لا يجب دائماً اتباع الطريق التي رسمها الأقدمون.. ولا اقتفاء تجاربهم بالحرف والنقطة والفاصلة، كيفما كانت..
مصطفى محمود لو مثلاً اتبع تلك الطريق التي ينساب خلفها معظم الأطباء.. دراسة عمل، فتح عيادة، زواج، أطفال، عمل مستمر.. هل كان أحد منا سيسمع عنه أو سيصير ملهم العقول المتطلعة الباحثة عن التغيير، المتعطشة للأجوبة؟
طارق السويدان لو أكمل الطريق التي يقتفيها أي مهندس بترول واشتغل وفتح شركات وأصبح ميليارديراً. هل كنا سنسمع بشيء اسمه الدكتور طارق؟ كم من ميلياردير خليجي موجود.. هل نتابع ونهتم بكل معلومة يقولها كما يفعل أغلب الشباب مع السويدان؟ أبداً.
جيفارا.. المناضل الملهم، ماذا لو فعل كما فعل جميع أبناء الطبقات البرجوازية.. واشتغل طبيباً كما كان. وجمع الملايين وطاف العالم في طائرة كما يفعل البرجوازيون، عوض الدراجة النارية التي دخل بها التاريخ واستحوذ بها على عقول الأحرار.. كم من طبيب عاش في فترته؟ هل نعرف شيئاً عنه؟ هل نستلهم شيئاً من تاريخه؟ أبداً على عكس جيفارا الذي انزاح عن الطريق المرسومة سلفاً.
الشيخ أحمد ياسين.. ماذا لو فعل كما يفعل جميع أصحاب الاحتياجات الخاصة. جلس مستكيناً يشاهد ويتابع. لن يلومه أحد أكيد فهو عاجز في نظر الطريقة التي سطرت مسبقاً لأصحاب الاحتياجات الخاصة. ماذا عسانا كنا نتذكر عنه، لا شيء. لكنه اختار أن يكون طفرة.. اختار الطريق التي رسمها هو.. ولم ترسم له مسبقاً.
لا تتبعوا طرق آبائكم.. ولا أساتذتكم ولا شيوخكم.. ولا أحد.. فلنبحث كل منا على أسطورته، قصته.. على حد قول كويلو. لسنا قطعان ماشية، ولسنا أصفاراً تنضاف إلى جانب الواحد الذي خلق القصة الأولى ونحن على آثاره سائرون.
أن تدرس الطب.. لا يعني أنه إن لم تقتفِ أثر البروفيسور فأنت فاشل.. اخلق قصتك، امزج طبك بشيء آخر.. اخلق مجلدك الخاص.. قصتك الوحيدة.
أن تدرس الهندسة لا يعني بتاتاً أن تكون مهندساً، وفقط.. كن شيئاً مغايراً، امزج هندستك بفن، بكتابة، ببحث.. بأي شيء. لا تكن نسخة عمن سبقوك!
أظن أن أسوأ ما وصله العلم هو الاستنساخ.. وأقبح ما بلغته التجربة البشرية.. الامتثال للقواعد المرسومة المسطرة سلفاً.. هم أموات أحياء.. ونحن أحياء أموات!
كن الاستثناء.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.