كل شيء حولنا يتغير بسرعة كبيرة، منذ سنوات قليلة للغاية كان الدوري الإيطاليّ رمزاً للملل الكرويّ والضجر التكتيكي والكرة الدفاعية المملة. غذّى هذا الاعتقاد هيمنة يوفنتوس على البطولات المحلية باحتكاره بطولتي الدوري والكأس بشكل يجعل الدوري الإيطاليّ كسيمفونية عزف منفرد.
هذه الهيمنة والسيطرة على صعيد حصد الألقاب والكؤوس ما هي إلّا انعكاس لقوة "اليوفي" الاقتصادية وقدرته على جلب أفضل اللاعبين في الدوري الإيطالي دونما أي منافسة تُذكر مع باقي الأندية. عزز هذا الموقف انحدار وتراجع قطبي مدينة ميلانو؛ أي سي ميلان وإنتر ميلان اللذين ابتعدا تماماً عن المنافسة على الألقاب بسبب المشاكل الاقتصادية التي تعرضا لها خلال السنوات القليلة الماضية.
لكن هذه الصورة بدأت في التغير بالموسمين الماضيين، عندما بدأ مشروع نادي نابولي في طرح ثماره تحت قيادة المدرب القدير ماوريسيو ساري، الذي كان قادراً على منافسة نادي يوفنتوس على لقب الدوري كتفاً بكتف حتى الجولات الثلاث الأخيرة في الموسم الماضي. ليكون الدوري الإيطالي هو الدوري الوحيد من الدوريات الخمسة الكبرى الذي تم حسمه في أمتاره الأخيرة وليس على غرار الدوريَّين الإسباني أو الإنكليزي اللذين اتضحت فيهما الرؤية قبل شهور منذ انتهاء المنافسة.
أضف إلى هذا، وصول نادي روما إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا وخروجه بصعوبة بالغة على يد نادي ليفربول، بعدما أقصى برشلونة في الدور ربع النهائي من المسابقة. روما الذي لديه مشروع اقتصادي وفني قائم على تبني المواهب الشابة وتدعيمها بلاعبين لهم خبرات طويلة، ما يجعل الفريق مزيجاً من الخبرة والشباب والموهبة، تحت إدارة أحد أفضل مدربي إيطاليا إيزيبيو دي فرانشيسكو.
مما سبق يمكننا التكهن بأن ما حدث في الموسم الماضي ليس طفرة أو شيئاً استثنائياً لا يمكن تكراره؛ بل الأصح اعتباره أولى ثمار عودة الدوري الإيطالي إلى الواجهة مرة أخرى.
في هذا التقرير، نرصد لكم أبرز الأسباب التي يجب أن تدفع محبي كرة القدم لمتابعة الدوري الإيطاليّ.
تأثير رونالدو أو Ronaldo Effect
حصل رونالدو على 5 كرات ذهبية، وفاز بدوري أبطال أوروبا 5 مرات، كما قاد البرتغال للظفر بكأس أوروبا 2016، ليصبح بذلك الرمز المقبل الذي سيرتدي قميص يوفنتوس المخطط الشهير. وسيشغل مكان أسماء كبيرة سبقته مثل آليساندرو ديل بييرو والفرنسيَّين زين الدين زيدان وميشيل بلاتيني.
وصول رونالدو إلى الدوري الإيطالي سيضفي الكثير من الحماسة والإثارة على مباريات الكالتشيو، وسيجعل الكثيرين متشوقين لمتابعة تجربة البرتغالي في الدوري الإيطاليّ للمرة الأولى.
مليار يورو في "الميركاتو"
مع تأكد تعاقد إنتر ميلان مع الكرواتي شيمي فرساليكو من أتلتيكو مدريد على سبيل الإعارة لموسم واحد مع خيار الشراء الصيف المقبل، تكون فرق الدوري الإيطالي تجاوزت مبلغ 900 مليون يورو في سوق الانتقالات الحالية.
وفي انتظار نهاية صفقة انتقال الأرجنتيني غونزالو هيغواين من يوفنتوس إلى ميلان وإعارة بايرن ميونيخ للتشيلي أرثور فيدال لإنتر ميلان، فالمبلغ سيتجاوز 980 مليون يورو ليحقق الدوري الإيطالي قفزة مهمة في "الميركاتو" لم يصلها منذ زمن بعيد.
وفي مقارنة بسيطة للأرقام، ففرق الدوري الإيطالي صرفت 901 مليون يورو حتى الساعة، في حين صرفت فرق الدوري الإسباني، أقوى دوري في أوروبا، نحو 460 مليون يورو، وفرق الدوري الألماني 414 مليون يورو، والدوري الفرنسي الدرجة الأولى 375 مليون يورو.
ويعود السبب الرئيس لدخول استثمارات قوية للدوري الإيطالي هو عودة قطبي ميلان للواجهة مجدداً رغم مشاكل ميلان السابقة مع المستثمر الصيني واستمرار روما ونابولي في المنافسة على القمة في إيطاليا.
