لا تعرفهم الجماهير كثيراً في البداية، ولكنهم سرعان ما يلفتون الانتباه وينالون الثناء والتشجيع، وتتعلق بهم بعض الآمال، التي سرعان ما تخيب، ولكنهم ينالون في النهاية احترامَ الجميع.
غالباً ما يفوز بكأس العالم أحد المنتخبات التقليدية الشهيرة، بينما تكون مفاجأة البطولة الأكثر إثارة في تألق فريق ليس بالشهير ولا بالمغمور، يُعرَف عادة بالحصان الأسود، يقلب التوقعات ويفاجئ المحلِّلين، ويرفع التوقعات بإمكانية فوزه بالبطولة، قبل أن يخطف اللقب أحد أساطين الكرة المخضرمين.
فعلى سبيل المثال فإن الجميع يتذكر ما حدث في كأس العالم 2002، حين وصل منتخبا تركيا وكوريا الجنوبية إلى نصف النهائي، ليواجها ألمانيا والبرازيل.
وفِي مونديال البرازيل 2014، فجَّر منتخب كوستاريكا مفاجأةً تلو الأخرى في مونديال البرازيل، وتأهل لأول مرة في تاريخه إلى الدور ربع النهائي لكأس العالم (دور الثمانية)، ليلقَّب بـ"الحصان الأسود" لهذه البطولة.
فمن يكون الحصان الأسود لمونديال روسيا 2018؟
تقرير لصحيفة World Soccer الأميركية حاول رصد حظوظ بعض الفرق التي لا تبدو مرشحة للفوز بكأس العالم، ولكنها يمكن أن تشكل مفاجأة وتكون الحصان الأسود في مونديال روسيا.
مفاجآت كأس العالم المرجحة
هذه القائمة تضم المنتخبات التي ليست مرشحة للفوز بكأس العالم، ولكنها يمكن أن تقدم مباريات جيدة، وذلك بناء على إمكاناتها الحالية، مع ملاحظة أن أغلب هذه الفرق لديها نقاط ضعف واضحة هي التي تضعف فرصها.
كرواتيا: فريق قوي بلاعبين مؤثرين ولكن ليس الحظ هو مشكلته الوحيدة
مؤهلات محترمة على الورق، يمتلكها المنتخب الكرواتي، إذ لديه لاعبون بارزون، على رأسهم لوكا مودريتش، إيفان راكيتيتش، ماريو ماندزوكيتش، إيفان بيريزيتش، ماتيو كوفاسيتش.
ولهذا كان منتظراً أن يقدم الفريق أداءً أفضل من الذي قدَّمه خلال تصفيات كأس العالم. لكن مشكلة هذا المنتخب هي عدم الانتظام في النتائج.
وقبل بداية التصفيات المؤهلة لكأس العالم، كان من المنتظر أن تتصدر كرواتيا مجموعتها بكل سهولة، ولكنها خسرت هذا المركز أمام هذا المنتخب الأيسلندي. وهذا كان يعني أنه يتوجب على الكرواتيين خوض مباريات الملحق ضد اليونان.
وخلال هذه المواجهة، صعدت كرواتيا بعد فوزها دون صعوبة تذكر، بنتيجة 4-1 في مباراة الذهاب، ولكن مجرد اضطرارها لخوض هذا الدور يكشف عن عدم استقرار نتائج هذا المنتخب.
المشكلة الجديدة التي تواجه المنتخب الكرواتي هي صعوبة المجموعة التي وقع فيها، حيث سيواجه الأرجنتين ونيجيريا وأيسلندا.
ويفترض أنه في أسوأ الحالات، يمكن أن تحتل كرواتيا المركز الثاني في مجموعتها، ولكنها في هذه الحالة ستواجه فرنسا في ثمن النهائي (دور الـ16)، إلا أن كرواتيا بما تمتلكه من نجوم، قادرة على مفاجأة منتخب الديوك في حال مواجهته.
إنكلترا: المنتخب العريق فقير الإنجازات لديه شيء مختلف هذه البطولة
على الرغم من المواهب التي تمتلكها إنكلترا، فإنها كثيراً ما تقدم أداء ضعيفاً، وغالباً ما تفشل في تحقيق الإنجازات في المنافسات الكبرى، ويكفي إلقاء نظرة على سلسلة النتائج التي حقَّقها هذا المنتخب في 2014 لتتضح هذه المشكلة.
وفي ظلِّ وجود منتخب بلجيكا القوي إلى جانبه في المجموعة السابعة، فإن كثيرين لا يستغربون أن يتكرر نفس السيناريو المرير في روسيا.
ولكن المدرب غاريث ساوثغيت نجح في تحسين الأداء الجماعي للمنتخب الإنكليزي في الفترة الأخيرة. بالطبع هناك بعض المتابعين الذين يشتكون من ضعف الحصيلة التهديفية للفريق، ولكن عبر التاريخ لم يكن المنتخب الإنكليزي من النوع الذي ينتصر بنتائج عريضة، خاصة في الكؤوس العالمية.
