صلاح ليس مجرد لاعب كرة قدم، بل يمتد تأثيره إلى ما هو أبعد من ذلك. يمكنك رؤية هذا في تعامل الإنكليز والأوروبيين معه.
صار صلاح جسراً ثقافياً بين الشرق والغرب. حالة تقول للأوروبيين بأن أولئك القادمين من بلاد القهر والفقر يمكنهم النجاح في القارة العجوز دون أن يتخلوا عن هويتهم الخاصة. هذا ما تقوله لحيته وحجاب زوجته. يكسر صلاح كافة التابوهات التي سيطرت على عقل العالم. لسنا بحاجة لأن ننسلخ من ذاتنا لكي ننجح ولا يجب على الغرب أن ينتظر منا التماهي تماماً معه كي نصبح مقبولين. هنالك دائماً نقطة التقاء في المنتصف، هنالك "محمد صلاح".
من أوصل مصر إلى كأس العالم؟ محمد صلاح.
من أوصل مصر إلى نهائي أمم إفريقيا؟ محمد صلاح.
من حمل المنتخب المصري على كتفيه بعد رحيل الجيل الذهبي؟ محمد صلاح.
لا يستطيع أحدهم المزايدة أو الجدال حول قدرات محمد صلاح في الملعب لكن محمد صلاح هو حالة تتجاوز المستطيل الأخضر. في زمن يعاني فيه المصريون اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، إذ تعيش البلاد والعباد في مستنقع من التعاسة، يظهر فتى ضئيل الحجم، فائق السرعة له لكنة تدل على مسقط رأسه، محافظة الغربية، ليكون مصدر الفخر الوحيد وراسم الابتسامة على وجوه الـ 100 مليون.
الآن، صار بإمكان المصريين رد جزء من الجميل لمحمد صلاح.
كيف يمكنهم فعل ذلك؟
أتاح الاتحاد الدولي لكرة القدم الفرصة للمشجعين للإدلاء بأصواتهم على جائزة أفضل لاعب في العالم، وجائزة بوشكاش لأفضل هدف في الموسم.
ومن حق كل مشجع التصويت مرة واحدة فقط، ولا يحق للمشجع تغيير اختياره بعد التصويت.
بالنسبة لجائزة أفضل لاعب في العالم فإن أصوات المشجعين تمثل نسبة 25% من المجموع الكلي للأصوات وهي نسبة ليست بالقليلة على الإطلاق ويمكنها ان تحسم كفة أحد المرشحين الثلاثة. وبالفعل قام المصريون بالهجوم على الموقع عندما تم إعلان صلاح كأحد المرشحين الـ 10 للجائزة من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم ويبدو أن المصريين كان لهم تأثير كبير على نتيجة التصويت ساهمت في وضع صلاح في القائمة الثلاثية النهائية.
أما نسبة الـ 75 % المتبقية سيتم توزيعها بالتساوي بين مدربي المنتخبات الوطنية التي تتمتع بعضوية الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، إضافة إلى قادة تلك المنتخبات، إضافة إلى مجموعة مختارة من صحفيي كرة القدم من تلك البلدان.
جائزة أخرى ترشح لها محمد صلاح ويمكن للمصريين حسمها لصالحه ألا وهي جائزة "بوشكاش" لأفضل هدف خلال الموسم الماضي. حيث تم اختيار هدف صلاح في مرمى إيفرتون ليكون أحد الأهداف المرشحة للفوز بالجائزة.
وهذه المرة تتوقف كامل حظوظ محمد صلاح على نتيجة التصويت والدعم الذي سيتلقاه من قبل الجماهير العربية قاطبة والمصرية خاصة.
إذ أن أصوات الجماهير والمشجعين هي المعيار الوحيد لحسم الجائزة دون أي تدخل من النقاد أو اللجنة المنظمة. مما يعني أن محمد صلاح قادر على الفوز بالجائزة في حال صوتت له الجماهير المصرية والعربية.
رابط التصويت: https://www.fifa.com/the-best-fifa-football-awards/puskas-award/
لماذا يجب أن نصوت لصلاح؟
هدف تلو الهدف، وتمريرة حاسمة وراء الأخرى، صلاح يضيء القلوب والعقول في بلاد الضباب. ليس تألقاً عادياً أو انفجاراً تهديفياً، بل حالة فريدة من نوعها تلك التي يجسدها صلاح. أن تأتي من أرياف مصر، وتحديداً من قرية نجريج، إلى القاهرة يومياً في رحلة سفر مضنية فقط للتدريب، أن تركب كل أشكال المواصلات التي لم تخطر يوماً على بال أحد أولئك الإنكليز، الذين قالوا إنه انتهى بعد فشله تحت قيادة مورينيو، فقط لتصل إلى المباراة قبل انطلاقها.
أن تعاني مادياً من أجل حلم يبدو بعيداً وتراه أنت قريباً. أن يرفضك قطب الكرة المصرية الثاني لأنك لست مؤهلاً بشكل كاف للعب ضمن صفوفه، بينما ترى نفسك أكبر من ذلك بكثير. أن تقاتل وأن تصل، هذا كله يعني أن تكون محمد صلاح، أن تكون الـ "ملك" عن جدارة واستحقاق.
بعد موسم لا يُصدق في ليفربول.. محمد صلاح مرشح لجائزة أفضل لاعب في العالم لعام 2017 /2018. اقرأها مرة أخرى وصدق أو لا تصدق، محمد صلاح في القائمة الثلاثية النهائية للمرشحين لجائزة أفضل لاعب في العالم. والحقيقة أن محمد صلاح يستحق اللقب بكل تأكيد، ليس لأنه لاعب عربي ويجب أن نتعاطف معه، ولكن لأن الأرقام تقول هذا أيضاً.
"لو لم يتعرض محمد صلاح لإصابة في الكتف بعد 25 دقيقة من مباراة ليفربول أمام ريال مدريد في نهائي دوري أبطال أوروبا، لكان من المرجح أن تنتهي رحلة الكأس ذات الأذنين في ملعب الأنفيلد".
هذا ليس كلامي، أو كلام محلل كروي عربي، بل هذه كلمات الاتحاد الأوروبي لكرة القدم.
هذه الجائزة فردية، تمنح على أساس الأداء الفردي للاعبين خلال الموسم. لا علاقة للفوز بالألقاب بها، لسبب بسيط أنها جائزة فردية، وأن الألقاب يفوز بها الفريق، المكون من 11 لاعباً. لم يحدث في التاريخ أن فاز لاعب واحد ببطولة بمفرده.
إذاً لا داعي للحديث عن البطولات، وكم بطولة توج بها مودريتش ورونالدو، ومقارنة ذلك بصلاح. لأن "مو" قدم موسماً خيالياً على مستوى الأداء الفني، يجعله يأتي في المركز الثاني خلف ليونيل ميسي في كافة مواقع تحليل الأداء الكروي المتخصصة، ويأتي أيضاً خلف ميسي على مستوى الأرقام الفردية، سواء من حيث صناعة الأهداف أو تسجيلها. وبما أن ميسي غير مرشح للفوز بالجائزة، إذن الجائزة يجب أن تذهب إلى لاعب واحد فقط.. محمد صلاح.
اقرأ أيضاً..
بعد أن انتهت سنوات الحب.. رونالدو يهاجم رئيس ريال مدريد: "هو سبب خسارتي جائزة الأفضل أوروبياً"