بطلات الحياة: حكاية فريق اللاجئين الأولمبي

"أبطال رغم الصعاب"، شعار أول فريق للاجئين فى الأولمبياد. يقوم الفريق بتمثيل أكثر من 65 مليون لاجئ فى العالم وهو العدد الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية، ويضم عشرة لاعبين من الشرق الأوسط وأفريقيا، بينهم أربع فتيات من جمهورية الكونغو الديموقراطية وجنوب السودان وسوريا، لكل واحدة منهن حكاية إنسانية تمنحها لقب البطولة عن جدارة حتى وإن لم تحقق ميدالية في ريو دى جانيرو 2016.

عربي بوست
تم النشر: 2016/08/09 الساعة 08:33 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/08/09 الساعة 08:33 بتوقيت غرينتش

"أبطال رغم الصعاب"، شعار أول فريق للاجئين في الأولمبياد. يقوم الفريق بتمثيل أكثر من 65 مليون لاجئ في العالم، وهو العدد الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية، ويضم عشرة لاعبين من الشرق الأوسط وإفريقيا، بينهم أربع فتيات من جمهورية الكونغو الديمقراطية وجنوب السودان وسوريا، لكل واحدة منهن حكاية إنسانية تمنحها لقب البطولة عن جدارة، حتى وإن لم تحقق ميدالية في ريو دى جانيرو 2016.

يولاندي مابيكا
يولاندي مابيكا، لاعبة الجودو، هى الفتاة الأكبر سناً بين فتيات فريق اللاجئين؛ إذ تبلغ 29 عاماً، لم تقضِ منها سوى عشر سنوات برفقة أهلها بقريتها الصغيرة في الكونغو الديمقراطية، المعروفة وقتها بزائير، ففى عام 1998 اندلعت حرب الكونغو الثانية التي نتج عنها مقتل ونزوح الملايين، لم ترَ يولاندي أسرتها منذ ذلك الحين، ولا تزال تذكر آخر يوم لها معهم حين كانت والدتها تعد الطعام، وخرجت يولاندي لتلعب، وفجأة انشقت الأرض عن جنود كثيرين أطلقوا نيراناً كثيفة، ما أفزع يولاندي ودفعها للفرار بعيداً، إلى أن تلقفتها مروحية ونقلتها إلى مركز للأطفال النازحين في العاصمة كينشاسا؛ حيث عاشت يولاندي وتعلمت الجودو.
وفي عام 2013 غادرت يولاندي إلى البرازيل للمشاركة في إحدى بطولات الجودو العالمية، ولسوء الحظ أساء مدربها معاملتها بحرمانها من الطعام ومصادرة جواز سفرها وحبسها داخل قفص حال خسارتها، فلم تجد أمامها فرصة إلا الهرب وطلب اللجوء في البرازيل، لا تعرف يولاندي إن كان أهلها على قيد الحياة، ولكنها تحلم بأن يراها والداها على شاشة التليفزيون، وأن تلتقي بهم مجدداً.

روز لوكونين
العدَّاءة روز لوكونين (23 عاماً)، هي حاملة عَلَم فريق اللاجئين، نزحت مع عائلتها في سن العاشرة من جنوب السودان إلى كينيا، هرباً من أتون الحرب الأهلية الطاحنة التي شهدتها السودان قبل الانفصال، والتي استمرت أكثر من عقدين، وأودت بحياة ما يزيد على مليوني شخص، وتسببت في نزوح الملايين، اكتشفت روز مهارتها في العدو في مخيم كاكوما بكينيا، وهو أحد أكبر المخيمات في العالم؛ إذ يضم عشرات الآلاف من اللاجئين الأفارقة، حصلت لوكونين على المركز الثاني في سباق 100 كم، رغم مشاركتها دون حذاء، فتم اختيارها للمشاركة في الأولمبياد. تحلم العدَّاءة التي عانت طويلاً من ويلات الحرب أن تعود إلى بلدها، وتنظم سباقاً لدعم السلام، وأن تمد يد العون لأسرتها ورفاقها اللاجئين.

