منذ عام 2008 والمرشحون لجائزة أفضل لاعب في العالم ظلوا على حالهم دون تغيير كبير، ليونيل ميسي ورونالدو دائماً موجودان وإلى جانبهما اسم ثالث. هذه المرة، الاسم الثالث هو النجم العربي محمد صلاح الذي قدم موسماً استثنائياً لكنه لم يستطِع في النهاية الفوز بأي لقب رفقة ليفربول.
لكن المنافسة هذا العام ليست على جائزة واحدة، وإنما على 3 جوائز: "أفضل لاعب في أوروبا" من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، جائزة "الأفضل" من الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا"، وأقدم الجوائز على الإطلاق وأكثرها قيمة، جائزة "الكرة الذهبية" المقدمة من صحيفة فرانس فوتبول العريقة.
أي أن النجوم الثلاثة يتنافسون على ثلاث جوائز مختلفة، أي أن كلاً منهم يمكنه حصد إحدى الجوائز في نهاية المطاف.
وقد هيمن رونالدو وميسي على الجوائز الثلاث خلال الـ10 سنوات الماضية، حيث لم يفُز أي لاعب آخر، سوى فرانك ريبيري، بأي جائزة فردية في العالم منذ فوز البرازيلي ريكاردو كاكا عام 2007.
في هذا التقرير نرصد لكم تاريخ هذه الجوائز وتطوّرها عبر التاريخ حتى وصلت إلى طورها الحالي.
"الكرة الذهبية"
فاز بالكرة الذهبية لأول مرة، السير ستانلي ماثيوس في عام 1956. واستطاع جناح نادي بلاكبول آنذاك التفوق على ألفريدو دي ستيفانو، أسطورة ريال مدريد.
وتحسم الجائزة عن طريق نظام نقاط معين يعتمد على تصويت صحافيي كرة القدم الدوليين.
في البداية، كان اللاعبون الأوروبيون فقط هم المتنافسين على الكرة الذهبية، ولكن منذ عام 1995 أصبح جميع اللاعبين في الأندية الأوروبية مؤهلين للمنافسة على جائزة الكرة الذهبية. ليفوز بها لاعب إي سي ميلان السابق ورئيس ليبيريا الحالي، جورج ويا عام 1996.
وكان يتم تقديم الجائزة من قبل الصحيفة العريقة "فرانس فوتبول" منذ نشأتها وحتى عام 2009.
جائزة أفضل لاعب في العالم من الفيفا
ظهرت جائزة الفيفا لأفضل لاعب في العالم للمرة الأولى بعد نهائيات كأس العالم 1990 في إيطاليا؛ حيث توّج بالجائزة الألماني لوثر ماتيوس بعد قيادة منتخب ألمانيا الغربية للفوز بالبطولة.
وبعد 10 سنوات من انطلاقها، انتشرت وازدهرت كرة القدم للسيدات، وبدأت بطولات السيدات المجمعة تلقى ترحيباً وإقبالاً من طرف الجماهير، مما أدى إلى إضافة جائزة أفضل لاعبة كرة قدم في العالم في عام 2001.
وفاز البرازيلي رونالدو والفرنسي زين الدين زيدان بالجائزة في ثلاث مناسبات متتالية، وفاز بها رونالدينيو في مناسبتين.
وكان يتم حسم الجائزة عن طريق تصويت المدربين الوطنيين وقادة المنتخبات الوطنية.
حكاية الاندماج.. "كرة الفيفا الذهبية"
في عام 2010، تم توقيع عقود شراكة بين صحيفة فرانس فوتبول والفيفا ليتم دمج جائزة الكرة الذهبية مع جائزة الفيفا لأفضل لاعب في العالم؛ ليخرج إلى الضوء جائزة "كرة الفيفا الذهبية" التي كانت محور الاهتمام، وتم السماح للصحافيين الدوليين والمدربين الوطنيين وقادة المنتخبات الوطنية بالتصويت. أي تم إعطاء نسبة من الأصوات للصحافيين الأوروبيين والدوليين لتحديد هوية الفائز بأرفع الجوائز الفردية في تاريخ لعبة كرة القدم.
ومنذ نشأة الجائزة لم يفُز بها سوى ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو.
فضّ الشراكة
لم يتم تجديد الارتباط بين صحيفة فرانس فوتبول والفيفا، الارتباط الذي خلق جائزة الكرة الذهبية من الفيفا "FIFA Ballon d'Or".
أكثر الجوائز شرفاً وأهمها في عالم كرة القدم والتي تقدم لأفضل لاعب في العالم كل عام، كانت جائزة كرة الفيفا الذهبية أو fifa ballon d'or التي نشأت عن طريق الاتحاد بين جائزة الفيفا لأفضل لاعب وجائزة الكرة الذهبية من صحيفة فرانس فوتبول في عام 2010.