إنتر ميلان في حُلة جديدة
وصل رونالدو إلى يوفنتوس من أجل دوري الأبطال، تلك البطولة التي عاد إليها إنتر ميلان مؤخراً، الـ"نيراتزوري" سيُحاول الاستفادة من أوروبا إلى أقصى حد على صعيد العائدات المادية والتسويقية، لكن الهدف الأساسي للفريق سيكون الفوز بالدوري. وهناك في الاسكوديتو يتركز الضغط على يوفنتوس، وهو الأمر الذي تحدث عنه أليغري، حيث اعتبر أن صفقة رونالدو ستُصعب الأمور على الفريق، وذلك عكس إنتر ميلان الذي يعمل بالظل ومن دون أي ضغوطات.
في حراسة المرمى يُعد سباليتي مُرتاحاً في وجود المتألق سمير هاندانوفيتش، في الدفاع عالج إنتر بوضوح، مشكلة الظهيرين، أسامواه من اليوفي وفرساليكو من أتلتيكو مدريد، أما في قلب الدفاع فبات الفريق في أمان تام بوجود الثلاثي ميراندا وسكرينيار ووصول ستيفان دي فراي من لاتسيو.
في وسط الملعب قدم بروزوفيتش نموذجاً في المونديال عما ينتظر الإنتر هذا الموسم، أما أهم صفقة حتى الآن فكانت رادجا ناينغولان من روما. وهو ما سيمنح وسط ملعب إنتر ميلان بُعداً آخر، خاصة إذا ما نجح في استقدام لاعب وسط إضافي قبل نهاية سوق الانتقالات، خاصة إن كانت تلك الصفقة هي أفضل لاعب في كأس العالم 2018 الكرواتي لوكا مودريتش من ريال مدريد.
القوة في الثلث الأخير تكمن بتمكن إنتر ميلان من الحفاظ على نجومه رغم الإغراءات الكبيرة القادمة من مانشستر ومدريد، بيريزيتش ما زال مُستمراً كنفاثة في مركز الجناح الأيمن، وإيكاردي صاحب 28 هدفاً في الموسم الماضي يُعد الحفاظ عليه صفقة بحد ذاتها للإنتر، في حين ستتجه العيون كلها إلى الأرجنتيني الشاب لوتارو مارتينيز الذي تم منحه الرقم 10 فور وصوله إلى الفريق.
ميلان بهدّاف متمرس
سيرتدي هيغواين قميص ميلان بعد أن ارتدى قبله قمصان نابولي الزرقاء ويوفنتوس المخططة أبيض في أسود، ليبدأ رحلة جديدة في إيطاليا بمحطة قد تكون الأخيرة للاعب الأرجنتيني في الملاعب الإيطالية تحديداً والأوروبية عموماً.
حصل ميلان على مهاجم من الأفضل في العالم حاليا ولديه الخبرة الكافية والإجتهاد اللازم لقيادة هجوم الفريق الذي يعاني من كثرة صفقاته الفاشلة ورغبة نجومه الدائمة في الرحيل سريعا بسبب التخبط الإداري.
هذه الصفقة لم تكن هي الصفقة الوحيدة التي أبرمها ميلان، فاتفاق عودة بونوتشي إلى يوفنتوس تضمن الحصول على خدمات المدافع الشاب المتميز ماتيو كالدارا أيضاً من صفوف السيدة العجوز.
مما يعني أن الميلان قام بضم حجري أساس لفريقه الشاب الذي يؤمل أن ينافس على لقب الدوري الأوروبي هذا الموسم.
فريق الجنوب بفكر جديد
يتطلع نادي نابولي الإيطالي إلى بدء مرحلة جديدة من التحدي بعدما تولى الإيطالي كارلو أنشيلوتي الإدارة الفنية للفريق، خلفاً لمواطنه ماوريسيو ساري، الذي انتقل إلى تدريب تشيلسي الإنكليزي.
يواجه كارلو أنشيلوتي تحدياً جديداً يفوق التحديات التي خاضها من قبل؛ لأنه يقود فريقاً ليس من ضمن أندية الصف الأول في أوروبا، بعدما تولى من قبلُ مهمة تدريب يوفنتوس، وميلان، وتشيلسي، وباريس سان جيرمان، وريال مدريد وبايرن ميونيخ.
أعلن نابولي تعاقده مع اليوناني أوريستيس كارنيزيس، حارس مرمى فريق أودينيزي الإيطالي بعقد يمتد حتى عام 2021 المقبل، كما ضم أليكس ميريت حارس أودينيزي أيضاً، بعقد يمتد حتى عام 2023؛ وذلك لتعويض رحيل الإسباني بيبي رينا إلى ميلان.
ودعم نابولي صفوفه في وسط الملعب بالتعاقد مع فابيان رويز من ريال بيتيس، لتعويض رحيل جورجينيو الذي انضم إلى صفوف تشيلسي، بالإضافة إلى سيموني فيردي الجناح الأيمن لبولونيا.
وبات فريق الجنوب قريباً من التعاقد مع ماتيو دارميان، ظهير مانشستر يونايتد.