كشف رئيس مجلس إدارة نادي مانشستر سيتي، خلدون المبارك، أن مجموعة أبو ظبي كانت ترغب في شراء نادٍ لندني آخر قبل شراء مانشستر سيتي دون أن يكشف عن هوية الأندية التي حاولوا شراءها. كما كشف خلدون عن السر وراء عدم حضور الشيخ منصور بن زايد لمباريات مانشستر سيتي من المدرجات. وتحدث المبارك عن تفاصيل التعاقد مع المدرب الأعلى أجراً في العالم، بيب غوارديولا.
رحلة البحث عن نادٍ للبيع
في تقرير نشرته صحيفة Daily Mail البريطانية قال المبارك: "كلف الشيخ منصور عدة أشخاص للبحث عن أندية ليمتلكها، وفي كل مرة يكون فيها أمام خيار جيد كان يسارع للاتصال بي وسماع رأيي". وقد ناقش الشيخ منصور ومستشاروه فكرة شراء ما لا يقل عن ثلاثة أندية أخرى في الدوري الإنكليزي الممتاز، كما عقد الشيخ اجتماعاً سرياً في فندق بباريس حضرته شخصية بارزة من نادٍ كبير في لندن لمناقشة صفقة محتملة.
وأضاف المبارك أنه "في بداية صيف 2008، كان قرار الشيخ منصور واضحاً جداً، وهو التركيز على محاولة شراء نادي مانشستر سيتي لأنه الأكثر جاذبية. ثم تقدم بعرض لا يمكن رفضه ليظفر بالصفقة ويصبح مالك النادي".
رئيس النادي غائب عن المدرجات
وقد حضر الشيخ منصور مباراة واحدة منذ ذلك الحين، إلا أن المبارك لا يرى أن ذلك أمر ضروري، حيث قال إنه "يحب هذا النادي على طريقته، وضمن بيئته الخاصة. أعتقد أن حضور المباريات ومشاهدتها في المدرجات ليس أسلوبه المفضل. ولا أعرف إن كانت كلمة "أسلوب" هي الأنسب لكنني لا أبالغ".
كما أوضح المبارك أنه "خلال السنوات الـ 10 الماضية، لم يفوت مباراة واحدة. ولا أستطيع تذكر أنه فوّت مباراة، سواء كانت في إطار الدوري الممتاز أو دوري أبطال أوروبا أو كأس الاتحاد الإنكليزي أو كأس رابطة الأندية الإنكليزية المحترفة، خلال السنوات العشر الأخيرة. لقد شاهد جميع المباريات دون استثناء".
الوجهة القادمة.. التنين الصيني
تمتلك مجموعة سيتي فوتبول أندية في الولايات المتحدة وأستراليا واليابان وإسبانيا وأوروغواي. ورغم ذلك، كشف المبارك أن "الخطوة التالية تتمثل في الصين، التي تعد سوقاً هائلة". وأضاف المبارك أنها "سوق متنامية في عالم كرة القدم ويجب أن يكون لدينا نصيب هناك. وبنفس الطريقة التي أنشأنا بها رؤية مجموعة سيتي فوتبول والتي هي الآن بصدد التطور، فإننا نريد أن نكون أول من يحقق اختراقاً في الصين".
رحلة البحث عن مدرب كبير
تم تعيين بيب غوارديولا مدرباً لمانشستر سيتي في عام 2016 إلا أن المبارك كشف بأنهم أرادوه في صفوفهم منذ سنة 2013، ولكنهم عيّنوا مانويل بيليغريني عندما خذلهم غوارديولا ورفض الانضمام إليهم.
ولم يكن مسؤولو نادي مانشستر سيتي قلقين من حقيقة أن بيليغريني لم يكن خيارهم الأول، حيث شاع أن النادي يحاول معرفة مدى اهتمام غوارديولا بالقدوم إلى إنكلترا بعد رحيله عن برشلونة وأخذه لإجازته دامت 12 شهراً في نيويورك. في الوقت الذي كان فيه روبرتو مانشيني لا يزال مدرباً في السنة الأولى من عقده الممتد لخمس سنوات.
وقد قال المبارك: "عليك أن تدرك أن فيران سوريانو وتشيكي بيغريستين، المدير الرياضي، كانا مقربين من بيب غوارديولا، وكان هذا الأخير يعيش في نيويورك آنذاك، وكان جلياً أنه متاحٌ في سوق انتقالات المدربين. وعلى هذا الأساس، تواصل معه فيران وتشيكي، لكن غوارديولا اختار نادي بايرن ميونيخ ورأى أنه الخيار الأنسب". كما أفاد المبارك بأن بيليغريني كان على علم بهذا التقارب.
وأضاف المبارك: "كانت علاقتنا بمانويل بيليغريني تتسم بالشفافية. واسمح لي أن أطرح الموضوع بهذه الطريقة. لقد كان بيليغريني دائماً على علم بمواقفنا وتحركاتنا، دون غموض. من جانبه، كان رجلاً مهنياً وعلى درجة كبيرة من الاحتراف منذ اليوم الأول".
والحقيقة أن المالك الإماراتي للنادي الأزرق حقق نجاحات كبيرة منذ قدومه إلى مدينة مانشستر حيث وضع النادي ضمن مصاف الكبار في الدوري الإنكليزي وفي أوروبا وصار يحسب له ألف حساب. ويبدو أن مشروع بن زايد في النادي هو مشروع طويل الأمد على غرار ما فعله مانشستر يونايتد مع السير أليكس فيرغسون، وتسير الأمور حتى الآن في الاتجاه الصحيح نحو جعل مانشستر سيتي رقماً صعباً في معادلة كرة القدم الإنكليزية.
استثمارات ضخمة تؤتي ثمارها
في موسم 2017-2018، حقق النادي موسماً استثنائياً في الدوري الإنكليزي الممتاز لكرة القدم، محطماً سلسلة أرقام قياسية، ومحرزاً اللقب بفارق 19 نقطة عن وصيفه، الغريم التقليدي في المدينة الشمالية، مانشستر يونايتد.
صنع المدرب الإسباني جوسيب غوارديولا الذي يقود الفريق حالياً للموسم الثالث، تشكيلة صلبة قوامها أداء جماعي متفوق، ومواهب فردية مثل لاعب خط الوسط البلجيكي كيفن دي بروين (الغائب حاليا بسبب الإصابة)، والمهاجم الأرجنتيني سيرجيو أغويرو.
السطوة التي فرضها النادي على الدوري المحلي في الموسم الماضي (تلقى ثلاثة هزائم في 38 مباراة)، عززت موقعه في مصاف الأندية التي يحسب لها حساب، أكان في البريميرليغ أو في دوري أبطال أوروبا حيث بلغ ربع النهائي وخرج بمجموع الذهاب والإياب على يد مواطنه ليفربول.
الا أن هذا التفوق لم يأت من فراغ، بل كان ثمرة عملية إعادة بناء طويلة بدأت في الأول من أيلول/سبتمبر 2008، مع استحواذ المجموعة الإماراتية على النادي في صفقة قدرت حينها بنحو 360 مليون دولار أميركي.
في عشرة أعوام، أنفق المالكون الجدد ما يناهز 1.2 مليار جنيه استرليني (نحو 1,5 مليار دولار)، ساهمت في كسر تفوق يونايتد في المدينة، وحجز مكان دائم بين الكبار من أمثال أرسنال وتشيلسي وليفربول.
في 2012، حقق الفريق لقبه الأول في بطولة إنكلترا منذ عام 1968، منتزعاً اللقب بطريقة سينمائية في الثواني الأخيرة من المباراة الأخيرة للموسم، بقلب تأخره أمام فريق كوينز بارك رينجرز من 1-2 إلى 3-2، حارماً اليونايتد من الاحتفاظ بلقبه.
وصل "الحصاد الإماراتي" مع مانشستر سيتي حالياً الى لقب الدوري الإنكليزي ثلاث مرات، وكأس الرابطة ثلاث مرات، وكأس إنكلترا مرة واحدة.
ويسعى فريق غوارديولا في الموسم الحالي الذي بدأه بثلاث انتصارات وتعادل، الى أن يصبح أول فريق يحتفظ بلقبه في الدوري الإنكليزي الممتاز، منذ حقق ذلك غريمه التقليدي مانشستر يونايتد عام 2009.
