يخوض المنتخب السعودي مغامرته الخامسة في منافسات كأس العالم، بعد خوضه غمار البطولة في أعوام 1994 في أميركا، و1998 في فرنسا، و2002 في كوريا واليابان، و2006 في ألمانيا. ومع ذلك فإن حصيلة المنتخب السعودي في عموم مشاركاته في النهائيات هي 9 هزائم، تعادلان، وانتصاران. استقبلت شباك المنتخب السعودي 32 هدفاً، بينما سجل لاعبوه 9 أهداف.
وتبقى مشاركة المنتخب السعودي في بطولة أميركا 1994 هي الأفضل على الإطلاق؛ حيث حقَّق فوزين على المنتخب البلجيكي والمغربي، وتأهل في المركز الثاني عن المجموعة السادسة، قبل أن تنتهي مغامرته على يد منتخب السويد في الدور الثاني. لكن يبدو أن تكرار هذه المعجزة في روسيا 2018 مرة أخرى مهمة شبه مستحيلة، لعدة أسباب نستعرضها في قادم السطور.
افتتاحيات بلا فوز
لم يفز المنتخب السعودي من قبل في مباراته الافتتاحية في بطولات كأس العالم الأربع التي شارك بها من قبل، حيث خسر مباراته الأولى في مونديال أميركا 1994 أمام هولندا (1-2)، وفي 1998 خسر مباراته الأولى أمام المنتخب الدنماركي (0-1).
أما في مونديال كوريا واليابان عام 2002 فكانت المباراة الافتتاحية للمنتخب السعودي واحدة من أكبر النتائج في بطولات كأس العالم على مر التاريخ، عندما خسر (0-8) أمام الـ"ماكينات" الألمانية. لكن في كأس عالم 2006 استطاع المنتخب السعودي إيقاف سلسلة الخسائر في المباراة الافتتاحية، عندما تعادل مع المنتخب التونسي (2-2).
في حالة استمرار هذا السجل السيئ في المباريات الافتتاحية للمنتخب السعودي سيكون من الصعوبة التأهل إلى الدور الثاني عن المجموعة الأولى، حيث إنه سيلاقي المنتخب الروسي مستضيف البطولة على أرضه وبين جماهيره، في المباراة الافتتاحية. ويتبقَّى له لقاء مع أوروغواي المرشح الأول للتأهل عن المجموعة، ولقاء خاص مع المنتخب المصري.
تدخلات من الأعلى
تغيير المدربين بشكل مستمر وسريع دون اختيار نهج كروي معين يتم اتباعه صار هو السمة السائدة في الكرة السعودية، منذ وصول تركي آل الشيخ إلى أرفع منصب رياضي في المملكة العربية السعودية، ورئاسة الهيئة العامة للرياضة. مما انعكس على تحضيرات المنتخب السعودي للبطولة، التي كانت أبعد ما تكون عن المثالية، بإقالة مدربين.
الأول هو الهولندي الفذّ بيرت فان مارفيك، الذي قاد المنتخب السعودي طيلة التصفيات وقاد "الأخضر" إلى التأهل. وبعد استقالته صرَّح فان مارفيك أن أسباب استقالته هي التدخل في عمله من البعض، إضافة إلى إقالة عدد من مساعديه دون إخباره، وهو ما لا يمكن قبوله على حد قوله. بعد رحيل فان مارفيك، أعلن اتحاد كرة القدم السعودي عن تعيين إدغار باوزا، مدرب المنتخب الأرجنتيني السابق، لكن باوزا لم يستمر في منصبه طويلاً، حيث تمت إقالته بعد قيادته للفريق في خمس وديات فقط لا غير، وقبل 9 أيام من قرعة البطولة. ويقود المنتخب السعودي الآن خوان أنطونيو بيتزي، والمطالب بتحقيق نتائج مماثلة لما حققه المنتخب السعودي في كأس العالم عام 1994 في أميركا.
احتراف على الورق
فهد المولد إلى ليفانتي، سالم الدوسري إلى فياريال، يحيى الشهري إلى ليغانيس، علي النمر إلى نومانسيا، عبدالمجيد الصليهم إلى رايو فاييكانو، عبدالله الحمدان إلى سبورتنغ خيخون، نوح الموسى إلى بلد الوليد. هذه هي قائمة اللاعبين السعوديين الذين انتقلوا في الميركاتو الشتوي السابق إلى الدوري الإسباني بدرجتيه الأولى والثانية، تحت رعاية الهيئة العامة للرياضة تحت قيادة تركي آل الشيخ. ورغم الأجواء التفاؤلية التي سادت بعد إعلان هذه المفاجأة، إلا أن المنتخب السعودي هو المتضرر الأكبر من هذه الانتقالات، إذ إن جميع اللاعبين لم يشاركوا، عدا فهد المولد وسالم الدوسري اللذين شاركا لدقائق معدودة، فيما لم يجلس باقي اللاعبين على دكة البدلاء سوى مرات معدودة. سبعة لاعبين من قوام المنتخب السعودي لم يشاركوا في مباريات رسمية لمدة تقترب من الستة أشهر، مما سيؤثر بشدة على مستوى المنتخب في بطولة كأس العالم القادمة.
وديات متذبذبة
خاض المنتخب السعودي، 9 مباريات ودية، فاز في 3 مباريات، وتعادل في مباراة، وخسر 5 مواجهات.
وحقَّق المنتخب السعودي الفوز على مولدوفا (3-0)، وعلى الجزائر (2-0)، وعلى اليونان بالنتيجة نفسها، بينما تعادل في مباراة واحدة أمام أوكرانيا (1-1).
وخسر المنتخب السعودي من كل من العراق (1-4)، وبلجيكا (0-4)، وبيرو (0-3)، وإيطاليا (1-2)، وأخيراً من ألمانيا (1-2).
هذا التذبذب كان واضحاً للغاية خلال مسيرة المدرب بيتزي في الوديات، فالفوز على مولدوفا بثلاثية بيضاء تلته الخسارة من العراق بنتيجة ثقيلة. كما أدى المنتخب السعودي مباراة للنسيان أمام المنتخب البيروفي خسرها بثلاثية نظيفة أتبعها بأداء كبير أمام المنتخب الألماني في المباراة التي خسرها (1-2). هذا يجعل محاولة قياس مدى تطور المنتخب السعودي ومدى الاستفادة من تحضيراته لكأس العالم من الصعوبة بمكان، ويثير الكثير من الشكوك حول قدرة المنتخب السعودي على المنافسة على تذكرتي العبور إلى الدور الثاني.
إصابة القلب النابض
يعتبر نواف العابد هو قلب المنتخب السعودي النابض. كان نواف بمثابة الـ"دينامو" للفريق السعودي خلال مشوار التصفيات، حيث أحرز 5 أهداف، أهمها على الإطلاق هو هدف التأهل أمام المنتخب الياباني في المباراة الحاسمة في التصفيات، كما صنع أربعة أهداف لزملائه، ليقود منتخب بلاده إلى المونديال بعد غياب عن آخر نسختين. وكان نواف يعاني من آلام في العضلة الضامة وعضلات الحوض، وقد حاول أطباء المنتخب السعودي تأهيله ليلحق بالمونديال، إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل.
في النهاية، تُلعب مباراة كرة القدم داخل المستطيل الأخضر لمدة 90 دقيقة، يحدث فيها كلُّ شيء، لكن الظروف الخاصة بالمنتخب السعودي والظروف المحيطة به تقودنا إلى استنتاج منطقي، وهو أن تأهل المنتخب السعودي إلى الدور الثاني يحتاج إلى معجزة.