رغم الخسارة 0-1 أمام المنتخب الإسباني، قدَّم المنتخب الإيراني مباراةً كبيرةً في ثاني لقاءاته بنهائيات كأس العالم 2018، متوقفاً عند رصيد النقاط الثلاث التي حصدها من فوزه المتأخر في الجولة الأولى على المنتخب المغربي 1-0.
وقد قدَّم الإيرانيون أداءً رجولياً طيلة الـ 90 دقيقة، وكانوا نداً قوياً لرجال المدرب فيرناندو هييرو، وكادوا يخطفون نقطة التعادل في الكثير من المناسبات لولا يقظة الحكم المساعد، الذي ألغى هدفاً بداعي التسلل في مناسبة أولى، وعدم تركيز المهاجم جهانبخش أمام المرمى المشرع في المناسبة الثانية.
وهنا نقدم لكم تحليلاً فنياً لمجريات المباراة المثيرة حتى أنفاسها الأخيرة:
الاستحواذ vs. المرتدات
هذا هو شعار المباراة الأبرز؛ فلسفة الاستحواذ الإسبانية ضد فلسفة الدفاع والمرتدات الإيرانية. بدأ الإسبان المباراة مستحوذين ضاغطين على المنتخب الإيراني، الذي ظل صامداً طويلاً أمام طوفان الهجمات الإسبانية، عن طريق التكتلات الكثيفة في منطقة الجزاء مع إغلاق طرفي الملعب بلاعبين اثنين لهم نزعة دفاعية واضحة، مع أوامر للاعبي الوسط والهجوم بأداء واجبات دفاعية كبيرة. وهذا تطلَّب مجهودات بدنية خارقة من اللاعبين، قاموا بأدائها على أكمل وجه.
في المقابل، قام لاعبو المنتخب الإسباني بتطبيق الفلسفة التي بدأوها منذ 2008، وهي الاستحواذ ثم الاستحواذ عن طريق لاعبين أمثال؛ إنييستا، سيلفا، إيسكو، وبوسكتس، القادرين على تطبيق هذه الفلسفة بكفاءة كبيرة، خاصة في الشوط الأول، الذي لم يستطع فيه تلامذة كارلوس كيروش الاقتراب من مرمى الحارس دي خيا. لكنهم لم يستطيعوا خلق فرص سانحة للتسجيل؛ نظراً إلى كثافة الوجود الإيراني في منطقة الجزاء.
في الشوط الثاني، كان الـ "لا روخا" محظوظاً للطريقة التي افتتح بها التسجيل عن طريق دييغو كوستا، الذي رفع رصيده إلى 3 أهداف بعد مباراتين في البطولة.
وقد كان افتتاح النتيجة هذا في مصلحة محبي كرة القدم، حيث تخلى الفريق الإيراني عن حذره وتراجعه الدفاعي وانطلق إلى الأمام، محاولاً معادلة النتيجة عن طريق استغلال المساحات الشاغرة، خاصة ما بين دائرة المنتصف وقلبَي الدفاع لخلق الفرص وتوزيع اللعب على الأطراف، التي تقدمت للأمام بعد تبديلات البرتغالي كيروش وقامت بإرسال الكثير من العرضيات الخطرة التي كانت كفيلة بضمان التعادل لهم لولا تدخل الحكم المساعد وإلغاء هدف التعادل الإيراني لتواجد أحد اللاعبين في حالة تسلل واحتكام حكم الساحة إلى الـ VAR.
لاحظنا كيف تأثر المنتخب الإسباني برحيل المدرب المُقال جولين لوبيتيغي وتعيين هييرو، حيث افتقد الفريق الديناميكية التي ظهر عليها خلال التصفيات جنباً إلى جنب مع سوء قراءة نجم المنتخب السابق والمدرب الحالي فرناندو هييرو للمباريات، ما ترتب عليه قيامه بتغييرات خلال المباراة أفقدت الفريق الإسباني النسق وجعلته عرضة للكثير من المخاطر مثلما فعل في مباراة البرتغال، التي فقد فيها نقطتين مهمتين في اللحظات الأخيرة.
والحقيقة أن هذه التركيبة الإسبانية لا يمكن التعويل عليها لرفع الكأس الغالية للمرة الثانية في تاريخ الـ "ماتادور".
الجزء الرقمي والإحصائي للمباراة
تشير أرقام موقع Who Scored إلى اعتماد "لا روخا" على الاستحواذ على الكرة لخلق الفرص الهجومية واعتماد إيران على الدفاع المحصن والمرتدات، مع تفوق واضح وكاسح للفريق الإسباني في إبطال مفعول الهجمات الإيرانية أغلب فترات المباراة، وحصار الإيرانيين في مناطقهم إلا في بعض الحالات التي نتجت عن شجاعة الإيرانيين وسوء إدارة هييرو للمباراة.
مازال الحلم قائماً
ما زالت أبواب حلم التأهل مشروعاً للإيرانيين، شريطة الفوز على المنتخب البرتغالي، الذي ظهر هزيلاً رغم فوزه على "أسود الأطلس". ويبدو المنتخب الإيراني قادراً على تفجير المفاجأة، إلا لو كان لكرستيانو رونالدو رأي آخر.