في عهد الشيخ منصور ورئيس مجلس الإدارة خلدون المبارك، انتقل سيتي من ناد متواضع الإمكانات والطموح، الى علامة تجارية كبرى بين "الشركات" في عالم كرة القدم الشديد التطلب مالياً واستثمارياً.
تحول المشروع الطموح الى واقع، اختصره قائد الفريق المدافع البلجيكي فنسان كومباني بالقول في آب/أغسطس الماضي: "عامي الأول مع سيتي والعام الماضي كانا الأفضل في مسيرتي".
انضم كومباني، 32 عام، لمانشستر سيتي في صيف 2008، قبل أيام فقط من الاستحواذ الإماراتي على النادي من مالكه السابق التايلاندي ثاكسين شيناواترا.
وأوضح اللاعب الذي ساهم في كل ألقاب ناديه في العقد الأخير "كل ناد تنضم إليه يقول لك الشيء نفسه وهو أن لدينا مشروع كبير وطموحات كبيرة (…) لحسن الحظ أن سيتي لم يكن من الأندية التي تكذب بشأن ذلك".
رحلة الصعود من القاع إلى القمة
ساهمت الملكية الإماراتية بالدرجة الأولى في كسر عقدة نقص عانى منها النادي إزاء غريمه اللدود مانشستر يونايتد الذي هيمن بشكل كبير على كرة القدم المحلية في تسعينات القرن الماضي والعقد الأول من القرن الحالي.
وعلى سبيل المثال، أنهى سيتي الدوري الإنكليزي موسم 2007-2008 في المركز الـ 7، بفارق 32 نقطة عن البطل يونايتد.
في 1996، سقط إلى الدرجة الإنكليزية الأولى بعد خطأ من مدربه ألان بال الذي طلب من لاعبيه الدفاع لاعتقاده أن التعادل سيكون كافياً للبقاء في الدوري الممتاز، بينما كان يحتاج للفوز.
بعد موسمين في الدرجة الأولى، سقط النادي الى الدرجة الثانية، أسوأ مرحلة له في تاريخه. وعلى رغم العودة الى دوري الأضواء في العقد الأول من القرن الحالي، بقي سيتي بعيداً عن أية منافسة، وبات مشجعوه يرددون في المدرجات هتافات تصل إلى حد اعتبار أن ناديهم "غير موجود".
أضاف كومباني "بناء الفريق الذي يتولى غوارديولا الإشراف عليه، كان يعني بناء فريق من طراز عالمي. اللاعبون (البارزون) لم يكونوا قد سمعوا باسمنا أو لم يكونوا مهتمين بالانضمام إلى صفوفنا".
التعاقد الأول الذي أبرمه المالكون الجدد كان البرازيلي روبينيو، أحد المواهب الشابة الصاعدة في كرة القدم العالمية يومها.
كان الإنفاق وسيلة لجذب اللاعبين الى نادٍ خارج طينة الكبار، وصولاً الى التتويج الأول بعد انتظار 42 عاماً، والذي أتى في كأس الاتحاد الإنكليزي عام 2011.
لم يقتصر تطوير النادي على ضم اللاعبين أو بعض أعمال التوسعة في ملعبه الذي بات يعرف باسم "استاد الاتحاد"، نسبة إلى شركة الاتحاد للطيران الراعية الرئيسية لقميصه. شملت عمليات التنمية أكاديمية الناشئين، وترافق الاستثمار في النادي مع استثمار إضافي بكرة القدم من قبل الشيخ منصور ومجموعته التي باتت حالياً تملك خمسة أندية حول العالم.
ويقول الحارس السابق لسيتي الأيرلندي شاي غيفن "عندما انضممت للنادي (في 2009)، كان خلدون المبارك يقول لنا الى أين يرغبون في إيصال النادي"، مضيفا "كان صادقاً حتى اليوم بكل كلمة قالها".
اقرأ أيضاً..
نيمار في دور الشرير.. البرازيلي يواصل حركاته المستفزة والضحية هذه المرة هي الجماهير (فيديو)