لكن العقد الذي تم توقيعه بين المؤسستين قد انتهى قبل عامين مع عدم رغبة أي من الطرفين في تمديد الاتفاق، حيث لا يرى رئيس الفيفا الجديد، جياني إنفانتينو، أي فائدة مع الاتفاق.
في عام 2010، دفع رئيس الفيفا السابق جوزيف بلاتر 15 مليون يورو للحصول على حقوق الكرة الذهبية من صحيفة فرانس فوتبول. ومع ذلك، مع تعيين جياني إنفانتينو رئيساً جديداً للفيفا، ضعفت العلاقة بين المنظمتين؛ مما أدى إلى انهيار نهائي للشراكة؛ حيث لا يرى أي من الطرفين أي فائدة من الاستمرار.
ويعني هذا الانشقاق أن جائزة الكرة الذهبية ستخضع مرة أخرى للصحيفة الفرنسية، وسيحسم اسم الفائز بها عن طريق الصحافيين في أوروبا، أي أنها عادت إلى صيغتها الأولى.
أما الفيفا فأعلن عن جائزة "الأفضل" أو "The Best" كبديل عن جائزة الكرة الذهبية.
كيف تختلف جائزة "الأفضل" من الفيفا عن جائزة الكرة الذهبية؟
في الوقت الذي تصدر فيه فرانس فوتبول قائمة أولية تضم 30 لاعباً مرشحاً لجائزتها، يتم إعداد قائمة مختصرة تضم 23 شخصاً للحصول على جائزة "الأفضل" من الفيفا. وفي نهاية كلتا الجائزتين يتبقى 3 مرشحين فقط يصعدون إلى المنصة.
في حالة الكرة الذهبية يصوّت الصحافيون فقط، بينما في حالة الفيفا يشمل التصويت أربعة قطاعات منفصلة هي: الجماهير عبر الإنترنت، ممثلو وسائل الإعلام، مدربو المنتخبات الوطنية، وقادة المنتخبات الوطنية.
تمتلك كل مجموعة 25% من إجمالي الأصوات، ويمكن للجمهور الاختيار من القائمة المختصرة عبر الاقتراع عبر الإنترنت و200 إعلامي يتم اختيارهم للمشاركة.
جائزة أفضل لاعب في أوروبا
بعد التغييرات التي مكّنت اللاعبين من الأندية غير الأوروبية من الفوز بجائزة الكرة الذهبية، لم يكن الجميع في أوروبا راضياً عن الشكل الجديد للجائزة؛ لذلك في عام 2011، قام الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بإنشاء جائزة أفضل لاعب في أوروبا يقررها الصحافيون فقط.
فاز ليونيل ميسي بالجائزة في نسختها الافتتاحية وخطف كريستيانو رونالدو النسخة الأخيرة منها.
وهذا العام، يتنافس كل من كريستيانو رونالدو، ومحمد صلاح، ولوكا مودريتش للفوز بالجائزة.
ما هو موقف محمد صلاح؟
للمرة الأولى في التاريخ، سيقف لاعب عربي على منصة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في حفل توزيع الجوائز، كمرشح لجائزة أفضل لاعب في أوروبا. هذا حدث يستحق الاحتفال.
صحيح أن حظوظ صلاح في الفوز بالجائزة ليست كبيرة أمام منافسين من قيمة كريستيانو رونالدو ولوكا مودريتش. ما يقلل من حظوظ صلاح هو عدم فوز ليفربول بأي بطولة خلال الموسم الماضي بينما استطاع كل من رونالدو ومودريتش الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا إضافة إلى وصول مودريتش إلى نهائي كأس العالم.
لكن الأرقام التي كسرها صلاح خلال موسمه، الحقيقي، الأول في الدوري الإنكليزي إذ أصبح صاحب الرقم القياسي للتسجيل في موسم واحد كما كان القائد الفعلي للفريق وقاده إلى نهائي دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى منذ عام 2006، هذه الأرقام لا تجعله بعيداً عن رفع الجائزة.
لكن أكثر ما يميز صلاح هو أنه أكثر من مجرد لاعب كرة قدم، أكثر من مجرد هدّاف متمرس، أكثر من مجرد نجم فريق. محمد صلاح أو "مو" هو حالة فريدة من نوعها في عالم الكرة. حالة تتجاوز التقييم العقلاني الكرويّ وتندمج مع التجربة الإنسانية الفريدة من نوعها التي يعبر عنها صلاح.
لا يهم الحقيقة إن فاز صلاح أم لا بالجوائز، لكن ما يهم هو أنه فتح آفاقاً جديدة للمصريين والعرب ليحلموا بحياة أفضل وبمستقبل أكثر إشراقاً، هذه الآفاق لن يتم إغلاقها أبداً.
إقرأ أيضاً..
محمد صلاح للاتحاد المصري: وقتكم لا يسمح بالرد على رسائلي؟ ومدير أعماله: كفى!
صلاح في مواجهة محرز.. لمن تُرفع قبّعات الإنكليز في نهاية الموسم؟