث.
وخلال المؤتمر الصحفي الذي انعقد بعد المباراة، وعندما توجه الصحافيون للسيد وايت ببعض الأسئلة حول ما إذا كانت المنظمة وماكغريغور قد تجاوزا حدودهما للترويج لهذا الحدث الرياضي.
أجاب بأن "هذا هو العمل المتعلق بالقتال، هكذا هي الرياضة، هناك إهانات في كل رياضة، إنهم يفعلون هذا الأمر في كرة القدم الأميركية والبيسبول وكرة السلة".
وأضاف أنها جزء من اللعبة؛ لذا فإن هذا الأمر لن يتغير أبداً هنا ونحن لن نملي على الأشخاص ما يجدر بهم قوله وما لا يجب عليهم التفوه به، هذا الأمر لن يتغير.
تمييز ماكغريغور عن بقية اللاعبين
يعتبر إهمال وايت لسلوك ماكغريغور في الفترة التي تسبق المعركة بمثابة أمر لا جدوى من الحديث عنه.
وهو ما يؤكد العلاقة الجيدة التي تربط المنظمة بنجمها الأيرلندي.
وبخلاف أغلبية مقاتلي البطولة، الذين يعتبرون مذنبين إثر ارتكابهم لأي مخالفة، يبدو ماكغريغور بمثابة الشخص الذي لا يقوم بأي أخطاء.
وقد كان ذلك واضحاً في أعقاب حادث حافلة بروكلين، والتي تجنب ماكغريغور خلالها السجن بعد إبرام صفقة ادعاء.
وبدلاً من معاقبة ماكغريغور لتسببه في واحدة من أكثر اللحظات المحرجة في تاريخ البطولة، تم منحه عقداً لخوض ست نزالات، وصفقة رعاية لعلامته التجارية "Twelve Irish Whiskey"، بالإضافة إلى مكان أساسي في أحد أكبر النزالات في تاريخ البطولة.
ويبقى من غير الواضح ما إذا كانت المنظمة تنوي تجريد حبيب من لقبه كبطل للعالم في الوزن الخفيف بعد حادثة الأحد الماضي.
وبغض النظر عن النتيجة، فقد عزز رد فعل نورمحمدوف، خلال المؤتمر الصحافي الذي عقب المباراة، وضعه كبطل حقيقي لأغلبية مشجعي بطولة الفنون القتالية المختلطة.
ويظهر ذلك جلياً من خلال أدائه ضد ماكغريغور، على الرغم من جميع الانتهاكات النفسية والعنصرية التي تعرض لها، والتي أثبت من خلالها أنه مقاتل من الطراز العالمي.