يوفنتوس.. التحول إلى "أكثر من مجرد نادٍ"
يوفنتوس هو واحد من أقدم الفرق الإيطالية وأكثرها جماهيرية، لكن فريق الكرة الأنجح في إيطاليا يتحول الآن إلى "ظاهرة" تتجاوز المستطيل الأخضر، كيف يتم هذا التحول؟
يوفنتوس، أحد أكثر أندية كرة القدم شهرة في العالم، يتمتع الآن بفرصة التطور أكثر وأكثر كفريق كرة قدم، لكن طموحاته تبدو أكبر من هذا بكثير.
المهمة الأولى التي نجح فيها "اليوفي" عبر تاريخه هي إمتاع جماهيره، ومنحهم شعوراً بالفخر لتشجيعهم الفريق. المهمة الثانية والأكثر صعوبة هي التحول من مجرد نادي كرة قدم إلى "أيقونة" تشمل جمهوراً أوسع.
استناداً إلى المبادئ القائمة على إرث الثقة، والتصميم، والانتماء الذي لا يقبل المساومة، وضع يوفنتوس خطة نمو ثورية، تم إطلاقها خلال المؤتمر التأسيسي "الأسود والأبيض والمزيد" التي تعتمد على استراتيجية تدعم الهوية والعلامة التجارية الجديدة للنادي.
يهدف يوفنتوس إلى التوسع كفكرة وهوية، إلى ما هو أكثر من مجرد نادي كرة قدم. يريد النادي الاحتفاظ بقاعدته الجماهيرية الكروية، وإضافة عشاق الترفيه الذين لا صلة لهم من قريب أو بعيد بكرة القدم.
هذا هو الهدف من وراء الشعار الجديد، الذي أعلن عنه في يناير/كانون الثاني 2017. خطوة جريئة بما فيه الكفاية لإعلان بدء عملية التغيير، وإطلاق عملية التوسع فيما وراء المستطيل الأخضر.
تم إطلاق الهوية الجديدة من ميلانو، إحدى عواصم الموضة في العالم، في رسالة واضحة إلى ما تصبو إليه خطة السيدة العجوز الجديدة.
وذكر تقرير نشره موقع "كووورة" عن مشروع يوفنتوس أن زعيم إيطاليا لديه في الوقت الحالي مشروع ضخم، بدأ العمل فيه بالفعل، سيحقق للنادي أموالاً طائلة، وهو مشروع ضخم يُسمى J-Village يشتمل على مدرسة كرة ضخمة لجذب المواهب من جميع أنحاء إيطاليا، بالإضافة إلى إنشاء سلسلة فنادق تُسمى J-Hotels، ومطاعم، ومتجر خاص للنادي، بخلاف تغيير مقر النادي ومقر تدريبات الفريق، وتحويل مقر التدريبات الحالي لمركز ضخم لتدريبات فرق الناشئين، بعدما حصل رسمياً على قطعة أرض مساحتها 180 ألف متر مُربع، في المنطقة المجاورة للاستاد، ووقع عقدها مع بلدية مدينة تورينو بطريقة حق الانتفاع لمدة 99 عاماً مقابل 11.7 مليون يورو فقط.
النادي الإيطالي كان بالفعل قد افتتح قبل عدة أشهر أول مركز طبي مملوك لناد في إيطاليا، منحه اسم J-Medical، متخصص في عالم الطب الرياضي، سواء من حيث العلاج أو التأهيل، بالإضافة إلى مدرسة دولية تُسمى J-College، تم افتتاحها مع انطلاق العام الدراسي 2014-2015، بعد التوصل إلى اتفاق مع وزارة التعليم الإيطالية للحصول على الرخص المطلوبة، بعدما أصبحت جزءاً من المدارس الدولية في أوروبا، ولتساعد كافة لاعبي النادي الشباب من كل الجنسيات على الاستمرار في التعليم بجوار ممارسة الرياضة، ومن ثم تُصبح الأولوية دائماً ليوفنتوس، عند محاولة استقطاب أي موهبة من أي دولة.