أنجلينا لوهاليث
تتشابه قصة أنجلينا، العدَّاءة ذات الواحد وعشرين ربيعاً، مع قصة روز، فهي مثلها من جنوب السودان، وتعيش بمخيم كاكوما، دمرت الحرب قريتها وفرقت بينها وبين أهلها منذ سن السادسة، فلم تلتقِ بهم أو تعلم مصيرهم، ولكنهم كانوا دوماً مصدر إلهام لها، كل ما تتمناه أنجلينا لوالديها أن يكونا قد نجيا من المجاعة التي تعرض لها جنوب السودان في العام الماضي، ولا يزالان على قيد الحياة، وأن تبني بيتاً جميلاً يلتئم شمل أسرتهم فيه.

يسرا مارديني
لم تكن الفتاة السورية يسرا (18 عاماً) تعلم أن السباحة التي عشقتها منذ نعومة أظافرها ستنقذ حياتها وحياة عشرين آخرين في رحلتها الطويلة للنجاة من جحيم الحرب الأهلية السورية بعد قصف منزلها، غادرت مارديني سوريا بصحبة أختها الكبرى سارة في أغسطس/آب 2015، وواجهت الموت في بحر إيجه، عندما تعطل محرك القارب، فقفزت مع شقيقتها واثنين آخرين في البحر لدفع القارب لمدة ثلاث ساعات ونصف حتى شاطئ جزيرة ليسبوس اليونانية، قاومت يسرا الموت والخوف بشجاعة أبطال عظماء، وبابتسامة لم تغادر وجهها الطفولي؛ كيلا يشعر رفيق السفر الأصغر ذو الستة أعوام بأنه على مشارف الموت المحقق، بعد شهر من وصولها اليونان، حطَّت يسرا الرحال في ألمانيا؛ حيث أقامت بمخيم للاجئين والتحقت بأحد الأندية للتدريب على السباحة، تقول يسرا: "لكل اللاجئين أحلام مثلي، آمل أن أحقق شيئاً جيداً من أجلهم، حتى أمنحهم الأمل وألهمهم ألا يتوقفوا أبداً.. يجب أن يكملوا مسيرتهم ولو فقدوا عزيزاً أو شهدوا حرباً أو دمرت منازلهم".

يولاندي وروز وأنجلينا ويسرا حققن انتصارهن الأكبر بإسماع العالم صوت ملايين اللاجئين، لكل لاجئ حكاية خاصة، وأمل وحلم، ولن يكون أبداً مجرد رقم في مخيم، ربما لو أمهل القدر العداءة الصومالية سامية يوسف عمر لكانت اليوم لاعبة في فريق اللاجئين، مثلت سامية بلدها الصومال في أولمبياد بكين 2008 كواحدة من لاعبين اثنين فقط، وشاركت في سباق الـ200 متر، وبرغم حصولها على المركز الأخير حققت رقماً قياسياًً شخصياً وسط تحية الحضور، ظل حلم الأولمبياد يراودها، لكن الظروف القاسية التي تعيشها في بلد أنهكته الحرب حالت دون ذلك، اضطرت سامية إلى ترك مدرستها لرعاية أشقائها، ثم نزحت مع عائلتها إلى مخيم لاجئين خارج العاصمة مقديشو، ولم تستطِع مواصلة التدريب بسبب قلة الموارد ومنع حركة الشباب الصومالية للرياضة، قررت سامية ألا تستسلم، وأن تهاجر إلى أوروبا حتى تتمكن من مواصلة التدريب لأولمبياد لندن، في أبريل/نيسان 2012، بعد اجتيازها نصف الرحلة على متن قارب، غرقت سامية في مياه البحر المتوسط.

ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد