انتهت مباراة سويسرا والبرازيل بتعادل إيجابي 1-1، بعدما تقدمت البرازيل بهدف رائع لفيليب كوتينيو، ثم عدلت سويسرا عن طريق رأسية ستيفين تسوبر.
وهنا تحليل فني يشرح أسباب تعطل قطار البرازيل في المحطة السويسرية:
مهرجان الفرص الضائعة
إذا أراد أحدهم وضع عنوان كبير لمباراة المنتخب البرازيلي أمام نظيره السويسري، فلا يمكن أن يكون سوى أنها كانت مهرجاناً للفرص الضائعة، من قبل لاعبي المنتخب البرازيلي الذين أهدروا 20 محاولة من أصل 21.
مع اهتمام كبير باستعراض المهارات والحركات التي تنتزع الآهات من الجماهير، وكأنها مباراة ودية. أي أن لاعبي المنتخب البرازيلي لا يعطون انطباعاً بالجدية والحماس، من أجل الفوز، وإنما يعكسون شعوراً بالتراخي وعدم الاكتراث، وكأن نتيجة المباراة محسومة من قبل أن تبدأ.
هذا جعل المنتخب البرازيلي في ورطة، بعد أن أدرك المنتخب السويسري التعادل، فلم يكن نجوم الـ "سامبا" قادرين على شحذ هممهم مرة أخرى، والانتفاض والقيام برد فعل حقيقي سوى في الدقائق الأخيرة للمباراة، بعدما كان الفريق السويسري قد استنفد كافة قدراته البدنية والفنية، من أجل الحفاظ على التعادل.
نيمار.. رقص منفرداً
لا أحد يستطيع التشكيك في حجم الموهبة الفذة التي يمتلكها نيمار جونيور، الذي يعد واحداً من أفضل لاعبي العالم، لكن ما قام به نيمار في مباراة اليوم لا يمكن وصفه سوى بأنه أنانية مفرطة، كلَّفت فريقه الكثير من الهجمات التي كان يمكن أن تكون أخطر، إن اختار خياراً آخر غير المراوغة، حيث فقد نيمار الكرة 8 مرات، أكثر من أي لاعب شارك في المباراة. وسدد 4 مرات؛ مرتان منها كانت بين العارضة والقائمين.
كل ما فعله نيمار في مباراة اليوم هو أنه جعلنا نشاهد ما نعرفه جيداً عنه، وهو أنه قادر على مراوغة أفضل مدافعي العالم بسهولة وسلاسة من خلال إتمامه لـ 5 مراوغات صحيحة. لكن، هل هذا هو ما ينتظره مشجعو المنتخب البرازيلي؟
ينتظر محبو المنتخب البرازيلي من نيمار أن يظهر شخصية كبيرة في مثل هذه المواقف، أن يقود المنتخب للفوز في المباريات المعقدة، مثل تلك أمام المنتخب السويسري، مطلوب من نيمار أن يبرهن على قدراته، لا عن طريق المراوغات، ولكن عن طريق قيادة المنتخب في اللحظات العصيبة، التي يجب أن يظهر فيها المنتخب شخصية قوية، شخصية البطل الذي يسعى لإحراز اللقب.
تيتي ومحاولة إرضاء كل النجوم
منذ وصوله إلى منصب المدير الفني ويحاول المدرب البرازيلي أدينور ليوناردو باتشي الملقب بـ "تيتي" الوصول إلى التوليفة المناسبة التي ترضي كتيبة النجوم البرازيلية، لكن في النهاية قد يؤثر ذلك بوضوح على مسيرة المنتخب في نهائيات كأس العالم، مثلما حدث في مباراة سويسرا. فالفريق يلعب في الخط الأمامي بـ4 لاعبين، لا يقدمون العون الدفاعي لباقي زملائهم وهم: نيمار، جابريل خيسوس، ويليان وكوتينيو، مع تواجد باولينيو صاحب النزعة الهجومية في خط الوسط. هذا يجعل المنتخب البرازيلي في حالة اختلال واضحة في الحالة الدفاعية، تؤدي إلى "تعرية" منطقة قلب الملعب التي يشارك فيها نجم خط وسط ريال مدريد منفرداً، دون عون من باقي زملائه.
كما توجد مشكلة أخرى في الحالة الهجومية واضحة للغاية، وهي أن الجبهة اليسرى التي يتواجد بها نيمار هي الجبهة التي تحتكر العمل الهجومي للفريق، مع خفوت واضح للمجهود الهجومي، سواء من خط الوسط أو الجبهة اليمنى. هذا يجعل المنتخب البرازيلي تحت رحمة مستوى نيمار والظهير الأيسر مارسيلو، اللذين يجب عليهما أن يكونا في أعلى مستوياتهما في المباراة، وإلا سيحدث مثل ما حدث أمام المنتخب السويسري، الذي أحكم السيطرة على الجبهة اليسرى للبرازيليين تماماً، ما عدا تسديدة كوتينيو العابرة للقارات.
إضافة إلى أن حالة من "الإبداع الزائد" في الجانب الهجومي، بتواجد ثلاثة صناع لعب من الطراز الرفيع، أمثال كوتينيو ونيمار وويليان، تؤدي إلى تشتت دائم في الحالة الهجومية، فلكل لاعب منهم طريقة لعب معينة، وأسلوب خاص يود فرضه على كامل المجموعة، فينتج عنه "عزف منفرد" يقوم به كل لاعب من هؤلاء على حساب مصلحة الفريق.
ما يهدد مسيرة تيتي أيضاً في نهائيات كأس العالم هي محاولة إرضائه للنجوم على حساب الجانب التقني والفني للمنتخب، أي أن يوجد تشكيلة قادرة على استيعاب هذا الكم من النجوم. فبدلاً من خلق حالة توازن بين الدفاع والهجوم يقوم بـ"حشو" الفريق بالنجوم، لينتهي به المطاف مثلما حدث لمنتخب البرازيل في كأس عالم 2006، الذي كان مدججاً بأكبر النجوم العالميين، لكنه لم يستطع تجاوز دور الثمانية.
الجانب الإحصائي في المباراة
صورة (1) القادمة من موقع Who Scored المتخصص توفر عرضًا كافيًا لما جرى في المباراة وتقييم اللاعبين إلا أن الأرقام لا تخبرك دائمًا بكل ما جرى.
صورة (1)
صورة (2) توضح كيف أن أكثر من 50% من هجمات البرازيليين بدأت من عند نيمار ومارسيلو بينما قسمت الـ 50% المتبقية على الوسط والجبهة اليمنى.
صورة (2)