تحدث لاعب المنتخب المصري السابق أحمد حسام "ميدو" بصراحة لمدة ساعة، شارحاً لماذا توقع تفوق مواطنه محمد صلاح على الإنكليزي رحيم ستيرلينغ بـ 10 مراتٍ، ومعترفاً بأنه كان لاعباً أنانياً صعب المراس، ومشيداً بالتغيرات التي أجراها مدرّب المنتخب الإنكليزي غاريث ساوثغيت، وكاشفاً بأنه كان يواجه الموت لولا فقدان بعض وزنه.
قصة غريبة رواها المصري البالغ من العمر 35 عاماً لصحيفة The Guardian البريطانية، والذي كان من الممكن أن يكون ضمن تشكيلة "الفراعنة" المشاركة في كأس العالم 2018، إلا أن "ميدو" اضطر لاعتزل اللعبة قبل 5 سنوات، بعد تجربة مخيبة للآمال مع فريق بارنسلي الإنكليزي. وعلى الرغم من أنه أعاد اكتشاف ميله لكرة القدم من خلال طريق التدريب، كان من الواضح أن لاعب توتنهام السابق عانى من محنة صحية.
يقول حسام، "كان وزني 150 كيلو غراماً ووصلت إلى مرحلة لم أتمكن خلالها من السير لمسافة 30 متراً. إن مشيت هذه المسافة أشعر بآلام في ظهري ومفاصلي وركبي. أتذكر المرة التي خرجت فيها من قاربي في مصر منذ 5 أشهر، كان هذا يوماً فاصلاً في حياتي، وكنت أتمشى على جزيرة. كان معي 3 من أصدقائي وكانت مسيرة 300 متراً حتى نهاية الجزيرة. كان الرمل ثقيلاً والجو مشمساً بعض الشيء وقلت لهم (لا استطيع السير). وجلست أستريح لمدة 30 دقيقة. كان عمري وقتها 34 عاماً فقط. كانت هذه هي اللحظة التي غيرت حياتي".
بعد يومين، ذهب "ميدو" إلى الطبيب وطلب منه تحاليل دم، وعندما رأى النتائج "وبدأ الطبيب حديثه معي، علمت أنه علي أن أتغير، أخبرني أن نسبة الكوليسترول هي 320 والمتوسط الطبيعي هو 200. قال أنني على وشك أن أصبح مريضاً بداء السكري. ولأكون صريحاً، أخبرني الطبيب أنني إذا استمريت على هذا النمط، ففرصتي في الموت قبل أن أتم عامي الأربعين ستتخطى 80%. قال لي (ستموت)".
خسر 37 كيلو غراماً في غضون 5 أشهر
With my old friend @didierdrogba @OM_Officiel pic.twitter.com/b2LfYih9Fh
— Mido (@midoahm) June 14, 2018
كانت تلك بمثابة دعوة لليقظة والاستفاقة ولم يكن لدى "ميدو" أي نية لتجاهلها. منذ أسبوعين نشر ميدو صورة لمتابعيه البالغ عددهم 3.86 مليون على تويتر، مخبراً إياهم بأنه فقد 37 كيلو غراماً في الخمسة أشهر الماضية. شكر "ميدو" هؤلاء الذين سخروا منه بتعليقات مزدرية على مواقع التواصل الاجتماعي والتي أعطته دافع إضافي ليعود إلى أفضل حالاته، خسر الكثير من الوزن للدرجة التي جعلته يلعب في دورة أساطير "فيفا" في موسكو.
يقول اللاعب المصري السابق متحدثاً عن حكايته "حوّلت نمط حياتي بأكمله". ويأمل أن تشجع هذه الحكاية آخرين يعانون من مشكلته نفسها. " أنا لا آكل أي كربوهيدرات سيئة. أنا لا آكل أي شيء مقلي على الإطلاق. ولا آكل أي لحوم حمراء. ولا تحتوي وجباتي على الملح أو السكر. أمارس تمارين عامة مثل السباحة ولعب الإسكواش وكرة القدم ورفع بعض الأثقال الخفيفة. لكنني أخضع العملية كلها لحسابات النسبة والتناسب، 70% من الأمر يتعلق بما تأكله، و30% بالتمارين. إذا أردت أن تخسر وزنك، فهذا يعتمد على ما تأكله في المقام الأول".