ويمكن للاعبين من أمثال رحيم ستيرلنج، ماركوسر اشفورد، خيسي لينغارد وديلي آلي خلق فرص تهديفية كثيرة، وفي وجود المهاجم العالمي هاري كين على الميدان، فإنه يمكن تسجيل الأهداف بغزارة.
وكما أشرنا إليه سابقاً، فإن حجر العثرة الأساسي في هذه المجموعة هو بلجيكا، ولكن حتى لو حل المنتخب الإنكليزي ثانياً، فإن منافسه في الدور الثاني لن يكون غير بولندا أو كولومبيا، وهذا أمر لن يثير مخاوف الإنكليز، الذين يفترض أنهم قادرون على تحقيق نتائج أفضل هذه المرة.
البرتغال: قد يواجهون فريقاً عربياً.. ووجود رونالدو يصعب الأمور على منافسيهم كثيراً
بعد سنتين من الفوز المفاجئ الذي حققه المنتخب البرتغالي في كأس أوروبا، من المؤكد أن الفرق المشاركة في كأس العالم سوف تستعد جيداً لمواجهة هذا المنتخب، خاصة في ظل وجود الهداف كريستيانو رونالدو في الميدان.
وخلال الدورة الأوروبية السابقة، لم تقدم البرتغال أداء جيداً، ولكنها رغم ذلك شقت طريقها بنجاح، وتمكنت من اقتلاع الفوز، وهذه ميزة مهمة في البطولات العالمية. إضافة إلى ذلك، فإن هناك لاعبين قادرين على دعم كريستيانو رونالدو، مثل أندري غوميز وبيرناردو سيلفا، القادرين على تقديم إضافة لرونالدو، أحسن لاعب في العالم 2017.
وسيكون المنافس الرئيسي للبرتغال في مجموعتها هو إسبانيا، ولكن مهمة العبور للدور الثاني يفترض أنها لن تكون صعبة جداً في هذه المجموعة.
وبعد الترشح أيضاً لن تقلق البرتغال أو إسبانيا كثيراً من اسم المنافس في ثمن النهائي، باعتبار أن هذه المجموعة ستتقاطع مع مجموعة روسيا والسعودية ومصر وأوروغواي، أي أن هناك احتمالاً أن يلتقي فريق عربي بالبرتغالي بقيادة رونالدو.
ومن الواضح أنه في ظل وجود لاعب من طراز استثنائي اسمه رونالدو، يمكنه صنع الانتصارات وقلب النتيجة في أي لحظة، فإن البرتغال سيكون رقماً صعباً في مونديال روسيا، مثلما كان الأمر في يورو 2016.
أوروغواي: يقولون مصر والسعودية في المتناول.. وفرصهم كبيرة إذا كان سواريز عاقلاً
ترشحت أوروغواي في المرتبة الثانية في تصفيات أميركا الجنوبية المؤهلة لكأس العالم، وهذا يبرز مدى تطور هذا الفريق، وقدرته على مواجهة الكبار، في ظلِّ وجود ثنائي الهجوم الناري إيدنسون كافاني ولويس سواريز. يضاف إليهما دييغو غودين، رودريغو بنتاكور، خوسي خيمينيز، وجورجيان دي أراسكيتا، وهذه الأسماء تكفي لتشكيل نواة فريق صلب.
وقد وضعت القرعة أوروغواي في مجموعة يعتبرها الكثيرون سهلة، حسب وصف الصحيفة الأميركية، إذ تضم روسيا والسعودية ومصر.
واعتبر لاعب وسط منتخب أوروغواي ماتياس فيتشينو، أن خصوم فريقه بالمجموعة الأولى بمونديال روسيا 2018 "في المتناول"، حسب تعبيره.
بينما حذَّر المهاجم أوروغوياني السابق روبن سوسا منتخب بلاده من التهاون أمام منتخبي السعودية ومصر في كأس العالم 2018، مؤكداً أن تصنيفهما المتأخر لا يعني أن الفوز عليهما سيكون سهلاً.
وقال سوسا: نحن لا نعرف الكثير عن المنتخبين المصري والسعودي، ربما نعرف فقط محمد صلاح الذي يتألق في أوروبا، لكن هذا أمر سيكون خطيراً على المنتخب الأوروغوياني إذا لم يتم تداركه.
وبينما يتوقع كثير من المتابعين أن تتصدر أوروغواي المجموعة دون عناء كبير، لكنهم يحذرون بعد ذلك من أنه قد يواجه في الأغلب إسبانيا أو البرتغال، ومن هنا ستبدأ الصعوبات.
ولكن هنالك علامة استفهام كبيرة تحوم حول نجم الفريق لويس سواريز، إذ إن مونديال روسيا سيكون البطولة الثالثة التي يشارك فيها، وقد جعل سلوكه الغريب في السابق أغلب المتابعين يتساءلون عما إذا كان سواريز قادراً على اجتياز كأس عالمية دون أن يقوم بإحدى حركاته المثيرة للجدل.
إذ إنه في سنة 2010 كان قد تصدَّى للكرة بيده على الخط النهائي للمرمى، في الدقائق الأخيرة أمام غانا، ثم بعد أربع سنوات أقدم على عض المدافع الإيطالي جورجيو كيليني، وهذه المرة يجب على سواريز أن يكون حذراً جداً، لأنه أفضل لاعب في منتخب أوروغواي، وبالتالي يجب عليه ضبط النفس وملازمة الحذر حتى لا يحرم بلده من موهبته.
فرق أخرى أقل شهرة ولكنها يمكن أن تشكل مفاجأة
يمكن القول إن القائمة السابقة هي للفرق التي يتوقع بشكل كبير أن تكون حصاناً أسود للبطولة، ولكن لأن مفهوم الحصان الأسود يقوم أصلاً على المفاجأة، لذا فإن القائمة تتسع لفرق تبدو حظوظها أقل على الورق، لكنها تظل مؤهَّلة لمفاجأتنا.
فهذه المنتخبات قد تُسبب الصدمة لبعض منافسيها، وتذهب بعيداً في هذه الدورة، بفضل ما تزخر به من لاعبين موهوبين، وصلابة جماعية.
كولومبيا: لديها ماكينة أهداف وستتورَّط بملحمة إذا تأهلت
يمكن للنجم الموهوب خاميس رودريغيز صنع شيء من لا شيء، وإلى جانبه أيضاً يوجد راداميل فالكاو، الذي أثبت أنه ماكينة أهداف، مع ناديه الفرنسي موناكو ومنتخب بلاده خلال السنوات الماضية.
هنالك أيضاً دافينسون سانشيز وييري مينا، وكلاهما مدافعان قويان، وخوان كوادرادو، الذي أظهر إمكانات كبيرة مع فريق يوفنتس الإيطالي.
سيتوجب على كولومبيا هذه المرة منافسة بولندا على صدارة المجموعة، وبحسب ما ستسفر عنه هذه المنافسة، سيتحدَّد من سينافس كلاً من بلجيكا وإنكلترا في الدور التالي، ولكن كولومبيا لديها من الإمكانات ما يؤهلها لعبور هذا الدور أيضاً، ولكنها ستكون ملحمة.
بولندا: هجومها قوي ولكن هناك علامات استفهام حول دفاعها
سوف تصطدم بولندا بكولومبيا في المجموعة الثامنة، وعلى الورق تبدو المنافسة متوازنة بينهما. وستدخل بولندا هذه الدورة معزَّزة بالمهاجم روبرت ليفاندوفسكي، الذي سجَّل 16 هدفاً خلال عشر مباريات في التصفيات المؤهلة.
ولكن مشكلة هذا المنتخب هي من سيتكفَّل بصنع اللعب وتمرير الكرات لهذا المهاجم، يعتبر بيوتر زيلنسكي أفضل لعب وسط ميدان في بولندا، كما أن جاكوب بلاجنكوفسكي لديه أيضاً مهارات جيدة، إلا أن تمهيد الأهداف لروبرت ليفاندوفسكي أمام الدفاعات الحصينة سيكون أمراً صعباً.
إضافة إلى ذلك هناك علامات استفهام حول الدفاع البولندي، الذي سيقوده كاميل غليك، ولوكاس بيشيك. ومثلما أشرنا سابقاً، فإن تركيز المنتخب البولندي يجب أن يكون على المرور من الدور الأول، وبعد ذلك ستأتي المواجهة ضد بلجيكا أو إنكلترا في دور الـ16، وهنا ستبقى كل الاحتمالات مفتوحة.
صربيا: دفاع قوي وقرعة قاسية جداً.. لن تصدق من ستلتقي
ترشَّحت صربيا كمتصدِّرة لمجموعتها، بفضل ما تمتلكه من دفاع قوي، يتألف أساساً من اللاعبين ألكسندر كولاروف، برانسلاف إيفانوفيتش، وأمامهما نيمانيا ماتيتش.
وإلى جانب هؤلاء، هنالك لاعبون موهوبون مثل دوسان تاديتش وزوران توسيتش، اللذين يستطيعان تمرير كرات جيدة إلى ألكساندر ميتروفيتش في المقدمة.
وعلى الرغم من أن ميتروفيتش فقد مكانه في نادي نيوكاسل يونايتد هذا الموسم، فإنه يبقى قادراً على تسجيل الأهداف في المنافسات الدولية، وهو يمتلك في رصيده 6 أهداف خلال التصفيات المؤهلة لكأس العالم.
المشكلة الأساسية بالنسبة لمنتخب صربيا هي أن القرعة كانت قاسية عليه، حيث وضعته في مجموعة البرازيل وسويسرا وكوستاريكا، وبالتالي إذا ترشح فإن ذلك سيكون بشق الأنفس.
والأسوأ من ذلك هو أن صربيا إذا حلَّت ثانية في هذه المجموعة، فإنها على الأرجح ستواجه متصدر المجموعة السادسة، الذي سيكون ألمانيا. ولكن بغض النظر عن هذه الحسابات، فإن صربيا فريق قادر على إحداث المفاجأة والتسبب بأوقات عصيبة لمنافسيها في روسيا.
ولكن يظل احتمال أن يفاجئنا الحصان الأسود ويأتي من خارج كل الحسابات والتحليلات، وفِي هذه الحالة سيكون حصاناً أسود بحق.