كل ذلك بخلاف استغلال النادي لمنطقة الاستاد الذي تم افتتاحه عام 2011، بعمل مجمع تجاري به ما يقرب من 60 متجراً ومطعماً ومحال تجارية.
قرار إدارة يوفنتوس باعتماد الشعار الجديد وصفه مسؤولو شركة "إنتربراند" التي تعد إحدى أشهر شركات العالم في صنع العلامات التجارية وإدارتها، بأنه قرار جريء للغاية، وأن الكثير من الأندية ستتبعه في المستقبل، من أجل دخول عالم "المال والأعمال" بشكل أفضل، وعدم قصره فقط على المجال الرياضي، حيث من الممكن أن تجد يوفنتوس في المستقبل يمتلك سلسلة فنادق شهيرة، أو ماركة ملابس، وغيرها من المشاريع.
تجربة يوفنتوس الجديدة طرحت سؤالاً وبقوة عن تأثير رأس المال وسيطرة الفكرة الاستثماري على من يديرون كرة القدم، فأصبح وللمرة الأولى يتخذ ناد شعاراً يليق بماركة ملابس أو سلسلة فنادق على قمصانه، بحثاً عن المزيد من الإيرادات، وهو ما سيجعل الأمر بعيداً عن القيمة الرياضية للشعار.
لكن.. لا بديل عن "كأس الأذنين"
على المستوى الكروي فاز يوفنتوس بكل الألقاب الممكنة على المستوى المحلي، في العقدين الأخيرين، حتى ملّت الجماهير من السيادة المحلية ولم تعد تطيق الانتظار أكثر للفوز بدوري أبطال أوروبا، اللقب الغائب منذ 22 عاماً، وذات الكأس التي تمنعت على أبناء تورينو 7 مرات في المباراة النهائية.
من أجل الفوز بهذا اللقب يبدو أن رئيس النادي أندريا أنييلي يعرف جيداً ما يتوجب عليه فعله لجلب الكأس الأغلى أوروبياً إلى أحضان السيدة العجوز.
رفع جودة الفريق
تقوم إدارة يوفنتوس في كل موسم برفع جودة الفريق. قبل السنوات الخمس الماضية تخلَّى النادي عن أرتورو فيدال وبيرلو وكارلوس تيفيز وبول بوغبا، لكن في المقابل قام الفريق بتعاقدات ممتازة، حيث تم التعاقد مع الظهير الأيسر الرائع البرازيلي أليكس ساندرو، والتعاقد مع صانع الألعاب ومحور خط الوسط ميراليم بيانيتش، وبطل العالم الألماني سامي خضيرة، كما تعاقد الفريق مع المهاجم ماريو ماندزوكيتش، ومع الجناحين الكولومبي كوادرادو والبرازيليّ دوغلاس كوستا. هذا إضافة إلى امتلاكهم للجوهرة الأرجنتينية باولو ديبالا.
وعندما أعلن نادي يوفنتوس الإيطالي تعاقده مع النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو من ريال مدريد الإسباني، شعر الكثيرون بالصدمة من انتقال واحد من أبرز نجوم العالم على الإطلاق إلى صفوف السيدة العجوز، لكنه كشف أيضاً عن مشروع يوفنتوس الكبير لرفع جودة الفريق بشكل واضح ومستمر. تماماً كما الوجه الجديد للبيانكونيري، وهو ما أكده انضمام الألماني إيمري جان، قادماً من ليفربول الإنكليزي.
فاز رونالدو بدوري أبطال أوروبا خمس مرات خلال تاريخه، وفاز بجائزة أفضل لاعب في العالم 5 مرات، وحقَّق أغلب البطولات الممكنة، فما هي الجودة التي قد تفوق ذلك؟
مدرب تكتيكي مميز
يعتبر ماسيميليانو أليغري من أفضل المدربين في العالم حالياً. الإيطالي يجيد قراءة المباريات والتحضير لها بشكل ممتاز، كذلك يحضر لاعبيه نفسياً بشكل أكثر من ممتاز لكل مباراة. وبدا قادراً على اللعب ضد أي خصم مهما كانت قوته، ولو امتلك يوفنتوس لاعبين من نفس مستوى لاعبي برشلونة وريال مدريد خلال سنواته الماضية رفقة الفريق لاستطاع الرجل تحطيم الكثير من الأرقام القياسية على الصعيدين المحلي والقاريّ، ولكن مع ذلك استطاع العبقري الحفاظ على سيطرة وسطوة اليوفنتوس المحلية، ودفع الفريق إلى المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا مرتين خلال 3 سنوات. لذلك سعى الفريق جاهداً لتجديد عقده، لأنه الرجل المناسب للفريق، كذلك يعمل أليغري على استخراج أفضل ما في كل لاعبيه، ويجيد التعامل مع الضغوط من أي نوع.
لكن رغم ذلك تبقى هناك نقاط ضعف
في آخر 4 مواسم من دوري أبطال أوروبا بلغ يوفنتوس المباراة النهائية عامي 2015 و2017، ولكنه فشل في تحقيق اللقب، وحتى في النسخة الماضية (2018) خرج على يد ريال مدريد من دور الثمانية، فهناك شعور جارف بين الجمهور بأن الكرة الإسبانية دائماً هي العائق أمام البيانكونيري للحصول على دوري أبطال أوروبا، فكل من ريال مدريد وبرشلونة وقفا حائلاً ضد طموحات السيدة العجوز.
عانى يوفنتوس من ثغرات واضحة دفعته لفقدان لقب دوري أبطال أوروبا، فغاب عنه اللاعب الحاسم الذي يمكنه إنهاء البطولة لصالحه حتى ولو كان أداء الفريق دون المستوى.
لذلك حرص أندريا أنييلي، رئيس يوفنتوس الإيطالي، على تدعيم صفوف فريقه لعلاج الثغرات الواضحة. البداية كانت مع النجم كريستيانو رونالدو، الذي تسبب بأهدافه الحاسمة في جلب بطولة دوري أبطال أوروبا لريال مدريد في آخر 3 مواسم.
وأثبت الكشف الطبي أن أداء كريستيانو رونالدو البدني لم يتأثر بتقدُّمه في السن، وهو ما يؤكد أن صفقة التعاقد مع النجم البرتغالي ستسهم في تعويض الفريق بلاعب حاسم قادر على تسجيل الأهداف، حتى وإن كان أداء البيانكونيري دون المستوى.
ولم ينسَ أنييلي الهدف المميز الذي سجله كريستيانو رونالدو في آخر نسخة من دوري أبطال أوروبا أمام فريقه، وذلك بعدما ارتقى بارتفاع كبير ولعب كرة خلفية لم يستطع الحارس بوفون إيقافها عن الشِّباك؛ لذا كان ضمّ اللاعب بمثابة انتصار معنوي، هدفه الرئيسي إرضاء الجمهور وتقديم الدعم للفريق.
وحرص أنييلي على تدعيم مركز الظهير الأيمن خلال التعاقد مع الظهير البرتغالي جواو كانسيلو، الذي تألق مع إنترميلان الإيطالي، ولكن لم يستطع النيراتزوري شراءه، ليدخل البيانكونيري وينهي الصفقة لصالحه.
ورحل عن صفوف البيانكونيري الحارس المخضرم بوفون، ليذهب إلى باريس سان جيرمان الفرنسي، وليبدأ يوفنتوس عهداً جديداً من أجل إشراك بديل له يتميز بردِّ فعل سريع لصدِّ الكرات.
ويأمل جمهور يوفنتوس أن يكون كريستيانو رونالدو هو الرجل المناسب لصنع الفارق في مسابقة دوري أبطال أوروبا، ومساعدة الفريق من أجل إحراز اللقب.