الأذان والتواشيح، قرآن المغرب، مدفع الإفطار، لمّة العائلة، الشوارع الخالية من المارة وقت الإفطار، صلاة القيام، أصوات الأئمة، صلاة التراويح، دروس المساجد والخواطر، اعتكاف العشر الأواخر.
كل هذه المظاهر مُنع منها المسلمون في الشهر الفضيل، وما كان لنا من خيار سوى أن نُعوّض جزءاً من هذه الشعائر والجو الروحي لرمضان بفكرة جديدة تتماشى مع الجو العام وتصل للجمهور في بيته بالمساجد والدروس والمحاضرات.
لذلك فكرنا في مبادرة جديدة سمّيناها "مسجد أونلاين"، ومسجد أونلاين هو مساحة افتراضية عبر الإنترنت، تحاكي واقع المساجد الحقيقية التي تم إغلاقها بعد انتشار الفيروس العالمي كورونا، جاءت فكرته من مجموعة شبابية حرصت على أن يستمر تجمعهم في رمضان بشكل اعتيادي، لكن بطريقة مختلفة حفاظاً على الصحة العامة للجميع.
تقوم فكرة "مسجد أونلاين" على إذاعة المحاضرات والخواطر والأذكار مع مجموعة من العلماء والمشايخ والدعاة، وذلك من خلال التطبيق الأشهر حالياً للاجتماعات العامة والخاصة zoom ثم تسجيلها ورفعها على قناتنا باليوتيوب لمن يودّ الرجوع إلى هذا المحتوى الإيماني الروحاني في وقت لاحق، بدأنا تلك الفكرة مع بداية شهر رمضان بأعداد قليلة من المشاركين، لكن لم يمر الأسبوع الأول في رمضان حتى زاد المشاركون والمتابعون لنا، وبدأت الفكرة تلقى قبولاً واسعاً عند شريحة كبيرة من المحرومين من أجواء المساجد والمشتاقين لنسمات رمضان، بدأنا ببرنامج واحد ثم تبعها مجموعة عبر فيسبوك، وتلاها صفحة خاصة بالمسجد، ثم مجموعات على تطبيق WhatsApp التي قاربت عددها 10 مجموعات حتى الآن، وتزايدت الأعداد حتى تخطت المئات في وقت الاجتماع المباشر على التطبيق ويتابعها آلاف المتابعين في المنصات الأخرى.
"مسجد أونلاين" يتناول يومياً برنامجاً متنوعاً، فيبدأ بعد صلاة الفجر بخاطرة الفجر مع أحد الدعاة، ثم يتبعها تلاوة الأذكار والأدعية المأثورة المتعارف عليها من السنة النبوية، وفي منتصف اليوم محاضرة علمية حول أحكام الصيام وموضوعات متنوعة، ثم يعقبها بساعة زمنية أذكار المساء بصحبة المنشد محمد عباس ويختتم اليوم بخاطرة بعد صلاة التراويح، يشاركنا في مسجد أونلاين مجموعة من الدعاة الكرام من دول مختلفة كفلسطين المحتلة وأمريكا وبريطانيا ومصر وقطر وتركيا والأردن، كما يقدم العلماء والدعاة للجمهور مجموعة من الشباب المشارك في تلك المبادرة.
تميزت هذه المبادرة التي يديرها فريق عمل بأنها جامعة لمفهوم المسجد الواقعي لكن بطريقة سهلة ويسيرة على الجمهور والمتابعين، فأنت لا تحتاج سوى هاتف ذكي والاتصال بشبكة الإنترنت لتكون حاضراً بشكل مباشر مع العلماء والدعاة، ويمكن لأي متابع طرح تساؤل بشكل مباشر ما سهل اتصال الجمهور بالعلماء، كما أننا نستعد قريباً لنطلق دعوة لحوار تفاعلي بين الجمهور والشيخ عكرمة صبري خطيب المسجد الأقصى وبعض الدعاة.
"فتح الله لكم فكرة جميلة جداً"، "أعدتم لنا في مسجد أونلاين روحانيات رمضان وذكريات التراويح والاعتكاف"، "لقد عوّضنا المسجد خيراً بعد ما حُرمنا من المساجد".. كانت هذه الكلمات بعضاً من كلمات المتابعين لنا بشكل دوري ونتلقى منهم دائماً مقترحات لتطوير الفكرة.
المسجد، هو بيت الله العامر بالأنفاس الطيبة، والحرمان منه كانت صدمة كبيرة على كل المسلمين، وسماع الخطب الروحية والدروس الدينية والخواطر كان بمثابة حبل للغريق الذي وجد ضالته في فكرة مسجد أونلاين، وإذا أغلقت المساجد فكل بيوتنا مساجد، ففريق العمل الرئيس يستهدف أن يتم إنشاء 100 ألف مسجد أونلاين على مستوى العالم، كما يعود بالمسجد لدوره الحقيقي في التوعية والإرشاد والترويح عن النفوس المتعبة، التي أنهكها البعد عن المساجد والتائقة لبيوت الله في أرضه.
أنتم مدعوون لتكونوا معنا في المحاضرات اليومية والأذكار وتشاركونا بآرائكم ومقترحاتكم.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.