يعطي "ميدو" انطباعاً بأن حياته تسير على أفضل حال هذه الأيام، ولا يوجد لديه أي ذرة ندم على تواجده في كأس العالم كمحلل وليس كلاعب مهاجم، على الرغم من أنه غرد برسالة ضمنية يلمح فيها لخسارته لوزنه ليذكر مدرب المنتخب المصري لكرة القدم، الأرجنتيني هيكتور كوبر، بأنه سجل للمنتخب المصري لكرة القدم، هدفاً واحداً في كل مباراتين لعبهما معه.
صلاح قادر على قيادة "الفراعنة"
يبدو "ميدو" واثقاً من أن مهاجم ليفربول الإنكليزي محمد صلاح سيتمكن من التعامل مع الضغط الواقع عليه من قبل 96 مليون مصرياً، يضعون آمالهم عليه، "فهو من ذلك النوع الرجال الذين يقولون (هيا، حتى إن كنت الأمة بكاملها على عاتقي، فليس لدي مانع)".
وأضاف، "إنه شخصٌ رائع وأعتقد أن تطوره الشخصي – عند مقارنة صلاح الذي يلعب في تشيلسي، بصلاح الآخر الذي يلعب في ليفربول – يبدو مثل معجزة. رأيته في تشيلسي وكان فتىً خجولاً. حتى أنني قلت مرة على التلفاز أنه إذا ظل محافظاً على هذه الشخصية الخجولة، فلن يكون لاعباً كبيراً لسوء الحظ، على الرغم من أن مهارته يمكن أن تصل به إلى القمة. قبل 3 سنوات عندما أراد ليفربول توقيع عقد مع صلاح لكنه ذهب إلى تشيلسي، كتبت على تويتر وقلت (صلاح أفضل 10 مرات من رحيم ستيرلينغ)، وضحك الناس عليّ بسبب ذلك. ستيرلينغ لاعبٌ جيد جداً، وتطور كثيراً في ظل قيادة بيب غوارديولا، لكن صلاح غير معقول، إن كان يومه جيداً، فلا توجد طريقة لإيقافه، لا يجاريه في ذلك إلا قلة من اللاعبين".
"تصرفاتي قضت على مسيرتي الرياضية"
مع ذلك لم يكن "ميدو" أبداً ضمن هذه الفئة من اللاعبين، رغم أنه لعب لصالح قائمة مميزة من الأندية، بما في ذلك آياكس أمستردام الهولندي، ومرسيليا الفرنسي، وروما الإيطالي، وتوتنهام هوتسبير الإنكليزي، وكان يملك الكثير من المواهب. إلا أن المشكلة، كانت عادة في تصرفاته وسلوكه "صحيح عندما كنت أصغر سناً، واجهت بعض المشاكل مع بعض المدربين ولم أكن فتىً يسهل التعامل معه. كنت أفكر في نفسي فقط؛ كنت أنانياً. وإذا لم أستطع التأقلم ولم ينجح الأمر معي في أحد الأندية التي ألعبُ لها، كان أول قرار أتخذه هو الذهاب إلى نادٍ آخر".
واعترف، "كنت صعب المراس، لكني أعتقد أنه من الظلم، أن تظل وسائل الإعلام الإنكليزية تضعني في هذه الزاوية. لم أتلقَ أبداً ما استحقه من ثناء على عملي الجاد واجتهادي خلال الـ 5 سنوات الأخيرة لتغيير ذاك الانطباع عني".
يشير "ميدو" هنا إلى تقدمه في مجال التدريب، فقد تولى مسؤولية تدريب ثلاثة أندية في مصر- ومدى تقبله وإقباله على التعلم عندما يتعلق الأمر بالتدريب "غيرت سلوكي وموقفي في كل شيء أفعله، وتعلمت من أخطائي. عملت على نفسي كثيراً وأجتهدتُ لأصبح مدرباً جيداً والآن أنا دارس ومُتعلم جيد جدًا فيما يخص أمور التدريب. أقنعني الفرنسي مارسيل ديسايي، الذي يعمل معنا في شبكة beIN Sports، بالذهاب إلى برنامج ويلز – Welsh، لتخريج المدربين المعتمدين، وقال لي أنه أفضل شيئاً بالنسبة لي، للحصول على تعليم جيد. ولم يكن مخطئاً في ذلك".
بعد الانتهاء من حصوله على الرخصة "A" مع اتحاد ويلز لكرة القدم، يعمل اللاعب المصري السابق كناقد كروي، بينما يفكر في عدد من عروض العمل. يحب العمل في تحليل مباريات كرة القدم على التلفاز، لكنه يرفض التعليق عندما يُسأل عمَّا إذا كان ذلك كافياً بالنسبة له، "لا لا لا. بمجرد أن تجرب التدريب لا يمكنك الخروج منه، بمجرد أن تتاح لك فرصة تكوين وبناء الفريق الخاص بك، واتخاذ قراراتك الخاصة ورؤية لاعبيك يفعلون شيئاً ما في الملعب، ذاك الشيء الذي كنت تعمل عليه منذ أسابيع، فهذه هي أفضل متعة حصلت عليها في حياتي".
بولندا ستقصي المنتخب الإنكليزي في الدور الثاني
The opening @FIFAWorldCup pic.twitter.com/yMK21Lr1IU
— Mido (@midoahm) June 14, 2018
سخي جداً فيما يخص وقته، حيث يسعد "ميدو" الإجابة على أيّ أسئلة حول أي شيء وكل شيء، بما في ذلك أفكاره بشأن غاريث ساوثغيت، الذي كان مدربه في نادي ميدلزبره في الوقت الذي يعتبره بداية الانهيار لمسيرته الكروية.
"بالنظر إلى الطريقة التي يتكلم بها الآن أعتقد أنه تغير كثيراً، لأنه في بداية عمله مع نادي ميدلزبره اعتاد على الشعور بالذعر خلال معظم أوقات المباريات وفي منتصف الوقت. بالنسبة لي كلاعب لعب مع مدربين مختلفين، يمكنني رؤية الأمر بسهولة. إذا نظرت إلى هذا الرجل في غرفة الملابس "هذه هي المرة الأولى بالنسبة له".
واستدرك، "لكنني أرى الآن الطريقة التي تعامل بها مع ستيرلينغ والعديد من الأمور الأخرى الخاصة بالفريق، وأعتقد أنه تعلم الكثير من خلال العمل مع الاتحاد الإنكليزي لكرة القدم وعمل على نيل الشهادات والشارات التي يمنحها الاتحاد. لقد تسرع في قبول وظيفة تدريب نادي ميدلزبره ولا أعتقد أن هذا القرار كان في صالحه. لم يكن جاهزاً. وأنا متأكدٌ أنك لو سألت ساوثغيت نفسه، سيقول لك نفس الشيء. لكنني حقاً أحب ما يفعله الآن".
وعندما سُئل عن رأيه وإلى أي مدى يظن أن إنكلترا ستصل في كأس العالم، يتحدث "ميدو" عن مدى استمتاعه بمشاهدة فريق ساوثغيت، ثم يتناول هاتفه ويشغله مبتسماً "توقعت نتيجة كل مباراة، سأريها لك"، يقول وهو يسحب الطاولة "سوف تهزم البرازيل ألمانيا في النهائي، ماذا عن إنكلترا؟ إنهم يخسرون 2-1 أمام بولندا في دور الـ 16".